"أبو العز الحريري" .. عاش مُناضلاً من أجل الكرامة الإنسانية .. ومات قبل أن يحصد ثمار نضاله


هند خليفة

اشتهر بنضاله والمعارضة تحت قبة البرلمان حيث عرف بـ النائب المشاغب ، فوقف ضد الفساد وفتح الملفات المتعلقة به، وبدأ نضاله أمام الرئيس الراحل محمد أنور السادات، ثم مبارك ونظامه، كان لسانه دائماً يهتف بمطالب الشعب من عيش وحرية وكرامة إنسانية وعاش مناضلاً من أجلهم ومنعه القدر بوفاته من أن يحصد ثمار نضاله الذي استمر مدى حياته.

أصغر نائب بالبرلمان

أبو العز الحريري، اسمه كاملاً أبو العز حسن على الحريري ، من مواليد 2 يونيو 1946، بالإسكندرية تحديداً بمنطقة كرموز.

بدأ نضاله السياسي في بداية عمره حيث كان من أصغر نواب البرلمان حيث دخله شاباً في برلمان 1976 وهو كان عمره ثلاثون عاماً، ممثلاً لدائرة كرموز بالإسكندرية، اتسم بالانحياز إلى ثورة 23 يوليو 1952، وظل معارضًا شرسًا لسياسات السادات تحت قبة البرلمان مع كوكبة أخرى من نواب الإسكندرية، أبرزهم الدكتور محمود القاضى، وعادل عيد، وكمال أحمد، وكان رفضه لاتفاقية كامب ديفيد هو أيقونته مع 12 نائبًا آخرين، مما اضطر السادات إلى حل المجلس، وإجراء انتخابات جديدة ، فخرج الحريري من البرلمان، لكنه بقى على عهده مناضلًا صلبًا ضد الفساد، والانحياز لصالح الأغنياء، وتعرض للاعتقال فى حملة 5 سبتمبر 1981 ضمن آلاف المعتقلين من مختلف التيارات السياسية، ليعود مرة أخرى نائباً بالبرلمان بعد اغتيال السادات عن نفس الدائرة كرموز في عام 1984.

سر العلامة في وجهه

يذكر أن هناك علامة متواجدة على خد الحريري، مميزة له وهي إصابة ناتجة عن تعرضه لهجوم من مسلحين بأسلحة بيضاء أيام معارضته لسياسات الرئيس الأسبق أنور السادات وكانت الطعنة بالسكين موجهة إلى عنقه، لكن الضربة جاءت في خده الأيسر.

الحرب ضد الفساد

ترك الحريري العمل البرلماني لعدة سنوات وعاد له مجدداً في عام 2000 في نفس الدائرة كرموز ، ليجد نفسه في حرب مع الفساد الذي كان يتمثل في ذلك الوقت في الرئيس مبارك ونظامه وحزبه ، ليمارس جميع حقوقه الدستورية في انتقاد السلطة التنفيذية، واشتهر الحريري باستخدام الأدوات البرلمانية من أسئلة وطلبات إحاطة واستجوابات كاشفاً فساد النظام والحزب الوطني، حيث دخل العديد من المعارك مع كبار الشخصيات والمسئولين سواء في الحكومة أو الحزب الوطني.

وكانت من أشهر معاركه بالبرلمان اشتباكه مع أحمد عز في بداية صعوده وسيطرته علي الحزب الوطني من خلال صداقته للابن المدلل جمال مبارك وتشكيل لجنة سياسات ، فقدم العديد من الاستجوابات ضد أحمد عز كاشفاً وفاضحاً استيلاءه علي شركة حديد الدخيلة بالتواطؤ مع الحكومة ليصبح المحتكر الأول للحديد، ويتحكم في أسعار الحديد وكل السلع المتعلقة به.

ولم يكتف الحريري بنقده الحزب الوطني ورجاله المحتكرين وإنما انتقد سياسات حزب التجمع الذي كان ينتمي إليه، والذي شارك في تأسيسه وخاض عنه الانتخابات في دائرة كرموز ، وشغل منذ مطلع الألفية الثانية موقع نائب رئيس الحزب اليساري العتيد، وأصدر صحيفة باسم التجمع ، لكن لم يكتب لها الاستمرار، ورفض الحريري خلال انتقاده للتجمع أي تنازل عن سياسة الحزب الداعية إلي التغيير، وانتقد صفقات الحزب مع الحزب الوطني والحكومة وشراء الدماغ من التزوير الذي تمارسه السلطة مقابل تعيين هنا أو هناك .

تأسيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي

شارك أبوالعز الحريري في ثورة 25 ينايروكان من مؤسسي حركة كفاية، وبعد الثورة أعلن تأسيس حزب التحالف االشعبي الاشتراكي من أجل تحقيق أهدافها التي انطلقت من أجلها، والتي وصفها بأنها نفس الأهداف التي يتبناها الفكر الاشتراكي عيش - حرية - عدالة اجتماعية و حصل على عضوية مجلس الشعب لدورة جديدة في عام 2012 عن تحالف الثورة مستمرة، وكان أبرز موقف له بالبرلمان حينما هاجم المجلس العسكري بقوة في بداية الجلسات وقال ان مكان المشير طنطاوي هو السجن بجوار الرئيس المخلوع حسني مبارك.

وتقدم حزب التحالف الشعبى الاشتراكى بطرح البرلماني البارز أبو العز الحريري للترشح لانتخابات الرئاسة 2012، متخذاً شعار الثورة مستمرة .

مرضه ووفاته

نقل الحريري إلى المستشفى بعد أن تعرض لأزمة صحية مفاجئة، وكان الفريق أول صدقي صبحي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، أمر بعلاجه، على نفقة القوات المسلحة وتوفير كافة الرعاية الطبية والعلاجية اللازمة له، تقديرًا لمواقفه الوطنية.

وقد توفي أمس وأعلن نجله هيثم الحريري، وفاة والده مؤكدا أن صلاة الجنازة ستكون اليوم الخميس بمسجد أولاد الشيخ بمحرم بك بالإسكندرية، بينما دفن الجثمان بمقابر الأسرة في برج العرب.