خاص لـ "الفجر".. كل ما تريد معرفته عن مؤتمر الجمعية الجغرافية
يُعد علم الجغرافيا أحد أهم العلوم الإنسانية والتي تتعلق بمصالح الإنسان وحياته على كافة الأصعدة سياسية واجتماعية واقتصادية وعسكرية وغيرها من مجالات حيث يحتل هذا العلم مكانة عالية في الدول المتقدمة أو التي تسعى للتميز.
وأشار الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية في خطاباته أكثر من مرة لكتابات الجغرافي الفذ جمال حمدان وهو ما يعطي انطباعًا عامًا عن اهتمام الدولة في ظل الجمهورية الجديدة بدور التاريخ في الحفاظ على الهوية وبدور الجغرافيا في تأصيل المواطنة.
مؤتمر مئوي للجمعية الجغرافية برعاية الرئيس
وقال الدكتور محمد السديمي رئيس الجمعية الجغرافية في القاهرة وعميد كلية آداب طنطا سابقًا، في تصريحات خاصة إلى الفجر، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية وافق منذ ما يقرب من شهر مضى، على استضافة مصر للمؤتمر الموضوعي Thematic Congress الذي يعقده الاتحاد الجغرافي الدولي IGU على الأراضي المصرية في فبراير 2025م بالتعاون مع الجمعية الجغرافية المصرية، تخليدًا للذكرى المئوية للمؤتمر الدولي الثاني عشر للاتحاد الدولي، والذي عُقد في القاهرة عام 1925م، كأول مؤتمر جغرافي دولي يُعقد خارج أوربا.
وأشار السديمي إلى أن الاستعداد لمؤتمر الاتحاد الجغرافي الدولي IGU المقرر عقده سنة 2025م في مصر تحت رعاية فخامة رئيس الجمهورية، يتطلب إعادة تهيئة مبنى الجمعية لاستقبال الوفود المشاركة، وذلك بترميم المبنى، هذا الإرث الثقافي المصري الذي يبلغ عمره 100 عام، والذي تأثر بزلزال 1992م، وبارتفاع المياه الجوفية، مما أثر على حوائطه بالطابق الأرضي، وكذلك تأثر سقف المبنى، مما يعرض مقتنياته النادرة والتي تتطلب إعادة توزيعها في عرض متحفي مناسب بدلًا من تكدسها الذي ُيفقدها قيمتها الحقيقية.
الجمعية الجغرافية تعاني
كما يعاني موقع المبنى من إحاطته بالمباني الحكومية، وعدم وجود واجهة مميزة له على شارع القصر العيني. هذا الوضع يتطلب التدخل العاجل من الدولة وبخاصة أن إمكانيات الجمعية لايمكنها ان تضطلع بهذه المسئولية بعدما تعرض الوقف المخصص لها لكثير من المخاطر.
وتلك المناسبة تستدعي إلقاء الضوء على الجمعية الجغرافية المصرية; نافذة مصر على العالم وبلدانه، وعينها المبصرة لجغرافية الأراضي المصرية، ودارا للوثائق الجغرافية والدراسات المهمة، وكنز لخرائط الموارد والحدود والأطالس والمجسمات النادرة، حيث تذخر بمقتنيات نادرة قلما يوجد مثيل لها في أي مكان آخر سواء بمصر أو العالم.
الجمعية الجغرافية في سطور
وعن الجمعية قال الدكتور إسماعيل يوسف الأمين العام للجمعية الجغرافية المصرية، في تصريحات خاصة إلى الفجر، إن الجمعية الجغرافية المصرية هي بيت للخبرة والمشورة والتي والتي تولى رئاستها الأمراء والوزراء والعلماء وتوالى على عضويتها المهتمون بالشأن الجغرافي منذ عهد مؤسسها الخديو إسماعيل في 19 مايو 1875م، ومنذ أن ترأسها رائد الكشوف الجغرافية لوادي النيل في السودان وإثيوبيا، وقلب إفريقيا، الرحالة الألماني وعالم الأنثروبولوجيا والجيولوجي، يورغ أوجست شفاينوفورت.
