قمة ثلاثية لتعزيز الحضور المصري في القرن الإفريقي
في ظل التطورات الإقليمية المتسارعة في منطقة القرن الإفريقي، عُقدت قمة ثلاثية جمعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس الإريتري أسياس أفورقي، والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، في العاصمة الإريترية أسمرة. جاءت القمة لتؤكد حرص مصر على تعزيز التعاون الإقليمي ومواجهة التحديات المشتركة التي تواجه المنطقة، وعلى رأسها التوترات المتصاعدة في إقليم أرض الصومال والعلاقات المعقدة بين الدول الإقليمية.
التوقيت الحرج للقمة
تأتي هذه القمة في توقيت بالغ الأهمية، حيث تتصاعد التوترات في القرن الإفريقي، خاصة بعد توقيع إثيوبيا اتفاقية مع إقليم أرض الصومال مطلع هذا العام، التي تمنحها حق استخدام سواحل الإقليم على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية. هذه الاتفاقية أثارت غضب الدول المجاورة، خاصة مصر والصومال، حيث تُعد تهديدًا لوحدة وسلامة الأراضي الصومالية، مما دفع مصر والصومال إلى تعزيز تعاونهما العسكري. ونتيجة لذلك، تم توقيع اتفاق دفاعي بين البلدين في أغسطس 2024، والذي يشمل إرسال معدات عسكرية مصرية وقوات للمشاركة في بعثات حفظ السلام في الصومال.
التقارب المصري-الإريتري
العلاقات المصرية-الإريترية شهدت تطورًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، حيث تسعى القاهرة لتعزيز علاقاتها مع أسمرة لمواجهة السياسات الإثيوبية التوسعية. هذا التقارب تُرجم إلى زيارات رسمية متبادلة بين البلدين، كان آخرها زيارة الرئيس الإريتري إلى القاهرة في فبراير 2024، التي تطرقت إلى سبل تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، بما في ذلك مشاريع تنموية استراتيجية مشتركة في قطاعات الزراعة والتصنيع الدوائي.
أهداف القمة الثلاثية
تهدف القمة إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية، أبرزها:
• بناء رؤية مشتركة حول القضايا الإقليمية: تسعى الدول الثلاث إلى تعزيز استقرار منطقة القرن الإفريقي ودعم وحدة الأراضي الصومالية، مع رفض أي مساس بسيادتها. كما تؤكد على ضرورة احترام القوانين الدولية فيما يتعلق بمشروعات الأنهار العابرة للحدود، خاصة سد النهضة.
• التعاون الأمني: في ظل تزايد التحديات الأمنية في المنطقة، لا سيما الهجمات الإرهابية التي تشنها حركة “الشباب”، تسعى مصر وإريتريا والصومال إلى تعزيز التعاون الأمني لمواجهة هذه التهديدات، حيث تستفيد إريتريا والصومال من الخبرة المصرية في مكافحة الإرهاب.
• أمن البحر الأحمر: يُعد أمن البحر الأحمر من أهم القضايا التي تركز عليها القمة، نظرًا لأهمية الممرات المائية التي تمر عبره للتجارة العالمية. الدول الثلاث تؤكد على ضرورة التنسيق لمنع أي تهديدات من جماعات إرهابية، مثل الحوثيين، التي تسعى لزعزعة استقرار المنطقة.
نحو تحالف إقليمي جديد
تشير التحركات الدبلوماسية الأخيرة إلى أن مصر، إريتريا، والصومال بصدد بلورة تحالف إقليمي جديد يهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة القرن الإفريقي. هذا التحالف يقوم على مبادئ التعاون المشترك، حل النزاعات بالطرق السلمية، واحترام سيادة الدول. ويعكس هذا التحالف رغبة الدول الثلاث في مواجهة التحديات المشتركة وضمان مصالحها الاستراتيجية، خاصة في ظل التوترات المتصاعدة مع إثيوبيا.
هذا وتُعد القمة الثلاثية خطوة محورية نحو تعزيز الحضور المصري في القرن الإفريقي، وهي تؤكد الدور المتنامي لمصر في المنطقة، خاصة في ظل التحديات الجيوسياسية الراهنة.