هل يواصل "المركزي الأوروبي" مسار رفع أسعار الفائدة بعد زيادة الـ0.5% ؟
بعد إقدام البنك المركزي الأوروبي على رفع الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس اليوم، أكدت كريستين لاجارد الاستمرار بتشديد السياسة النقدية وزادت أسعار الفائدة بمعدل 50 نقطة أساس في الولايات المتحدة وإنجلترا ومنطقة اليورو بعد قرارات متتالية من البنوك المركزية لكل منها وبالأمس، قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة بمعدل 50 نقطة أساس لتتراوح بين 4 و4.25%.
وقالت اللجنة إن "المزيد من الزيادات في أسعار فائدة البنك" قد تكون مطلوبة للتعامل مع ما تخشى أن يكون ضغوط تضخم محلية مستمرة بسبب الأسعار والأجور من جهته، رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة نصف نقطة مئوية اليوم، وهي الزيادة الرابعة على التوالي.
منطقة اليورو
ورفع البنك المركزي لمنطقة اليورو التي تضم 19 دولة سعر الفائدة على الإيداع إلى 2% كما كان متوقعا، وأبقى على توقعات تبني المزيد من الرفع.
وقال البنك إن اقتصاد منطقة اليورو قد ينكمش في الربعين الحالي والمقبل بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، لكنه لا يزال يتوقع تحقيق نمو اقتصادي ضعيف عام 2023 وخفض البنك توقعات النمو للعام القادم من 0.9 إلى 0.5%، متوقعا تحقيق نمو أعلى قدره 1.9% في عام 2024 و1.8% في عام 2025 وتتوقع المؤسسة أن يبلغ التضخم 6.3% العام المقبل قبل أن ينخفض إلى 3.4% في عام 2024 و2.3% في عام 2025، ليقترب من هدف 2% بمرور الوقت
رئيسة البنك الاوروبي …مواصلة مسار تشديد السياسة النقدية
وقالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي إنها تتوقع استمرار تشديد السياسة النقدية، مع مساعي السيطرة على التضخم.
وذكرت "كريستين لاجارد" في مؤتمر صحفي عقب قرار السياسة النقدية: "أي شخص يعتقد أننا نتجه لتحويل مسار السياسة النقدية مخطئ، نتوقع رفع الفائدة 50 نقطة أساس لفترة من الوقت".
وأضافت "لاجارد": "لدينا المزيد من المساحة لتغطيتها فيما يتعلق بمحاربة التضخم، لدينا طريق أطول لرفع معدلات الفائدة".
وترى "لاجارد" أن الأسواق المالية لم تأخذ في الحسبان بشكل كاف حجم الصعود في تكاليف الاقتراض التي سيحتاج البنك المركزي لإقراره، للسيطرة على التضخم في منطقة اليورو.
وجاء رفع المركزي الأخير لمعدل الفائدة بما يتوافق مع الخطوات التي اتخذها كل من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وبنك إنجلترا وقرر البنك رفع الفائدة على الإيداع إلى 2% من 1.5%وهو المستوى الأعلى منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، بما يتوافق مع التوقعات.
وجاء ذلك القرار بعدما رفع كل من الاحتياطي الفيدرالي وبنك إنجلترا والمركزي السويسري الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية هذا الأسبوع وذكر أنه اعتبارًا من بداية مارس 2023، سيبدأ البنك في خفض ميزانيته العمومية بمقدار 15 مليار يورو (16 مليار دولار) شهريًا في المتوسط حتى نهاية الربع الثاني من عام 2023.
التضخم يظل … أعلى المستهدف حتى عام 2025
ويتوقع البنك المركزي الأوروبي أن يظل التضخم أعلى من هدفه البالغ 2% للسنوات الثلاث المقبلة، وهو أكثر مما تتوقع الأسواق حاليًا، وفقًا لما ورد عن وكالة "رويترز".
