محمد الباز يكتب : لمن السيسى اليوم؟

مقالات الرأي


بين رجال عمرو موسى..وتصريحات هيكل.. وأموال رجال الأعمال فى حملة المشير


■ لم يقابل هيكل من 2011 وحتى الآن إلا 3 مرات فقط.. وأحمد أبو هشيمة زار المقر الانتخابى فى التجمع فجأة.. ولم يرحب به أحد

■ 20يوما فقط هى التى سيظهر فيها السيسى مرشحا رئاسيا.. من 5 إلى 25 مايو وقبل ذلك لا لقاءات عامة ولا مقابلات تليفزيونية

■ حملته الفعلية عبارة عن مسئول إدارى ومستشار قانونى ومسئول مالى و2 متحدثين رسميين.. وكل ما عداهم يتعامل معهم على أنهم متطوعون



يلزم عبد الفتاح السيسى نفسه بالمواعيد التى حددتها اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، فهو لن يعمل كمرشح رئاسى إلا بعد أن تعلن اللجنة القائمة النهائية لأسماء المرشحين بعد أن تنتهى من مرحلة فحص الطعون، أى أننا سنظل على هذا الوضع معه حتى 5 مايو القادم.

صحيح أن السيسى قرر أن يلتقى بوفود ومجموعات تمثل الشعب المصرى من جميع المحافظات والفئات والطبقات، وهى اللقاءات التى تكشف عنها أخبار وتقارير إعلامية عديدة.

وصحيح أنه يعمل من خلال مجموعة من المستشارين المقربين لبحث كل صغيرة وكبيرة تتعلق بمسألة ترشحه.

وصحيح أنه رفض أكثر من مرة أن يذكر اسم مرشح آخر بالاسم لا مدحا ولا ذما، وطلب من معاونيه ألا يدخلوا فى معارك جانبية مع المرشحين الآخرين.

إلا أنه لن يقدم نفسه كمرشح رئاسى إلا خلال العشرين يوما من 5 مايو إلى 25 مايو وهو اليوم الذى سيفرض فيه الصمت الانتخابى.. تمهيدا لإجراء الانتخابات يومى 26 و27 مايو القادم.

هنا سأركز عما أبحث عنه تحديدا، وهو ما يتعلق بالحملة الانتخابية للسيسى، التى سبق وأعلن أنها ستكون غير تقليدية، لكن فجأة وجدنا من يسارعون للإعلان عن عضويتهم الفاعلة فى الحملة، وتكليفهم بملفات محددة، بل إن هناك من يتحدث عن لقاءات كثيرة مع المشير.. رغم أنه فعليا خارج مقابلاتهم مع الوفود الشعبية تقريبا لم يقابل أحدا ممن يتردد أنهم أعضاء حملته.

فعليا سيعلن السيسى فريق حملته بشكل نهائى، وهناك من يؤكد أن القائمة النهائية للحملة ستكون مفاجأة، إذ أنها ستخلو من كل الأسماء التى تجتهد فى تصدير نفسها على أنها القائمة بالفعل على الحملة، وقد يكون ما جرى من اختيار الدكتور عبد الله المغازى والدكتورة منى القويضى كمتحدثين رسميين باسم الحملة، دليلا على أن ما روجه أحمد كامل من أنه سيكون المتحدث الإعلامى باسم الحملة، كان مجرد «أمنية» لا أكثر.

يمكن أن نحدد ملامح الحملة الرسمية العاملة مع السيسى الآن، فهى تتكون من مسئول إدارى ومستشار قانونى ومسئول مالى، واثنين متحدثين.

معنى ذلك أن القائمة الطويلة التى تعلن أنها مسئولة عن ملفات فى حملة السيسى لا ينظر إليها إلا على أنها مجموعة متطوعة، فلا أحد تحدث معهم فى شىء، ولا أحد طلب منهم شيئًا، لكن فى الوقت نفسه لا يستطيع أن يمنعهم أحد من الحديث للإعلام.

بعض من أعلنوا انتماءهم للحملة مثل محمد بدران رئيس اتحاد طلاب مصر، والذى يدعمه أحمد أبو هشيمة بدا أنه يمهد لرجل الأعمال أن يقترب من الحملة، وكانت مفاجأة أن المشرفين على المقر الرئيسى للحملة فى التجمع الخامس وجدوا أحمد أبو هشيمة يقوم بزيارتهم بدون سابق موعد أو إتصال، وكان طبيعيا ألا يرحب به أحد، بل هناك من تعمد أن يظهر الاستياء من هذه الزيارة التى جاءت دون استئذان.

صحيح أن هناك عددًا كبيرَا من بين أعضاء حملة عمرو موسى يعملون داخل مقر الحملة، ويتولى عدد منهم التواصل مع الإعلاميين، لكن حتى الآن لم يتم اعتماد هؤلاء بشكل نهائى، بل هم أقرب إلى العمل الإدارى فى الحملة، فالمهمة الأساسية الآن لا تخرج عن فرز التوكيلات التى يتم تجميعها فى المقر، وتنظيم المواعيد واللقاءات التى تتم فى المقر «أعتقد أن تنظيم مواعيد السيسى مع الوفود الشعبية يخرج عن اختصاص المجموعة الموجودة فى المقر».

تأجيل حسم الحملة الانتخابية التى ستعمل مع السيسى فتح الباب لمنح الكثيرين فرصة للحديث عن أدوار هى بالفعل أكبر من الأدوار التى سيقومون بها.

