فرحانه وزكريا وعبد الواحد وشحاته وموسى أبطال منسيين فى حرب أكتوبر


محمد الصياد

تبقى حرب أكتوبر دائماً في الذاكرة المصرية والعربية بل والاسرائيلية على حد سواء، ويظل انتصار أكتوبر لأكثر من 37 عاماً مختزلاً في إنجاز الضربة الجوية، حيث أنها فتحت باب الحرية وكأن القوات الجوية وحدها من قامت بالحرب، ولا يعد هذا انتقاصاً من دور القوات الجوية في حرب أكتوبر المجيدة .

وتلقي الفجر اليوم الضوء على بطولات دفنت تحت ركام سنوات النسيان وما يسمى بالسلام علاوة على اختلاف اهتمامات الشباب اليوم.


فرحانة سلامة :المرأة التي حطمت أنف الصهاينة

لم تحمل هذه السيدة أي رتبة عسكرية ولكن ما قامت به من أعمال يدل على ان المرأة المصرية كانت شريكة النصر، فهذه السيدة بنت مدينة العريش، أثرت ألا تترك المعتدي يحتل أراضيها ووطنها، حيث قامت بما قد يعجز عنه أشد الرجال في ظل ظروف شديدة الخطورة.

وكانت أول عملية تقوم بها الست فرحانة هي عملية تفجير قطار في العريش، فقد قامت بزرع قنبلة قبل لحظات من قدوم القطار الذي كان محملاً ببضائع لخدمة جيش الاحتلال وبعض الأسلحة وعدد من الجنود الإسرائيليين، وفي دقائق معدودة كان القطار متفجراً بالكامل.

وتوالت العمليات التي قامت بها بعد ذلك، فقد كانت تترقب سيارات الجنود الإسرائيليين التي كانت منتشرة في صحراء سيناء وقبل قدوم السيارة تقوم بإشعال فتيل القنبلة وتتركها بسرعة أمام السيارة التي تتحول في لحظات إلى قطع متناثرة ومحترقة متفرقة، وقالت: لقد أعطينا الجنود الإسرائيليين دروساً لن ينسوها طوال حياتهم .

علاوة على عمليات توصيل الأسلحة والذخائر والمتفجرات إلى مقاتلي سيناء خلف خطوط العدو وتعرضها أكثر من مره للتفتيش والمخاطرة بحياتها في سبيل هدف واحد وهو تحرير الارض.

محمد عبده موسي : فدائي الصاعقة الذي أثبت أن المصريون قادرون على النصر

انضم إلى وحدات الصاعقة في عام 1961، ثم انضم إلى مدرسة الصاعقة كمدرس في القسم الجبلي، وشارك ايضاً ضمن مجموعة من أفراد الصاعقة منهم النقيب أحمد رجائي عطية واخرين في انشاء مدرسة الصاعقة الجزائرية وصد النزاعات الحدودية بين الجزائر والمغرب .

وبعد انتهاء تلك المهمة عاد مرة اخرى إلى مدرسة الصاعقة حتى أتت أحداث يونيو المتتالية، ومنها تحويل مدرسة الصاعقة إلى كتيبه من معلميها وضباطها كاستعداد لأي عمليات .

وفى اليوم الثاني للحرب تم نقل محمد عبده موسى إلى القنطرة غرب، وكانت أولى المهام هي نقل كوبري وتحريكه حتى ﻻ يستخدمه اليهود للعبور إلى الغرب قبل الثانية عشر ليلاً.

وبعد وقف إطلاق النار كانت هناك جماعتين من الصاعقة إحداهما يقودها محمد عبده وأخرى بها عبدالخالق جاد المولى ، وهو جندي اتسم بالشجاعة من أبناء الشرقية، حاولوا عبثا العثور على أي طعام فوجدوا قطار على الضفة الشرقية صباحا وبالقرب منه حوالى 14 جندياً اسرائيلياً , فأقترح عبد الخالق ان يبادر بضرب هذه المجموعة الإسرائيلية .

وبالفعل وافق عبده على هذه الفكرة الفردية، فعبروا بالسباحة إلى سيناء واستتر عبده أعلى القطار وعبدالخالق اسفله، وبالفعل بدأ عبد الخالق وعبده موسى بفتح النيران من اليمين الى اليسار لكى يحصدوا اكبر عدد منهم، وبالفعل سقطت اغلب المجموعة في غفلة منهم، ورد الباقي على مصدر النيران بالقطار فقفز عبده الى الفاصل بين القطار والقناه ولحق به عبد الخالق جاد المولى، وعبروا سريعاً إلى الضفة الغربية قبل ان يكتشفهم احد .

وبدأ الهدوء يسود الجبهة والشاردين كانت تجمعهم وتساعدهم الوحدات التي تم وضعها بشكل سريع على المواجهة، و انتشر الحديث عن وجود سيدة بدوية تبلغ عن ما تبقى من قواتنا المنسحبة، فعبر عبده موسى ومعه زميل من الصاعقة واحضروا السيدة وقاموا بتصفيتها .

