عاجل- حماس في حداد على السنوار: مقتل القائد الأكثر غموضًا في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
يعد مقتل يحيى السنوار، القائد البارز في حركة حماس، أحد أبرز الأحداث في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث فقدت حماس قائدها العسكري الأكثر غموضًا وتأثيرًا. لقد كان السنوار شخصية معقدة، جمع بين المهارات الأمنية والعسكرية، وعرف بقدرته على التخطيط الاستراتيجي والتنظيمي في قيادة كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري للحركة.
برحيله، تدخل حماس مرحلة حداد مؤلمة، في الوقت الذي تستعد فيه لمواجهة تداعيات فقدان قائد كان يُعتبر من أقوى العقول العسكرية في تاريخ المقاومة الفلسطينية.
السنوار: القائد الغامض ذو التأثير العميق
يحيى السنوار، الذي وُلد في مخيم خان يونس بقطاع غزة، نشأ في بيئة مليئة بالتحديات والصراعات، مما جعله ينخرط في العمل المقاوم منذ سن مبكرة، تم اعتقاله في سن العشرين وقضى أكثر من عشرين عامًا في السجون الإسرائيلية.
أثناء فترة اعتقاله، أصبح السنوار رمزًا للصمود الفلسطيني وشخصية يُنظر إليها بالكثير من الاحترام في صفوف الحركة، كما طور قدرات فكرية واستراتيجية مكنته من العودة إلى غزة بعد إطلاق سراحه كقائد بارز.
السنوار كان يمتاز بالغموض والسرية، حيث قلّما كان يظهر في وسائل الإعلام، وركز على العمل خلف الكواليس، مما عزز مكانته كعقل مدبر للعديد من العمليات العسكرية والتكتيكات الميدانية. كان يوصف بأنه صاحب رؤية استراتيجية طويلة الأمد، وكان يشدد على تعزيز القدرات العسكرية لحماس، ليس فقط من خلال التصعيد، بل من خلال بناء ترسانة صاروخية قوية وتقنيات قتالية جديدة.
حداد حماس: خسارة لا تعوض
برحيل يحيى السنوار، دخلت حماس في حالة حداد عميق، إذ يمثل موته خسارة كبيرة على المستوى العسكري والأمني للحركة، كان السنوار يتمتع بنفوذ واسع داخل حماس، حيث نجح في الجمع بين الأدوار العسكرية والسياسية بشكل مثالي، وهو ما جعله أحد أكثر القادة تأثيرًا في حركة المقاومة الفلسطينية.
فقدان السنوار سيخلق فراغًا قياديًا صعبًا داخل الحركة، خاصة في ظل دوره الكبير في توجيه العمليات العسكرية وتنظيم صفوف المقاومة في أوقات التصعيد، كانت له رؤية واضحة حول كيفية الرد على السياسات الإسرائيلية وتطوير القدرات القتالية لحماس لمواجهة الاحتلال، وهو ما جعل مقتله ضربة قاسية للحركة.
الرد المتوقع: تصعيد أم ضبط النفس؟
من المتوقع أن يؤدي مقتل السنوار إلى زيادة التوتر بين حماس وإسرائيل. حماس تعلن دائمًا عن التزامها بالرد على مثل هذه الاغتيالات، خاصة عندما يتعلق الأمر بشخصيات رفيعة المستوى مثل السنوار.
ومع ذلك، فإن الحركة قد تجد نفسها أمام مفترق طرق: فهل سيكون الرد عسكريًا عبر تصعيد الهجمات ضد إسرائيل؟ أم أن حماس ستختار ضبط النفس في هذه المرحلة وتنتظر فرصة أكثر ملائمة للرد؟
السنوار كان يشدد على أهمية الردع العسكري، ولكنه كان أيضًا شخصية براغماتية في اتخاذ القرارات ومع غيابه، قد تتباين وجهات النظر داخل القيادة حول كيفية الرد على مقتله، وقد يكون هناك تردد حول كيفية التعامل مع الوضع الحالي في ظل التوترات المستمرة في المنطقة.
الغموض حول مستقبل حماس بعد السنوار
برحيل السنوار، ستواجه حماس تحديًا كبيرًا في إعادة تنظيم صفوفها وتحديد القيادة الجديدة التي ستحل مكانه، السنوار كان يتمتع بخبرة فريدة في مجال التخطيط العسكري والتفاوض، مما يجعله شخصية يصعب تعويضها بسهولة، فمن سيخلف السنوار في قيادة كتائب القسام؟ وكيف ستتأثر استراتيجيات المقاومة بعد رحيله؟
من المؤكد أن حماس تمتلك قيادات عسكرية أخرى قادرة على تحمل المسؤولية، مثل محمد الضيف، ولكن غياب السنوار قد يؤدي إلى بعض التغيرات في هيكل القيادة وأولويات الحركة في المرحلة المقبلة.
السنوار كان يجمع بين الصرامة العسكرية والحنكة السياسية، وهو ما قد يؤدي إلى بعض التحديات في الحفاظ على التوازن داخل الحركة.
تداعيات إقليمية ومحلية
مقتل السنوار لا يؤثر فقط على حماس، بل يمتد تأثيره إلى الساحة الفلسطينية والإقليمية بشكل أوسع. داخليًا، قد يؤدي مقتله إلى تعزيز روح المقاومة بين الفلسطينيين، وزيادة الدعم الشعبي لحماس باعتبارها القوة الرئيسية التي تتصدى للاحتلال.
كما أن الحركة ستستفيد من الدعم الإقليمي من حلفائها في المنطقة، الذين قد يرون في مقتل السنوار تصعيدًا إسرائيليًا يستدعي ردًا قويًا.
إقليميًا، قد تكون إيران وحزب الله أبرز الداعمين لحماس في هذه المرحلة، حيث سيتعزز التعاون بين هذه الأطراف من أجل مواجهة التصعيد الإسرائيلي.
ومع ذلك، فإن مقتل السنوار قد يعزز الضغوط الدولية على حماس، خاصة من بعض الدول الغربية التي تعتبر استهداف القادة العسكريين تهديدًا للاستقرار في المنطقة.
مرحلة جديدة من الصراع
رحيل يحيى السنوار يمثل لحظة فارقة في مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. بينما تشهد حماس حالة من الحداد العميق على قائدها الأكثر غموضًا وقوة، يواجه الاحتلال الإسرائيلي حالة من القلق والاستنفار تخوفًا من ردود الفعل القادمة.
في ظل هذه التطورات، يبقى السؤال الرئيسي: كيف ستتعامل حماس مع غياب قائدها العسكري الكبير؟ وهل سيكون مقتله بداية لمرحلة جديدة من التصعيد العسكري، أم أن الحركة ستتجه نحو ضبط النفس في المرحلة الحالية؟
ما هو مؤكد أن الصراع بين حماس وإسرائيل لن يبقى على حاله بعد مقتل السنوار، وأن تداعيات هذه الحادثة ستظل تلقي بظلالها على مستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في الأشهر والسنوات القادمة.