وذكرت الوكالة نقلًا عن مصدر مطلع على الأمر إن التوقعات الجديدة ستبقي التضخم فوق 2% في 2024 وفوقه بقليل في 2025، مما يشير إلى أن معركة البنك ضد الأسعار الجامحة لم تنته بعد ورغم أنه نادرًا ما تثبت توقعات البنك المركزي الأوروبي دقتها، لكن البنك يستخدمها كمرجع في قراراته لأنه يستهدف التضخم على المدى المتوسط، وليس التضخم الحالي.
ومع استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا، أكدت توقعات "المركزي الأوروبي" رؤية تنطوي على تحديات تتضمن نموًا اقتصاديًا بنسبة 0.5% فقط في عام 2023. وفي الوقت نفسه، تم زيادة توقعات التضخم على مدار العامين المقبلين، ليواصل التحرك فوق الهدف البالغ 2% في عام 2025.
ويعتبر سعر الفائدة على الإيداع البالغ 2% قريب من المستوى النظري المحايد الذي لا يقيّد أو يحفز الاقتصاد. لكن دافع العديد من المسؤولين عن مزيد من الزيادات للمعدل إلى المنطقة المقيّدة، في ظل استمرار تأجيج أسعار الطاقة المرتفعة التضخم ويعد السؤال المحوري للمستثمرين الآن هو إلى أي مدى ستصل تكاليف الاقتراض المرتفعة في نهاية المطاف، على الرغم من أنه موضوع لا يزال صانعو السياسة متكتمين حياله.
ماذا يعني رفع أسعار الفائدة؟
رفع أسعار الفائدة، هو معيار يحدد أسعار الفائدة على القروض التي تحصل عليها البنوك من البنك المركزي، وبناء عليها تضع البنوك خططها في آلية احتساب جديدة لأسعار الفائدة على القروض التي تقدمها للعملاء وكلما ارتفع سعر الفائدة الذي يضعه البنك المركزي، تزيد نسبة الفائدة بشكل تلقائي على القروض القائمة والجديدة، بالعملات المقومة بعملة المركزي أو المرتبطة بها.
في حالة الدولار الأمريكي، فإن كلفة الإقراض سترتفع اعتبارا من اليوم على البنوك، وبالتالي على العملاء، وهذا مؤشر سلبي على الاقتصادات الباحثة عن تحفيز الأسواق من خلال وضع نسب فائدة منخفضة إذ سيدفع رفع كلفة الإقراض إلى تراجع وتيرة الإقدام على طلب التسهيلات الائتمانية في الأسواق العالمية، خصوصا بعملة الدولار والعملات المرتبطة به.
ما علاقة الفائدة بالودائع؟
لكن قرار رفع أسعار الفائدة، يحمل جانبا إيجابيا بشكل نسبي على أصحاب الودائع المصرفية لدى البنوك العاملة في الأسواق، إن قرار رفع أسعار الفائدة يعني أيضا أن المودع يحصل على عوائد أعلى.
أي أن المودع بعملة الدولار على سبيل المثال، سيكون أمام فرصة تعزيز ودائعه للحصول على فوائد أعلى مقابل إيداعها لدى البنوك، بسبب قرار رفع أسعار الفائدة وفي مثل هذه الحالات، تشهد العديد من الأسواق ارتفاعا متسارعا في ودائع العملاء لدى القطاعات المصرفية، للاستفادة من نسب الفوائد الصاعدة، في المقابل تتراجع وفرة السيولة داخل الأسواق.
ويعني ذلك، أن الودائع المصرفية أصبحت من إحدى أشكال الاستثمار للأفراد والمؤسسات، من خلال وضعها داخل حسابات مصرفية، وتقاضي فوائد عليها بشكل شهري أو ربع سنوي أو سنوي وهذا هو المغزى من كبح جماح التضخم عبر زيادة أسعار الفائدة، من خلال تقليص حجم الكتلة النقدية داخل الأسواق، وبالتالي يتراجع الاستهلاك والاستثمار، وتعيد الأسواق برمجة القوة الشرائية بناء على السيولة المتوفرة.