وتابع يوسف أن للجمعية علاقات دولية بالمؤسسات المناظرة في العالم، ويبلغ عدد أعضاءها الحاليين نحو 1500 عضوًا من بينهم أساطين الجغرافيين، كما يبلغ عمر مبناها العتيق قرنا من الزمان، وتضم الجمعية قاعة أثرية بديعة للمؤتمرات تتسع لنحو 450 مقعدا، ومكتبة للخرائط تضم 12500 خريطة، ومكتبة للأطالس تضم نحو 800 أطلس من بينها إصدارات نادرة مثل أطلس وصف مصر للحملة الفرنسية وأطلس الأمير يوسف كمال وأطلس محمد على للمنافع المصرية 1866م واطلس مصر 1929م، وغيرها، وخرائط للحدود السياسية التاريخية للدولة المصرية خاصة أيام أسرة محمد علي من القرن التاسع عشر وحتى الآن.
كما تضم الجمعية مكتبة للكتب والدوريات ويوميات لبعض البعثات الدبلوماسية القديمة، ومتحفا إثنوغرافيا للتحف والنماذج والاسلحة المستخدمة أيام البعثات الكشفية في افريقيا، ومتحفا لصور الحياة الشعبية في مصر، وقاعة للحرف والصناعات، وأخرى لقارة إفريقيا، وقاعة لقناة السويس ومجموعة من مجسمات الدايوراما والخرائط المجسمة وغيرها.
وأشار الدكتور إسماعيل يوسف أن مفاوضات استرداد طابا اعتمدت على خرائط من الجمعية الجغرافية المصرية وشارك فيها أحد أساتذتها وهو الأستاذ الدكتور يوسف أبو الحجاج، حتى تم استرداد طابا بحكم المحكمة الدولية.
والجمعية –والكلام للدكتور إسماعيل يوسف- لا زالت منارة العلم والثقافة المكانية، وملتقى علماء وباحثي الجغرافيا، وقبلة للخريجين المشتغلين بالتدريس والاستشارات الجغرافية ونظم المعلومات الجغرافية، والاستشعار من بعد، والمساحة الأرضية حيث جددت الجغرافيا من نفسها في عصر تكنولوجيا المعلومات والرقمنة.
دور الجمعية العلمي
ولا زالت الجمعية تؤدي دورها الريادي العلمي والثقافي والتنوري والاستشاري، رغم نقص مواردها، وتدهور مبناها الأثري، وبالرغم من أثر العزوف عن دراسة العلوم الإنسانية وتدريسها بحجة عدم حاجة سوق العمل، وعلى رأسها الجغرافيا، مما أدى لوجود فجوات معرفية مكانية وشبه أمية جغرافية مجتمعية، ووجود قطاع من مفتقدي الثقافة المكانية، وهذا يؤدي لعدم الوعي الشعبي بجهود الدولة في التعمير والتنمية، وعدم إدراك المشروعات الجبارة وتوزيعها المكاني على أرض الواقع، بالرغم من أهمية ذلك في بث أجواء الثقة والاطمئنان لدى المواطنين بكافة فئاتهم.
ويأتي الحفاظ على الجمعية الجغرافية ليس لحماية هذا الأثر التاريخي النادر، وانما هو للتأكيد على أهمية ودور الجغرافيا في رسم السياسة الخارجية، ودورها في التخطيط والتنمية المكانية في كل دول العالم بشكل عام، ونظرا لتأثير خصوصية موقع مصر الحيوي وجغرافيتها الفريدة في توجيه علاقاتها السياسية وخطط التنمية المكانية، وأيضا باعتبار الجغرافيا ثقافة فطرية للإنسان.