فتح الأندلس الأعظم.. تعرف على أبرز القصص في شهر رمضان
فتح الأندلس.. يمتلئ الشهر الفضيل بالعديد من الذكريات التي لا ينطفئ سنا مصابيح أمجادها، طوال التاريخ، فتتوالى الدول وتتعاظم الأحداث، لندرك بأنَّ قصص شهر رمضان ذاخرة وحافلة بالمزيد والمزيد من أحاديث التاريخ التي لا تنقطع، مادام السائل يسأل وما دام الراوي يحكي.
حكَّاءٌ أنت يا راوي التاريخ، فلتروي شغفنا بالمزيد من الأحداث، فحينما ننظر إلى دولة إسبانبا، ونرى بعض المشاهد الساحرة فيها، ندرك بأنَّ يوما ما كان هذا المكان تحت سيطر الحكم الإسلامي طيلة سبعة قرون، ندر كم كنا أقوياء، وكم كانت دولة الإسلام عزيزة، إذ أكملت الفتوحات، بعد وفاة سيد الأنام محمَّد صوات الله عليه وسلامه، حتى بلغت فتح الأندلس.
الفتح الذي أثبت أنَّ مقاييس العظة والبهاء يصنعها الأقوياء..
قصص شهر رمضان.. متى تم فتح الأندلس؟
في الشهر الكريم من العام 92 من الهجرة، تم فتح الأندلس على يد القائدين طارق بن زياد، موسى بن نصير، في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك بن مروان.
لم تمض أول القرون الإسلامية حتى كان فتح الأندلس، ذلك الفتح العظيم الذي قاده طارق بن زياد.
كيف كان فتح الأندلس بـ "رؤية قائد"؟
كانت سبتة مينة في المغرب وكانت مستعصية على الفتح الإسلامي، وحاكمها كان يُدعى "يوليان" وكان من حلفاء ملك الأندلس غيطشة، وكان يأتيه المدد عبر البحر من الأندلس، ثم مات غيطشة وخلفه في ملك الأندلس لذريق، تقول بعض المصادر التاريخية أنَّ لذريق تعدَّى على ابنة يولين وواقعها عن غير رِضَاها، فأقسم يوليان على أن يزيل ملك لذريق، ورأى في التحالف مع المسلمين حلَّاص مناسبًا للانتقام.
هنا فكّر القائد المسلم العربي "موسى بن نصير" يستغل فرصة سانحة تمكنه من فتح الاندلس، التي كانت تعاني في هذا الوقت من حالة الفوضى وعدم الاستقرارز
تكتيك عسكري.. واستراتيجية منظمة
لقد كان المسلمون يعتمدون في فتوحاتهم على دراسة الأوضاع، فلم يكنْ الفتح يتم، حتى يكون القائد عليمًا بأدق التفاصيل، مشاورين أهل الأمر وأوليائه.
كتب موسى بن نصير، يستأذن الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك بن مروان في توسعة دائرة الفتح لتشمل بلاد الأندلس، وانتظرالرد الذي أتى يأمره أن يخوضها بالسرايا، ويختبر شانها، "فلا تغرر بالمسلمين في بحر شديد الأهوال»، فكتب إليه موسى مبيِّنا له أنه ليس ببحر خِضَمّ، وإنما هو خليج يبين للناظر منه ما خلفه، فرد عليه الوليد بأنه لا بد من اختباره بالسرايا قبل خوضه واقتحامه".
خرج رجلًا يسمى طريفًا في مائة فارس وأربعمائة راجل يسيرون على أقدامهم، وجاز البحر في أربعة مراكب، مستعينًا بـ "يوليان"، الذي أبدى رغبته بالتعاون مع المسلمين، فكان دخوله في شهر رمضان 91هـ، فسار حتى نزل ساحل البحر بالأندلس، فيما يحاذي طنجة، وهو المعروف اليوم بجزيرة طريف، لنزول هذا القائد فيها، وما إن وطأت قدمه حتى شنَّ سلسلة من الغارات السريعة على الساحل، وغنم فيها الشيء الكثير، ثم رجع سالمًا غانمًا، وكان في ذلك تشجيعًا لموسى بن نصير على فتح الأندلس.
وبعدها انتدب موسى للمهمة طارق بن زياد، فركب البحر في سبعة آلاف من المسلمين، حتى رست السفن رست عند جبل ( جبل طارق)، وكان نزوله في رجب من العام 92هـ، ولما نزل فتح الجزيرة الخضراء وغيرها، وبلغ لذريق نزول المسلمين بأرض الأندلس، عظم ذلك عليه، وكان غائبًا في بعض غزواته، فجمع جيشًا جرارًا بلغ مائة ألف، وكتب طارق إلى موسى يطلب منه المدد ويخبره بما فتح الله عليه، وأنه زحف عليه ملك الأندلس بما لا طاقة له به، فبعث إليه موسى بخمسة آلاف مقاتل معظمهم من العرب، فتكامل المسلمون اثني عشر ألفًا ومعهم «يوليان» يدلهم على عورة البلاد ويتجسس لهم الأخبار، فأتاهم «لذريق» في جنده والتقى الجيشان على نهر «لكة»، في رمضان 92، واستمرت المعركة ثمانية أيام، حتى تكللت باستشهاد ثلاثة آلاف مسلم، ونصر عظيم شهده العام الثاني والتسعين من الهجرة.
توسَّعت حتى بلغت مداها.. فتح الأندلس الأعظم
توسعت فتوحات طارق بن زياد وتوجه إلى مدن الأندلس الرئيسة ففتح شذونة، وإشبيلية، واستجة، وغيرها، حتى وصل طُليْطِلة، وهكذا توالت الفتوحات في بلاد الأندلس، ثم عبر موسى بن نصير ففتح مدنًا كثيرة أيضًا، كان من أشهرها مدينة إشبيلية.
ولكِنَّ النصر حليف من يحفظه، فكانت إشبيلية آخر مدن الأندلس التي خرج منها الإسلام؛ لتغيب شمس دولته عن أوروبا، ولكنَّا لم تزل تبقى في ذاكرة الزمان، يشدو به التاريخ على أطلال من المجد.. "مجد فتح الأندلس".