ننشر نص خطاب "حمدين صباحى" الموجه الى رئيس الجمهورية

أخبار مصر


قام حمدين صباحى المرشح الرئاسى السابق و المحتمل الحالى ، باتخاذ خطوة بالتحدث عن قطاع كبير من القوى السياسية و الحركات ، حيث قدم خطاب الى الرئيس عدلى منصور خلال جلسة الحوار الوطن التي عقدت بمقر رئاسة الجمهورية ، اليوم الاربعاء ، يتضمن المطالبة بإلغاء تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية .

و جاء نص الخطاب على النحو التالى :

بسم الله الرحمن الرحيم

السيد المستشار/ عدلي منصور رئيس جمهورية مصر العربية

تحية طيبة وبعد،،،

أكتب إلى سيادتكم هذا الخطاب بصفتى - قبل أي شيء - مواطنا مصريا يحرص كل الحرص على أن تحافظ بلاده على مكتسبات ديمقراطية دفع مواطنوها ثمنا غاليا لاكتسابها، ولن يسمحوا بالتنازل عنها، ثم بصفتي مرشح محتمل في الانتخابات الرئاسية القادمة – حال إقرار اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية بذلك - يفضل أن يخوض معركة انتخابية نزيهة وعادلة على أن يكسب تلك المعركة مطعونا على دستورية القانون الذي ينظمها. وأخاطب سيادتكم بصفتكم رئيسا لمصر، وتمتلكون أيضا سلطة التشريع في غياب البرلمان، وهو ما يجعلكم في موقع المسئولية المباشرة للحفاظ على مكتسبات شعبنا للديمقراطية، ثم بصفتكم قاضيا جليلا وعلما من أعلام المحكمة الدستورية العليا نثق في تقديسه واحترامه لمبادئ الدستور والقانون، والتزامه بهما مهما كانت الظروف أو الضغوط.

سيادة الرئيس

لقد استقبلنا بدهشة كغيرنا من أبناء الوطن وخبرائه الدستوريين، ورجال القانون والسياسة ومعظم القوى الوطنية المعبرة عن تيارات سياسية مختلفة، ما تضمنه قانون الانتخابات الرئاسية من تحصين لقرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية ضد الطعن عليها قضائيا. وكان أحد مصادر دهشتنا أن هذا القانون قد عرض على رئاسة الجمهورية بدون نص التحصين، وعاد من قسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة الموقر وهو الجهة المنوط بها مراجعة التشريعات قبل إصدارها، وقد أكد على رفضه للتحصين، متضمنا آلية لسرعة الفصل في الطعون في مدة محدده قصيرة بما يحقق احترام الدستور وعدم تعريض النظام السياسي لأية اهتزازات. فصدر باسمكم يحمل هذا المبدأ الذي رفضته معظم القوى الوطنية.

وقد آثرت أن أخاطب سيادتكم مباشرة على أمل أن تتصدوا لتصويب هذا العوار في أقرب وقت ممكن، ولأنقل رأيي واعتراضي على هذه المادة مصحوبا بالأسباب الدستورية، والقانونية، والسياسية، وهي:

1- المادة 7 التي تحصن قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية ضد الطعن القضائي تخالف مخالفة صريحة المادة 97 من الدستور التي تنص على التقاضى حق مصون ومكفول للكافة. وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضي، وتعمل على سرعة الفصل في القضايا، ويحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، ولا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي، والمحاكـم الاستثنائية محظورة . 2- الاحتجاج بالمادة 228 من الدستور التي تنص على استمرار اللجنة السابقة للإشراف على الانتخابات الحالية مردود عليه بأن تلك المادة لم تنص إطلاقا على استمرار القواعد القانونية السابقة التي ألغيت بالنص الدستوري المستحدث. 3- إن مخالفة مادة صريحة في الدستور بعد إقراره بأقل من شهرين أمر غير مقبول، ولن يكون في مصلحة الوطن، وسيجعل من الدستور الذي شاركنا جميعا في جهد تحضيره وكتابته ومناقشته ودعمه وإقراره في الاستفتاء مجرد حبر على ورق، وستصبح الدولة المصرية أول من يخالف الدستور بشكل يعطي مجالا للكثيرين بالداخل والخارج في اهتزاز الثقة بها. 4- الحديث عن أن الانتخابات الرئاسية الماضية أجريت في ظل تحصين اللجنة يتجاهل حقيقة شديدة الأهمية وهي أن القانون المنظم للانتخابات الرئاسية السابقة تم إعداده وفقا للإعلان الدستوري الذي استفتي عليه الشعب في مارس 2011، ووافق فيه أغلبية الشعب المصري على تحصين اللجنة، وقد انتفى هذا الأمر الآن بموافقة الأغلبية العظمى من المصريين في الاستفتاء على الدستور الحالي المتضمن النص المستحدث الذي يحظر التحصين. 5- إن تحصين قرارات اللجنة لا يحقق استقرارًا للنظام السياسي كما يذهب البعض، بل على العكس تماما يفضي إلى زعزعة الاستقرار بتعريض الرئيس المنتخب للطعن على شرعيته ما دام القانون الذي نظم عمليه انتخابه معرضا للطعن عليه بعدم الدستورية. كل هذا يجعل لزاما على الجميع إعادة النظر في هذا الأمر لتجنب ما قد يثيره من عدم استقرار لن يكون في صالح الوطن ولا الرئيس القادم أيا كان شخصه.

سيادة الرئيس

نتفق مع الرأي بأن الأوضاع السياسية للبلاد لا تحتمل إجراء الانتخابات الرئاسية القادمة على فترة طويلة تصل لعدة أشهر، حال تم الطعن قضائيا على كل قرار من القرارات الخمس عشرة للجنة كما وردت في المادة السادسة من القانون، إلا أنه في نفس الوقت، يصعب القبول بالإخلال بمواد دستورية تم الاستفتاء والموافقة عليها من قبل الشعب. وفي سبيل تجاوز هذا الخلاف، قد ترون سيادتكم التمييز بين قرارات اللجنة التي من شأنها أن تؤثر بشكل جوهري ومباشر في نتيجة الانتخابات، وهي ما تستوجب الطعن عليها قضائيا احترامًا للدستور وصونا لنزاهة الانتخابات، وبين القرارات التي من شأنها أن تنظم عمل اللجنة والعملية الانتخابية ولا تؤثر بشكل مباشر في نتيجة الانتخابات.

إن اعتراضنا على تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية ضد الطعن عليها قضائيا، ليس تشكيكا في نزاهة اللجنة أو أعضائها الموقرين، واثق تمام الثقة في نزاهة وعدالة أعضاء اللجنة من شيوخ القضاء في مصر، وإنما هو اعتراض على الإخلال بمادة دستورية أقرت من قبل الشعب، والتي من شأنها أن تشوب العملية الانتخابية ككل. إننا نثق في وطنيتكم، وحسن تقديركم للأمور، وقدرتكم على العودة إلى الحق إن رأيتموه حقا. ونثق في قدرتنا على استيعاب ردكم والاقتناع بمضمونه إن كان يحمل من العلم ما لا نعلم. وهذا هو السبيل الوحيد لرفعة هذا الوطن، أن يستمع كل منا إلى الآخر ويبادله الحجة بالحجة ولا يكابر في الحق ولا يأبى العودة إلى الصواب إن رآه صوابا.

نتطلع إلى ردكم الكريم وفقكم الله إلى ما فيه الخير والعدل والحرية لهذا الشعب العظيم. وتقبلوا خالص معاني الاحترام والتقدير...

القاهرة 12 / 3 / 2014 حمدين صباحي