منذ 20 عاما.. تعرف علي الفرق بين الحقبة الأولي والثانية لحكم طالبان في أفغانستان

تقارير وحوارات

بوابة الفجر



وكأن الزمان يعيد نفسه، وتقع أفغانستان في نفس حفرة الاحتلال من قبل جماعة طالبان من جديد، مغول سيطر على معظم الأراضى الأفغانية بسهولة ودخلت كابول بسرعة فائقة، تلك المشهد الذي تكرر عام 1996، بمثابة أكثر من عشرين عامًا كافية للنضج الفكري والسياسي والدولي، فهل سيتكرر وقوعها في نفس حفرة أم أنها تعلمت مما مضى، وهل ستتكرر المآسي التي وقعت في حكمها الأول؟ فكيف تغيرت أفغانستان في 20 عاما؟


- استقرار السياسي

أصبحت قوة السلاح ومهاجمه المواطنين لا تعني بالضرورة السيطرة والقضاء فيه على الحروب الداخلية والاضطرابات المنبثقة منه، لكن الأمر أختلف احتاج لسلام واستقرار ليتم القضاء فيه على الحروب الداخلية، حيث عادت الحركة بعد سيطرتها على كابل بمشروع المصالحة الوطنية والتفاهم مع الخصوم لبناء الدولة والقضاء على احتمال نشوب الحرب والتمرد من جديد وقيادة البلاد نحو الاستقرار السياسي.

- العلاقات الدولية

تحاول حكومة طالبان بعد رجوعها استعادة ملف العلاقات مع الدول والمنظمات الدولية لمحاولة توطيد العلاقات والثقة التي فقدتها إبان الحكم الأول حيث اعترفت 3 دول فقط بحكومتها وكانت باكستان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على رأسهم، مما جعلها ترجع لبناء الجسور ولا تترك مجالا لدفع أفغانستان إلى العزلة والقطيعة مع العالم.

- عصر التكنولوجيا

اختلف عصر حكم طالبان الأول في تسعينيات القرن الماضي عن تلك العصر الذي استحوذت عليه التكنولوجيا والهواتف الذكية وشبكات التواصل الاجتماعي، وهذا واضح من خلال
التقدم الكبير الذي حصل عليه أفغانستان في مجالات التعليم والإعلام مع خلق جيلا واعيا لا يقبل ما يفرض عليه بقوة السلاح وإنما يقارن ويوازن بين الأفكار والمواقف والسياسات قبل أن يقتنع بها ويتقبلها، وكان هذا واضح بعد رجوع حكومة طالبان وسيطرتها على سوشيال ميديا واتخذها كسلاح قوة عوضا عن العنف والابتزاز، بل نالت منه وأصبح سلاح القوة لديها للسيطرة على الدولة.

- التعليم

كانت طالبان معادية بشدة للتعليم الحديث خلال فترة حكمها، فقد ألغت المدارس تماما في بعض الأحيان، وفي حال المعارضة الشديدة من قبل السكان، كانوا يسمحون بالمدارس ولكن يقللون من مواد علمية كالفيزياء والكيمياء والعلوم الطبيعية، ويدخلون بدلا من ذلك مواد دينية مثل الفقه والأحاديث النبوية وغيرها، أما الآن فسمحت بحقوق المرأة مع وضع شروط يجب الالتزام بها.

- الإعلام

التعامل مع وسائل الاعلام وحريتها وحرية التعبير تحد آخر يواجه حكم طالبان، فلم يعد الأمر كما كان في أيام الحكم الأول للحركة، حيث كانت في كل البلاد إذاعة واحدة حكومية، وقد غيرت طالبان اسمها من إذاعة أفغانستان إلى صوت الشريعة وأغلقت التلفزيون الرسمي الوحيد ومنعت النساء من العمل في الوظائف الرسمية، بما فيها وزارة الإعلام والإذاعة.

وبعد السيطرة الجديدة لطالبان فإن الإعلام في أفغانستان لم يعد كما كان، فهناك أكثر من 100 قناة تلفزيونية ما بين فضائية ومحلية، وأكثر من 150 محطة إذاعية والعشرات من الصحف والمجلات، و8 وكالات أنباء ومئات المنصات ومواقع الإنترنت، ويتجاوز عدد العاملين في قطاع الإعلام الأفغاني اليوم 10 آلاف شخص (نسبة كبيرة منهم من النساء)، كما يبلغ عدد المستخدمين للهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي الملايين.

كانت طالبان ترفض وتمنع كل أجهزة التليفزيون والقنوات الفضائية فحرمت نفسها أولا من أهم وسيلة للتواصل بينها وبين شعبها، فكان الأفغانيون لايعرفوا رئيس حكومتهم، ولم يخرج عليهم مرة ليخاطبهم أو يشرح لهم أفكاره وبرامجه ويستعين بهذا الجهاز السحرى فى تنمية وتطوير وتعليم شعبه الذى هو أقرب للبداوة، لكن الوضع اتغير وخرجت أول صحافية أفغانية لتجري مقابلة مع مسؤول من طالبان في بث تلفزيوني مباشر.

- مخدرات

بعد الغزو الأمريكي التي تعرضت له أفغانستان منذ عام 2001، صارت أفغانستان أكبر دولة منتجة ومصدرة للمخدرات في العالم، وتعد زراعتها مصدر رزق للآلاف من المزارعين، وتشكل المبالغ الحاصلة من زراعة وتجارة المخدرات نسبة مهمة من دخل البلاد، كما تعد مصدر دخل للكثيرين من رجال الدولة وبعض الجهات الأجنبية، ومن المثير للسخرية أن التظاهر بمكافحة المخدرات أيضا كان قد تحول إلى تجارة رابحة للمهربين وشركائهم داخل الحكومة وشبكات مافيا المخدرات الدولية، ويعد تلك الملف والتعامل معه من التحديات الكبرى التي ظهرت بعد 20عاما وستواجه طالبان.