فعمرو موسى استطاع أن يحجز له مساحة متميزة لدى السيسى خلال فترة إعداد الدستور والفترة التى تلتها، وقابل السيسى خلال هذه الفترة مرات قليلة جدا، وكان هو من عرض أن يضع أعضاء حملته فى خدمة السيسى دون أن يتفق معه على شىء.

وربما يكون عمرو موسى قد استغل حكاية الصمت من ناحية السيسى حيال ما يحدث وتجاه ما يصرح به، فهو لا يعلق ولا يعترض على شىء حتى الآن، فبالغ فى دوره فى الحملة، وبالغ رجاله فى دورهم أيضا، فهؤلاء – نعرفهم بالأسماء – الذين يعملون فى حملة السيسى تحت مظلة عمرو موسى يرفعون تقاريرهم إلى محمود كارم المنسق العام للحملة، والذى يرفعها بدوره إلى عمرو موسى قبل أن يرفع إلى أى شخص أو جهة أخرى، وهو ما يمنح الآخرين ممن لم يعملوا مع عمرو موسى شعورا بأن الحملة ليست حملة السيسى ولكنها حملة موسى.

ما حدث ويحدث من عمرو موسى تقريبا يتكرر وإن كان بشكل مختلف مع هيكل، الكاتب الكبير الذى يحلو له أن يطل من الصورة، حتى لو كانت إطلالته متكلفة ومبالغ فيها وغير صادقة أيضا.

تحدث هيكل بلسان السيسى كثيرا، وكعادته فيما يكتب ويتحدث، فالسيسى قال له، والسيسى أخبره، والسيسى استمع منه، والسيسى أنصت لما يقوله، رغم أن هيكل فعليا لم يقابل السيسى إلا 3 مرات فقط فى مكتبه، وكانت اللقاءات الثلاثة بناء على طلب هيكل نفسه، وهو ما تكرر فى عدد محدد ومعدود من المكالمات التليفونية التى دارت بينهما.

لم يكذب هيكل عندما قال إن السيسى ليس لديه برنامج، لكن الحقيقة أن هذه لم تكن فكرة من أفكار هيكل ولا تحليلاً ذهب إليه، بل كان ما أخبره به السيسى شخصيا، وربما تكون هذه حقيقة أخرى تلقى بظلالها على من يعملون فى الحملة.

هناك من بين أعضاء المجموعة الاستشارية فى الحملة – هكذا يقدمون أنفسهم – من أشاروا إلى أنهم يعكفون على إعداد برنامج السيسى، وبعد أن ينتهوا من الصيغة النهائية للبرنامج، سيعرضونها على المشير السيسى لمناقشته فيها قبل إعلان البرنامج بشكل نهائى، وهو تقريبا ما لا يحدث على أرض الواقع.

فطبقا لما يفكر فيه السيسى فهو لن يتقدم ببرنامج انتخابى متكامل إلى الناخبين، بل سيكتفى برؤية وملامح مستقبلية يعمل من خلالها، فالبرنامج التفصيلى – وهذا نابع من خبرات الناخبين ببرامج مرشحى الرئاسة السابقين – تأتى صياغته فى الغالب مبالغًا فيها، فيها طموحات كثيرة وأحلام كبيرة لا يستطيع أحد تحقيقها، ولذلك فالملامح التى سيتقدم بها السيسى إلى الناخبين ستكون فيها إشارات إلى رؤيته فى حل مشاكل مصر، لكن دون الدخول فى تفصيلات يمكن أن تستهلك الوقت والمجهود دون فائدة ترجى من ورائها.

عندما أعلن هيكل منذ شهور أن السيسى حائر لم يكن يتحدث عن حالة رصدها بنفسه، رغم أنه حاول أن يوحى بذلك، بل كان ينقل ما قاله له السيسى واصفا نفسه، فقد ظل لفترة طويلة حائرا بين أن يظل فى منصبه محتفظا ببدلته العسكرية أو أن يستجيب لرغبات الشارع ويرشح نفسه لرئاسة الجمهورية.

هيكل الذى كان يستحل لنفسه أن يتحدث بلسان السيسى وعنه، ربط البعض بينه وبين هانى سرى الدين الذى يروج أنه المسئول الأول عن الجانب الاقتصادى فى الحملة، بل هو من يقوم الآن بإعداد الجانب الاقتصادى فى برنامج السيسى – الذى لن يكون موجودا أصلا – وهناك من يشير إلى أن هيكل هو من أوصى بهانى سرى الدين – الذى هو محامى أولاده فى قضايا الفساد والتربح – ثم إن هانى سرى الدين لا يكتفى بدوره فى الحملة بل يدعى أنه سيكون رئيس الوزراء القادم مع السيسى عندما يدخل قصر الاتحادية.

قد يكون السيسى نفسه مسئولا وبشكل كامل عن حالة اللغط واللخبطة التى تحيط بحملته الرئاسية، وسبب اللخبطة أنه لا يتحدث، لا يعلق، ولا ينفى، ولا يؤكد شيئا على الإطلاق، وإن كنت أرى أنه عندما يعلن حملته الانتخابية ستكون مفاجأة، كثيرون ممن يتحركون الآن ويقدمون أنفسهم على أنهم فى طليعة الحملة سيجدون أنفسهم خارجها، ولن يسمح لهم بالعمل إلا كمتطوعين، وهو ما سيرفضه الكثيرون بالطبع، فلم يدخل هؤلاء حملة السيسى إلا من أجل المكاسب، فإذا اختفت المكاسب اختفوا هم أيضا.