كواليس برامج الأطفال في الإذاعة المصرية
«خلصت الحدوتة».. أبلة فضيلة تغمر قلوب الأطفال عشقا.. «بطيشة»: كانت تتمتع بطبقة صوت مميزة.. ورئيس الإذاعة: إعادة بث برامجها عبر البرنامج العام.. وأستاذ علم اجتماع تحذر من «السوشيال ميديا» (تقرير)
«يا ولاد يا ولاد تعالوا تعالوا عشان نسمع أبله فضيله راح تحكيلنا حكايه جميله وتسلينا وتهنينا وتذيع لينا كمان أسامينا»، ذكريات وحكايات كانت تطل بها عبر أثير الإذاعة المصرية بصوتها الدافئ وكلماتها البسيطة، إنها حواديت أبلة فضيلة التي كانت تقدمها في إذاعة البرنامج العام، وارتبط به الجميع صغار وكبار، فضلًا عن أنها شكلت وجدان أجيال وساهمت في ترسيخ القيم الأخلاقية في عقول ووجدان أطفال الوطن العربي، عن الإذاعية الرائدة فضيلة توفيق عبدالعزيز، الشهيرة بـ«أبلة فضيلة»، التي رحلت عن عالمنا الخميس 23 مارس 2023، عن عمر يناهز 93 عامًا.
وداعا أبلة فضيلة.. «خلصت الحدوتة»
«حواديت أبلة فضيلة»، تعلقت بها أذان الكبار والصغار وتربى على صوتها أجيال عديدة، وتعد حكايتها ذكرى أصيلة داخل البيوت المصرية، ولازلت تحكيها الأمهات لصغارهن حتى يومنا هذا، فرحلت أبلة فضيلة وتبقى حواديتها بكل تفاصيلها، فاستطاعت الإذاعية فضيلة توفيق بعذوبة صوتها أن تبدع أمام مايكروفون الإذاعة المصرية، مخلفة وراءها مسيرة مهنية متفردة، ومن خلال مشوار مهني أمتد لعشرات السنوات زاخر بالقصص والحواديت شكل وعيًا وفكرًا لأجيال عديدة، وضعت فضيلة اسمها وسط قمم الإذاعة المصرية بكل جدارة.
أبلة فضيلة.. «أسطورة الحواديت»
وتنشر بوابة الفجر الإلكترونية، في السطور التالية كل ما تريد معرفته عن الإعلامية القديرة الراحلة أبلة فضيلة، بعد أن أتخذت من أسلوبها الحنون وبساطتها طريقًا تسلكه لقلوب الصغار بقصصها وحواديتها، وأبحرت بين عقولهم وقلوبهم، فكانت لهم الأخت الكبيرة والناصحة الأمينة، قبل أن تكون الإذاعية المخضرمة.
من هي أبلة فضيلة؟
- الاسم: فضيلة توفيق عبدالعزيز.
- شهرتها: أبلة فضيلة.
- ولدت أبله فضيلة عام 1929.
- شقيقة الفنانة الراحلة محسنة توفيق.
- تخرجت في كلية الحقوق بإحدى الجامعات المصرية.
- عملت في مجال المحاماة لفترة وجيزة.
- التحقت بالإذاعة المصرية عام 1953م.
مشوار أبلة فضيلة في عالم الإذاعة
أبلة فضيلة كان لها حظًا وفيرًا في ثقل موهبتها الإذاعية، وتطوير أدائها أمام ميكروفون الإذاعة، حيث تزامن دخولها مبنى الإذاعة والتليفزيون، مع وجود أعمدة الإذاعة المصرية وأبرزهم محمد محمود شعبان، الشهير بـ«بابا شارو»، والتي أخلفته في تقديم أحد برامجه للأطفال، عقب انتقاله للتليفزيون مع بداية بثه الرسمي في مصر أوائل الستينيات، فضلًا عن الإذاعي الكبير حسني الحديدي، التي تعلمت فضيلة على يده قراءة النشرات الإخبارية، وتعد بدايتها في الانطلاقة الحقيقة بالإذاعة.
أبلة فضيلة.. «غنوة وحدوتة» ليس الوحيد
وعلى الرغم من اقتران اسمها ببرنامجها الأشهر «غنوة وحدوتة» الذي يعتبر جوهرة في تاج في مسيرتها الإعلامية، إلا أنها لها العديد من برامج الأطفال في الإذاعة على القدر ذاته من الاحترافية والإبداع والرقي، ومنهم برامج «حديث الأطفال، سين وجيم، ومستقبلي»، فضلًا عن محاورتها لعمالقة ونجوم الفن والأدب، أبرزهم؛ «نجيب محفوظ، محمد عبدالوهاب، سيد مكاوي، عبدالحيلم حافظ، أنيس منصور» وغيرهم
وداعا مذيعة الأطفال أبلة فضيلة
وعقب تداول خبر وفاة الإذاعية القديرة فضيلة توفيق، على منصات التواصل الاجتماعي «السوشيال ميديا»، اجتاحت حالة من الحزن الشديد أظهرتها تعليقات جيل السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، الذين انهالوا في كتابة ذكرياتهم مع صوتها بكلمات تملؤها الشجن والحنين، وكأن الفقيدة هي أحد أفراد أسرتهم، لأنها كانت تسكن داخل وجدانهم بصوتها وحواديتها المميزة.
