زيارة ولي العهد السعودي لمصر.. تعزيز العلاقات التاريخية والاستراتيجية

تقارير وحوارات

السيسي وولي العهد
السيسي وولي العهد السعودي

تأتي زيارة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى مصر في 15 أكتوبر 2024، كخطوة هامة في تعزيز العلاقات الثنائية بين القاهرة والرياض. هذه العلاقات التي تعود إلى عقود من التعاون والشراكة في مختلف المجالات، شهدت نموًا وتوسعًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، خاصة مع التحديات الإقليمية التي تواجه المنطقة.

العلاقات المصرية السعودية تمتد منذ ما يقرب من قرن، حيث أُبرمت أول معاهدة صداقة وحسن جوار بين البلدين في عام 1936. ومنذ ذلك الحين، شهدت العلاقة مراحل متعددة من الدعم والمساندة، مثل دعم السعودية لمصر خلال العدوان الثلاثي في عام 1956، وكذلك مساندتها في حرب أكتوبر 1973 باستخدام سلاح النفط ضد الدول الموالية لإسرائيل.

زيارة ولي العهد تأتي في سياق تعزيز التعاون المشترك في الملفات الأمنية، حيث تسعى القاهرة والرياض إلى توحيد رؤيتهما تجاه قضايا الأمن الإقليمي مثل التهديدات المتعلقة بالملاحة في البحر الأحمر، وكذلك الأزمات الإقليمية في اليمن، سوريا، العراق، ولبنان.

إلى جانب التعاون الأمني، تتناول الزيارة أيضًا جوانب أخرى تشمل المشروعات التنموية، مثل تطوير منطقة “رأس جميلة” في شرم الشيخ، التي تستهدف ضخ استثمارات سعودية تصل إلى 5 مليارات دولار، بهدف تعزيز قطاع السياحة والبنية التحتية في مصر. كما تشمل الزيارة مناقشة زيادة الاستثمارات السعودية في مصر بعد زيارة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إلى الرياض في سبتمبر الماضي.

علاقة مصر والسعودية: شراكة إستراتيجية متعددة الأبعاد

على مدار العقود، لعبت مصر والسعودية دورًا محوريًا في تعزيز الاستقرار بالمنطقة، حيث يجمع البلدين تعاون وثيق في القضايا الإقليمية مثل دعم استقرار اليمن والتنسيق في مواجهة التهديدات الأمنية التي تشمل الإرهاب والميليشيات المسلحة. كما تتشارك الدولتان رؤية مشتركة فيما يتعلق بتعزيز مفهوم الدولة الوطنية والتصدي لتفكك الدول الذي يهدد أمن المنطقة.

اقتصاديًا، تأتي السعودية في مقدمة المستثمرين في مصر، حيث يبلغ حجم الاستثمارات السعودية في مصر نحو 25 مليار دولار، موزعة على قطاعات مثل الطاقة، البنية التحتية، والسياحة. وقد شهدت العلاقات الاقتصادية طفرة كبيرة، خاصة بعد تأسيس “مجلس التنسيق السعودي المصري” الذي يسعى إلى تعزيز التعاون في مجالات مثل النقل، الزراعة، والتعليم.

كما أن التعاون الثقافي والتعليمي بين البلدين يلعب دورًا مهمًا في تعزيز الروابط الشعبية، مع تبادل البعثات التعليمية والمنح الدراسية. وتعتبر المملكة العربية السعودية واحدة من أكبر الشركاء لمصر في مجال المشاريع الكبرى، حيث تشمل هذه الشراكة خططًا لتطوير مشروعات إستراتيجية على نطاق واسع مثل مشروع الربط الكهربائي بين البلدين.

تستمر هذه العلاقة التاريخية في النمو، مستندة إلى رؤية مستقبلية تشمل تعاونًا أوسع في مجالات التكنولوجيا، الطاقة المتجددة، وتطوير البنية التحتية، مما يعزز مكانة البلدين كقوى إقليمية قادرة على تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة في المنطقة.