وما ان بدأ الشاذلي يتولى قيادة القوات الخاصة حتى عاد عبده إلى قيادة الصاعقة مرة اخرى، حتى أتى عصام الدالي واختاره لكى ينضم إلى فرع الخدمة السرية بالمخابرات الحربية , ثم انضمت المجموعة 39 قتال الى فرع العمليات الخاصة بالمخابرات، وانضمت فصيله من الصاعقة البحرية ثم سريه من الصاعقة .

سعد شحاته : من أبطال الفرقة 16 مشاة

جندي مصري من ابطال الفرقة 16 المشاة، والذي تعرض للأسر وأحتجز في اسرائيل في يوم السادس من أكتوبر، الساعة الثانية وخمس دقائق ظهراً، وكان البطل ضمن مجموعته داخل سيناء بعمق 15 كيلو متر، تلك اللحظة التي بكي فيها عند رفع العلم على خط بارليف ، وقد قام ضمن مجموعته باصطياد 22 دبابة إسرائيلية وأسر الكثير من جنود جيش اليهود.

أُصيب سعد شحاته بأربع طلقات في انحاء جسمه ومكث يومين فاقداً للوعي إلى أن التقطته مجموعة تابعه لجيش الاحتلال الاسرائيلي إلى داخل اسرائيل ليمكث في سجون العدو قرابة 6 أشهر ونصف إلى أن تم إعادته للقاهرة مره أخرى.

رائد طيار جمال عبد الواحد : ضحى بنفسه ونزل بطائرته ليحطم 4 طائرات للعدو

كان أحد أسراب الطائرات التابعة للقوات الجوية المصرية والمكون من ست طائرات ميج 21 في اتجاهها للشرق لضرب مطار المليز بوسط سيناء يوم 10 أكتوبر 1973، وصعدت فوراً طائرات الميراج الإسرائيلية لاعتراضها، وبعد القتال والاشتباكات أمر قائد السرب طياريه بالعودة لإعادة التموين والتسليح فالغارة قد نجحت في إصابة ممر بالمطار وطائرة إسرائيلية تركت عموداً من الدخان على أرض المطار واستدارت الطائرات للعودة .

ولمح الرائد طيار جمال عبد الواحد - أربع طائرات ميراج على أحد ممرات المطار اليهودي تستعد للإقلاع فأبلغ قائد السرب الذى صمم على العودة وعدم الاشتباك مع العدو لحين إعادة التسليح وملء الوقود، ولم يقتنع الرائد جمال ورأى فرصة قرر أن يستغلها فوراً فانفصل عن التشكيل متجاهلاً نداءات قائد السرب ونداء زملاءه الطيارين واكتفى بنطق الشهادتين مرارا حتى انقطع الاتصال به تماماً وسط دهشة ودموع زملاؤه، فقد نزل بطيارته وسط الأربع طائرات بطياريها مما أدى لتدمير الطائرات تماماً ومصرع طياريها وإصابة المدرج الرئيسي للطيران بخسائر جسيمة أوقفت المطار عن العمل

سيد زكريا : أسد سيناء الذي حكي قصته اليهود

لم يعرف احد عنه أي شيء إلا في العام 1996 عندما اعترف جندي إسرائيلي لأول مرة للسفير المصري في ألمانيا بأنه قتل الجندي المصري سيد زكريا خليل، مؤكدا أنه مقاتل فذ ‏وأنه قاتل حتى الموت وتمكن من قتل‏22‏ إسرائيليا‏ بمفرده‏.

بدأت قصة الشهيد بصدور التعليمات في أكتوبر‏73‏ لطاقمه المكون من ‏8‏ أفراد بالصعود إلى جبل (الجلالة) بمنطقة رأس ملعب، وقبل الوصول إلى الجبل استشهد أحد الثمانية في حقل ألغام، ثم صدرت التعليمات من قائد المجموعة النقيب صفى الدين غازي بالاختفاء خلف إحدى التباب وإقامة دفاع دائري حولها على اعتبار أنها تصلح لصد أي هجوم، وعندئذ ظهر اثنان من بدو سيناء يحذران الطاقم من وجود نقطة شرطة إسرائيلية قريبة في اتجاه معين وبعد انصرافهما زمجرت‏50‏ دبابة معادية تحميها طائرتان هليكوبتر وانكمشت المجموعة تحبس أنفاسها حتى تمر هذه القوات ولتستعد لتنفيذ المهمة المكلفة بها.

كما استدعى الإسرائيليون طائرات جديدة أبرت جنودا بلغ عددهم مائة جندي اشتبك معهم أسد سيناء، وفى هذه اللحظة استشهد قائد المجموعة النقيب صفى الدين غازي بعد رفضه الإستسلام، ومع استمرار المعركة غير المتكافئة استشهد جميع أفراد الوحدة واحدا تلو الآخر، ولم يبق غير أسد سيناء مع زميله أحمد الدفتار في مواجهة الطائرات وجنود المظلات المائة، حيث نفدت ذخيرتهما، ثم حانت لحظة الشهادة وتسلل جندي إسرائيلي خلف البطل وأفرغ في جسده الطاهر خزانة كاملة من الرصاصات ليستشهد على الفور ويسيل دمه الذكي على رمال سيناء الطاهرة بعد أن كتب اسمه بأحرف من نور في سجل الخالدين.