أبلة فضيلة.. كواليس برامج الأطفال في الإذاعة المصرية بعد وفاة ملكة الحواديت
ومن جهتها، أجرت بوابة الفجر الإلكترونية، تقريرًا يحمل عنوان «إلى أين برامج الأطفال في الإذاعة المصرية بعد وفاة ملكة الحواديت»، وذلك بعد وفاة الإذاعية القديرة أبلة فضيلة، التي رحلت عن عالمنا عن عمر يناهز 93 عامًا، ونجحت في أن تصنع أثرًا في قلوب الأجيال إلى هذا الحد، ووضعتنا الآن أمام تساؤلات حول السر الحقيقي في كونها أيقونة برامج الأطفال، وماذا عن إعلام الأطفال بعد الأبلة فضيلة وحكايات وقصص الأطفال؟.
«كانت تؤمن برسالتها الإعلامية، وكرست سنوات عمرها لها»، وتعرف وسط زملائها في الإذاعة بتلقائيتها المرحة، ضحكتها القريبة، وبساطتها في كافة تعاملاتها مع الآخرين، وكانت سيدة تجمع بين رجاحة العقل وبراءة الأطفال؛ لذلك نجحت في الوصول إلى قلوب الأطفال والكبار بكل سهولة، هكذا علق الإذاعي القدير عمر بطيشة رئيس الإذاعة المصرية الأسبق، عن الراحلة الأبلة فضيلة، في تصريحات خاصة لـ«الفجر».
«ضياع الترقيات».. حكاية أبلة فضيلة في الإذاعة المصرية
أبلة فضيلة كان لديها إصرار على هذا اللون من البرامج الإذاعية، رغم معرفتها أن هذا التخصص ذو نطاق محدودًا إعلاميًا، وقد يضيع عليها فرص الترقي في العديد من المناصب الكبرى بالإذاعة المصرية، ومنذ أن لاحظ جميع زملائها وأساتذتها تمتع فضيلة بطبقة صوت مميزة قريبة للأطفال، فقررت ترك قراءة النشرات الإخبارية، واتجهت لعالم الأطفال، هكذا يروى «بطيشة» كواليس الأبلة فضيلة في الإذاعة المصرية.
«كان المعلم والأستاذ».. شائعات تواجه «بابا شارو» وأبلة فضيلة
وعن منع «بابا شارو» الأبلة فضيلة من تقديم برامج الأطفال ليكون هو فقط المتخصص في هذا اللون بالإذاعة المصرية، فهذه الشائعة انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي «السوشيال ميديا»، وعبر عدد من المواقع الإخبارية، لا أساس لها من الصحة، فكان الإذاعي القدير محمد محمود شعبان الشهير بـ«بابا شارو»، أستاذًا لفضيلة، وعندما علم منها برغبتها في تقديم برامج للأطفال، كان في غاية سعادته وفرح فرحة عارمة وشجعها على ذلك، وأسند بالفعل إليها برنامج حديث الأطفال لتكون خليفته في تقديمه، حسب ما أكده رئيس الإذاعة المصرية الأسبق، في تصريحاته لـ«الفجر».
برامج الأطفال.. من «بابا صادق» لـ أبلة فضيلة
وكانت برامج الأطفال في الإذاعة تحقق نسب استماع عالية منذ بدايتها، وساهمت البرامج في تشكيل وجدان ووعي الأطفال ليس في مصر فقط، بل في الوطن العربي بأكمله، وفي ثلاثينيات القرن الماضي كان «بابا صادق» أول من قدم محتوى إذاعي خاص بالأطفال، ثم جاء من بعده «بابا شارو» ويعد صاحب الباع الأكبر في هذا اللون؛ لأنه عمل على تقديم قصص ومسلسلات ملهمة للأطفال، كما كان يسند لهم أدوارًا في مسرحياته، وكان حريصًا دائمًا على استقبال مراسلات الأطفال وقراءتها، تربى على يديه العديد من الأجيال من محبي ومستمعي الإذاعة، وهو النهج الذي اتبعته فضيلة مقتدية بطريقة وأسلوب أستاذها «بابا شارو»، حسب ما كشف عنه رئيس الإذاعة الأسبق.
الإذاعة المصرية تعيد بث برامج أبلة فضيلة
ترقبوا إحياء برامج أبلة فضيلة في شكلها الجديد عبر إذاعة البرنامج العام، خاصة أنها كانت جزء من ذاكرة الوطن وتاريخ الإذاعة المصرية، وكنت من عشاق أبلة فضيلة وضمن الأطفال الذين يشاركون في برامجها دائمًا، هكذا قال محمد نوار رئيس الإذاعة المصرية، في تصريحات خاصة لـ«الفجر»، قائلًا: «الحنان الجمّ الذي يسود على صوتها، هو ما جعلها متميزة عن غيرها من مقدمي برامج الأطفال في الإذاعة».
