حسين معوض يكتبب : حكومة الببلاوى.. 100 يوم صعب

مقالات الرأي

حسين معوض يكتبب :
حسين معوض يكتبب : حكومة الببلاوى.. 100 يوم صعب

بدون وعد.. مرت أول 100 يوم فى عمر الحكومة الانتقالية، يرى البعض أن أيام حكومة الدكتور حازم الببلاوى لم تختلف كثيرا عن أيام حكومة هشام قنديل، ولا حكومات مبارك، فقر وبطالة وغلاء، إضافة إلى تزايد حدة العنف، وانتشار الإرهاب والقتل أمام الكنائس وأقسام الشرطة وفى سيناء جنوبها وشمالها.. الفارق الوحيد بين حكومة الببلاوى وحكومة الإخوان أن حكومة الببلاوى لم تخلق عدوا وهميا تلقى عليه بفشلها، لم تحدثنا عن الدولة العميقة، ولا عن «الصوابع» التى تلعب فى الوطن، ولم تنسب لنفسها إنجازا أو تدعى لنفسها نهضة، وفى البداية هى لم تقدم لنا وعدا، فهى حكومة تقلدت المسئولية فى أعتى موجات الثورة التى خرجت إلى الشوارع من جديد فى 30 يونيو.. حكومة قبلت بالمسئولية وهى تعلم أنها تقف على حافة جسر الانتحار السياسى، وكان قبول حازم الببلاوى نفسه رئاسة الحكومة جرأة نحسده عليها، فالرجل يعرف أن كل الازمات المتراكمة من عهد مبارك إلى المجلس العسكرى إلى حكم الإخوان، كلها أزمات سوف يتحمل وزرها، ويعلم أن الجميع سوف يحملونه المسئولية، ولن يشفع له أنه حكومة إنقاذ أو حكومة تسيير أعمال أو حكومة مؤقتة، وبالفعل حصل الببلاوى وفريقه الحكومى على نصيب الأسد من النقد خلال الأيام الأخيرة.

لقد اخفقت حكومة الببلاوى فى تحقيق طموحات وآمال الثائرين، خاصة أن الإنجاز الأكبر الذى بدأت به الحكومة، وهو التخلص من حكم الإخوان، ليس للحكومة فضل فيه، فهو إنجاز حققه الشعب بعد انحياز الجيش لإرادته، والمعركة ضد الإرهاب ليست معركة الببلاوى وحكومته، فهى معركة خاصة يراها الناس معركة خاصة للفريق عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع، الرجل الذى طلب تفويضا لمحاربة الإرهاب، وحصل على التفويض، وبالتالى يدير المعركة وحده، ونجاحها وفشله له أو عليه.

معركة الببلاوى وحكومته هى لقمة العيش، أول شعارات الثورتين الأولى والثانية، ولغة الأرقام لا تنصف حكومة الببلاوى، فالموازنة مستنزفة بالديون والعجز والدعم والمرتبات، والموارد تتراجع بعد ضرب السياحة والاسثمار المباشر وغير المباشر وتعثر المصانع والشركات، ولا يملك الرجل عصى سحرية يعيد بها للاقتصاد عافيته.

لا تملك حكومة الببلاوى نموذجا مثاليا تسير عليه، كل الحكومات التى تناوبت على مصر بعد الثورة لم يرض عنها أحد، ولم تنجح فى تحقيق الحد الادنى لطموحات الشعب الثائر.. إضافة إلى الهاجس الأمنى الذى يدفع حكومة الببلاوى لتبنى قانون التظاهر، وهو ما أفقد هذه الحكومة تعاطف الطبقة الثائرة أو الشباب وقود الثورتين، الهاجس الأمنى أيضا وجد فيه رجال الداخلية مبررا للعودة لسيرتهم الأولى، السيرة التى اشعلت ثورة يناير، العودة إلى عصر التعذيب.

الغريب أن الخوف من فشل الحكومة أكبر عند الناس من خوفهم من الإرهاب الذى تتسع دائرته كلما فقد الإخوان الأمل فى العودة إلى السلطة.. الأمل الوحيد لهذه الحكومة الآن هو انتهاء المرحلة الانتقالية حسب ما رسمته خارطة الطريق، بعد إقرار الدستور وانتخاب مجلس الشعب ثم الرئيس ثم تشكيل الحكومة الجديدة.

كل هذا لا يبرر للحكومة أداءها المتواضع سواء فى ملف الصحة أو التعليم أو الخدمات والمرافق، ففى النهاية حكومة الببلاوى ليست حكومة ثورة، ولكنها حكومة تسيير أعمال إن جاز التعبير، ولا يجوز لحكومة تحمل هذا التوصيف أن تتحول إلى حكومة تجميد الأعمال، فطالما قبل الببلاوى ووزراؤه بالمسئولية فعليهم أن يقبلوا بالحساب.. فالثورة لم تهدأ فى النفوس حتى الآن، وعودتها للشارع يربك كل الحسابات، وسكان العشوائيات لن ينتظروا وعود أهل السياسة.