هيثم عصام يكتب

ركن القراء


هيثم عصام

لا أبالغ إن قلت أن حكومة المهندس إبراهيم محلب أو حتى سابقتها حكومة الدكتور البيبلاوى وعلى الرغم من نواحى قصور سُجلت عليها ونأتى على ذكرها فى السطور القادمة وكانت نتيجتها الإستقالة أو ربما الإقالة تعد أصعب حكومات مصر فى التاريخ المعاصر .لا شك أن هذه الصعوبة تكمن فى طبيعة المرحلة الحالية وما تنطوى عليه من تحديات كبرى ومسؤليات جسام وفى شتى النواحى الحياتية ولابد من إيجاد الإستراتيجية المناسبة للتعامل معها ومواجهتها بل والتغلب عليها . يأتى على رأس هذه التحديات بديهيا ما تفرضه ضرورة ملحة لعودة الإستقرار إلى الشارع المصرى بتحقيق الأمن والأمان المفقود جراء الممارسات الإرهابية التى يتعرض لها الوطن والتى تمثل العائق الأكبر أمام التنمية فى أى مجتمع يتطلع لزيادة إستثماراته وإنعاش إقتصاده فما الوضع إن كانت الإستثمارات غائبة بالأساس والإقتصاد فى حالة مرضية حرجة ؟!. ناهيك عن ما يتم إنتظاره من قرارات حاسمة يترتب عليها تحسين الظروف المعيشية للمواطنين ولن نقول محدودى الدخل فقط أو أصحاب الدخول غير المنتتظمة فالأمر أصبح متعدياً لهذه الفئات ولعل ما شهدته الفترة الأخيرة من إضرابات وإعتصامات فئوية خير دليل على صحة القول . بالطبع تأتى هذه الأولويات المطلوب سرعة البت فيها جنبا إلى جنب مع المسؤلية الطبيعية والمهمة الأساسية التى يتم إيكالها لأية حكومة تلك المتعلقة بالعمل على حل مشكلات وتطوير منظومة التعليم والصحة والإسكان والمرور وغيرها والتى تعتبر المشروع الرئيسى للحكومات وينبغى تهيئة المناخ اللازم لتنفيذ خطواته .وكل ذلك بالتأكيد يتوجب إنجازه خلال فترة زمنية محدودة فقد يكون عمر هذه الحكومة قصير إذ أنه من المتوقع أن ينتهى دورها عقب إنتخاب مجلس النواب أو إختيار رئيس جديد . الأمر الذى يدفعنا بدوره إلى التساؤل عن كيفية التنفيذ ومن ثم الخروج بمؤشرات إيجابية تؤدى إلى الشعور بتغيير منتظر بالقطع لابد أن تتضمن الإجابة تأكيدا على الدور الجماعى والمسؤلية المشتركة حيال ما يقره واقعنا ونريد التخلص منه وتجاوز تبعاته . فيجب على الحكومة أولا: وضع برنامج زمنى محدد المعالم وفقا لرؤية صحيحة غير مشوشة تحدد بها المشاكل الأكثر إلحاحا والتى تستطيع العمل على حلها خلال فترتها الزمنية المحدودة بدلا من الإتجاه إلى الإفراط فى الوعود بتحقيق ماليس فى الإستطاعة واقعيا وتبنى لغة خطاب مستهلكة لم تجدى نفعا مع حكومات سابقة وتفاديا للشعور بتردد أو تسويف وتوجيه إتهام بإرتعاش وبطء فى المواجهة والتى كانت من أهم سلبيات الحكومة السابقة . ثانيا :ضرورة التكامل بين العمل الوزارى والحث على تغذية القدرات اللازمة لإقتحام المشكلات الحيوية ومن ثم تقديم الأداء اللائق بمعطيات المرحلة .ثالثا : حتمية المصارحة بأوضاع حقيقية للبلاد ومن ثم التمتع بشفافية تؤدى إلى كسب التأييد الشعبى بدلا من اللجوء إلى إعطاء مسكنات سرعان ما ينتهى مفعولها دون علاج لمرض عضال . أما فيما يتعلق بالدور الشعبى فإنه بات من الواجب على كل منا أن ينظر إلى نفسه معترفا بنواحى القصور ممتلكا لشجاعة تدفعه إلى التصحيح يصاحبها تصميم وعزيمة لا تصبو إلا إلى الأفضل مهما كانت العقبات فاليأس والإستسلام والعيش فى ثياب مخيطة بأفكار بائسه شعارها الإستمرار فى دوامة التغنى بالظروف وما تفرضه لامكان له اليوم والأولى إبدالها بثقة فى النفس وإيمان وتوكل على الله عز وجل فلا يمكن أبدا أن يتسرب الأمل إلى نفوس عشقت الإحباط وفى إعتقادى أن الأمر سهل ويسير فالشعب الذى علا صوته معبرا عن رأيه فارضا لإرادته دون سواه عار عليه أن يفتقد القدره على الرقى بالنفس ولفظ التواكل وتطويعها بوضعها دائما على إستعداد لعمل جاد يحقق الأمال والأمنيات هذا من جانب, وعلى الجانب الأخر ينبغى علينا جميعا مد يد العون للحكومة الجديدة بدلا من الإعتماد على نظرية الشخصنة وحساب المسؤول يتأتى ذلك بالتأكيد من خلال وعى وإدراك بماهية الفترة المعاشة وما توجبه من حتمية الصبر على تحقيق الأحلام والطموحات بالعمل وفقا لأليات الواقع والتى لا ينتج عنها إلا الإنجاز على قدر المستطاع وحتى يكون هناك إفساحا للمجال فى الإستجابة لإحتياجات الفئات الأكثر حرمانا .كذلك ينبغى على المجتمع المحيط نفسه توفير المناخ اللازم للعمل والإنتاج وذلك بالتخلى عن صراع همجى وتغليب لنظرة الأنا من خلال متاجرة بالأحلام والغاية والهدف هو التواجد فى صدارة المشهد وفقط . علاوة على ما يتم تقديمه عبر وسائل الإعلام فى برامج حوارية تقدم تحليلا من المفترض أنه وافى للأحداث المحيطة فينبغى عليها العمل وفقا للمعايير المهنية والتى تتطلب تناولا لوجهات النظر المختلفة توضح بها حقائق الأمور وطبائعها سلبية كانت أو إيجابية وبالتالى تهيئة الأوضاع للعمل على إستقرار نرجوه على أسس سليمة بدلا من توجيه سهام الهجوم والنقد الدائم دون توضيح لصعوبات دفعت إلى التقصير وهو ما يترتب عليه مساهمة فى إنفصال عن معطيات واقع وتكوين رؤية مغلوطة ومنقوصة . فى الأخير وبعد ما تم عرضه أتوجه إلى الله داعيا إياه أن يكتب النجاح و التوفيق لهذه الحكومة الجديدة وأن يجعلها سببا فى تحقيق ما تصبو إليه الأنفس من توفير حياة كريمة فى مستقبل أفضل وأن تكتمل مسيرة مصر بالخير وللخير دائما إنه ولى ذلك والقادر عليه .