وعن أهمية الإرث الإذاعي، فنحن على دراية بأهمية ذلك الأمر الذي أخلفته أبلة فضيلة، ولذلك تعمل الإذاعة حاليًا على إعادة بث برامجها في قالب جديد، وسيلتقي جمهور أبلة فضيلة بها في القريب العاجل عبر إذاعة البرنامج العام، حسب ما أكده رئيس الإذاعة المصرية.
كما أن هناك تجارب تجرى الآن تتضمن مزجًا صوتيًا بين أبلة فضيلة وإحدى الشخصيات التي يتم اختيارها وفقًا لتناسب صوتها معها، على أن تكون فكرة البرنامج حوارًا يتناول المفارقة بين الجيلين، فتحكي أبلة فضيلة قصتها التي تحمل طبيعة زمانها، ويقابلها قصة من إحدى الشخصيات تحمل طبيعة الزمن الحالي، هكذا تشهد الإذاعة المصرية الآن أعمال تطوير عديدة، حسب تصريحات «نوار».
برامج الأطفال في الإذاعة المصرية
أما عن برامج الأطفال؛ ظلت لفترات طويلة برامج الأطفال الإذاعية هي منبر الثقافة والوعي الرئيسي لهم، لما تنفرد به الإذاعة من خصائص تميزها عن غيرها من وسائل الإعلام، كإتاحة قدرة على الخيال غير المحدود، ويعد ذلك السبب الأول لجذب عدد كبير من الأطفال للإذاعة، وتضم الآن خريطة برامج شبكة البرنامج العام وصوت العرب، محتوى إذاعي للأطفال تقدمه كلًا من شيرين ماجد، وأمير المليجي، وحققا نجاحًا ملحوظًا، وفقًا لما أوضحه رئيس الإذاعة المصرية لـ«الفجر»، قائلًا: «تعتمد فكرة برامجهم على مسايرة فكر وروح جيل الأطفال الحالي طبقا لتوجيهات حسين زين رئيس الهيئة الوطنية للإعلام».
أبلة فضيلة الحاضرة الغائبة في الأذهان
فئة جمهور الأطفال تتمتع بسمات مختلفة، وليست كغيرها من الفئات الأخرى، وتتمثل في مستوى إداركهم طبيعة احتياجاتهم وفقًا لمرحلتهم العمرية، وكذلك القدرة على اجتذابهم، فمخاطبة الأطفال عن طريق ميكروفون الإذاعة هي المهمة الأصعب على مقدمي البرامج في الساحة الإعلامية، فكانت أبلة فضيلة تحتضن الأطفال بصوتها، ما جعلها الحاضرة الغائبة في الأذهان، حسب ما روته الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، عن رؤيتها للمحتوى الإذاعي للأطفال، في تصريحات خاصة لـ«الفجر».
الغذاء الفكري أهم متطلبات الأطفال
والأطفال دائمًا في حاجة لتلبية احتياجاتهم للغذاء الفكري، ونجحت أبلة فضيلة في ذلك من خلال تقديمها المعلومة والحكمة والعبرة في برامجها بكل سهولة وبساطة، وجاء ذلك في اختيارها أيضًا لمضمون المحتوى المقدم وطريقة تقديمه بنهج متوازن بين المرح والفكاهة، فضلًا عن غرز المبادئ التربوية، وكل ذلك يتطلب أستاذًا على وعي بمسؤولية ما يقدم، وأهمية الرسالة الإعلامية الموجهة للأطفال، خاصة أن مقدمي البرامج في جيل أبلة فضيلة، كان لديهم حنكة إعلامية على سبيل المثال؛ نجوى إبراهيم، وغيرها من مقدمي برامج الأطفال الذين نجحوا وتمكنوا في الوصول إلى عقل ووجدان الطفل بمنتهى السهولة، ونحن الآن في حاجة لمزيد من تكثيف التدريب للإعلامين حتى نصنع جيلًا جديدًا مميزًا، وفقًا لما أكدته «خضر».
أخطار «السوشيال ميديا» في ظل الافتقار لإعلام الطفل
وعن برامج الأطفال وعلاقتها بمواقع التواصل الاجتماعي «السوشيال ميديا»، فلا بد من عودة المحتوى الخاص للطفل بقوة على الساحة،، لآن خلو المشهد الإعلامي الحالي من محتويات مخصصة للأطفال السبب الرئيسي في فتح الباب على مصرعيه ل«السوشيال ميديا» التي تمتلئ بما هو صالح وطالح، وكذلك ضرورة انتباه الأسرة لما يتابعوه أطفالهم على منصات «السوشيال ميديا»، هكذا وجهت أستاذ علم الاجتماع، خاصة أن طبيعة الأطفال السيكولوجية تميل نحو المحتويات المرئية المنوعة ما بين الصور ومقاطع الفيديو، وهو المحتوى المتاح عبر صفحات «السوشيال ميديا»، فيبدأ سلوك الطفل يتأثر بما يراه بين يديه، مع غياب محتوى إعلامي الموجه للطفل، فهذا كله يشكل خطرًا جسيمًا على تكوين وعي الطفل وتشكيل هويته.
