مدير معهد البحوث الفلكية: مصر بها 5 مناطق زلزالية.. وهذا موعد تكرار مأساة 1992 (حوار)

أخبار مصر

الدكتور جاد القاضي
الدكتور جاد القاضي

أعادت الهزة الأرضية التي رصدها الشبكة القومية للزلازل الأسبوع الماضي، بجنوب غرب مدينة السادس من أكتوبر ذكريات زلزال 1992 المأسوي، وما خلفه من خسائر وفزع للمواطنين، فرغم أن الهزة الأرضية التي رصدتها محطاتنا مرت بردًا وسلامًا دون خسائر، لكنها أثارت مجموعة من التساؤلات قدرتنا على مواجهة الزلازل من الناحية الإنشائية، خاصة ونحن في خضم مشروعات قومية تمس البنية التحتية، وبعد مرورنا بالعشرات من الزلازل التي نشعر بها بشكل مستمر ودائم.


ومن الضروري أن نجد تنسيقًا دائمًا ومستمرًا بين المعهد القومي للبحوث وأي جهة تقوم على إنشاء وتنفيذ المشروعات القومية؛ وذلك للاطمئنان والتأكد من صلاحية أي مكان وتربة للحفر وتحمل إنشاء الكباري والطرق والقطارات الجديدة، وذلك ضمن إجراءات الوقاية والسلامة الأساسية، وهو ما يجعل للمعهد دور جوهري في أي مشروع قومي يتم إنشاؤه.


والسؤال الأهم هل من الممكن أن يتكرر حدوث الزلزال في منطقة ما؟ وهل لدينا القدرة على التنبؤ بالزلزال قبل حدوثها؟ كل هذه التساؤلات وأكثر يجب عليها الدكتور جاد القاضي مدير المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، في حواره مع بوابة "الفجـر" الإلكترونية.

 

ما هي أبرز المناطق الزلزالية بمصر؟

هناك خمس مناطق من أشهر المناطق الزلزالية والرئيسية بمصر، المنطقة الأولى الواقعة شمال البحر الأحمر وخليجي السويس والعقبة، وهي ناتجة عن اتساع البحر الأحمر والحركة "التكتونية" الموجودة عليه.

والمنطقة الثانية شرق القاهرة وغرب السويس بمنطقة "وادي حجول"، والثالثة تقع جنوب غرب القاهرة بين الجيزة والفيوم والتي شهدت زلزال 1992.

والمنطقة الرابعة تقع جنوب أسوان والسد العالي، وهي من المناطق الحيوية، أما عن المنطقة الخامسة تقع في شمال البحر المتوسط في المنتصف ما بين قارة أفريقيا وأوروبا، هذا بالإضافة مناطق أخرى نشهد عليها زلازل، لكنها ليست كثيرة.

 

كيف يتحدد الكود البنائي للمناطق الزلزالية؟

يتحدد الكود البنائي لمنطقة زلزالية وفقًا لنشاط وسلوك الزلزال وقوته، وهو ما يختلف من منطقة لأخرى، وبناءً عليه لكل منطقة كود بنائي خاص بها، يتضمن المواصفات الفنية لكل ما يتعلق بالأعمال الإنشائية من مباني، وحدائق، وطرق وكباري، وأعمال الصرف الصحي والمياه والبنية التحتية، بهدف تجهيز المنشآت لتصبح قادره على تحمل الزلازل المتوقعة.

 

على أي أساس يتم تحديث الكود البنائي؟

يتحدث الكود البنائي من فترة لأخرى؛ وذلك استنادًا على ما ترصده وتسجله محطات الرصد للشبكة القوية للزلازل، فقد ساهم التوسع في تلك المحاطات لرصد وتسجيل مناطق زلزالية ضعيفة قد تصل قوتها لصفر، وهذا بفضل ما يمتلكه المعهد من معدات متطورة وباحثين مُؤهلين على أعلى مستوى من مختلف دول العالم.

ذلك بالإضافة إلى قدرة المعهد على سلوك ونشاط زلزال بمنطقة معينة ومقارنتها بتاريخها الزلزالي، لتحديد معدل زيادة أو نقصن النشاط الزلزالي بتلك المنطقة.

 

هل للبشر دور في حدوث الزلازل؟

للإجابة على هذا السؤال يجب أن نوضح أن الزلازل نوعان، ولكل منهما العوامل المسببة له؛ فالنوع الأول زلزال طبيعي ناتج عن الضغط الواقع على طبقات الأرض، بسبب دورانها حول نفسها وكذلك حول الشمس، فيتم التنفيس عن هذا الضغط في المناطق الضعيفة من القشرة الأرضية في شكل حركات أرضية تولد زلازل وقد تؤدي لبراكين في بعض الأحيان.

أما النوع الثاني فهو زلزال صناعي يحدث نتيجة تفجيرات لبعض الصخور في المحاجر أو خلال أعمال إنشائية، فهي تحدث هزات أرضية شبيهة بالزلزال، إذا زادت عن قوة معينة، وأصبحت محسوسة، وتكرارها يسبب أضرار بالمنشآت المجاورة لموقع التفجير.

وعليه أصبح إلزاما على مصانع الإسمنت والمحاجر وأي أعمال تفجير تحدث التنسيق مع المعهد لتحديد كمية المتفجرات المُستخدمة، ورصد القوة الزلزالية للتفجير وتأثيره على المنطقة.

 

مع التطور الهائل والتوسع في محطات الرصد، هل يمكن للمعهد التنبؤ بحدوث زلزال بمنطقة ما؟

من المهم جدا التأكيد على جزئية التنبؤ بالزلازل، المعهد لا يمكن أن يتنبأ بتوقيت وساعة وقوع زلزال ما، لكن يمكننا توقع متى يمكن أن يتكرر، استنادًا على دراسة سلوك الزلزال، ومن هنا تأتي أهمية عمليات الرصد والمراقبة لتلك المناطق ليتضح لنا تغير أماكنها من عدمه ونشاطها الزلزالي هل يزيد أم يقل، ومقارنته بتاريخ النشاط الزلزالي لها.

كما أن لكل منطقة بصمتها الزلزالية؛ فهناك مناطق يحدث بها زلزال كل فترة محددة، وذلك وفقًا للتاريخ الزلزالي لتلك المنطقة، والمعهد لديه تاريخ للنشاط الزلزالي لكل مناطق مصر، منذ أن خلق الله أرض، استنادًا على ما ورد في كتب التاريخ، إضافة إلى التسجيلات الحديثة للزلازل التي سجلتها المحطات بدايتها من عام 1898.

ومثالًا على بعض النشاطات الزلزالية القديمة، زلازل وقع في العصور الفرعونية تسببت في هدم بعض المعابد، ووقوع تسونامي كبير بالبحر المتوسط عام 1300، تسبب بإغراق مدينة الإسكندرية بأكملها.

ومن المنطقة الزلزالية التي يتكرر عليها الزلزال، الواقعة بين الجيزة والفيوم غرب القاهرة، والتي تعرضت لزلزال 1992، ووفقًا للمقياس والدراسات الخاصة بها، يتكرر الزلزال كل 75 عامًا، وقد يكون مماثلة لقوة الزلزال السابق.

 

هل يتم رصد زلازل بشكل يومي؟

هناك زلازل يتم رصدها بمنطقة البحر الأحمر؛ حيث يتم رصد بمتوسط 2 أو 3 زلازل وقد تزيد أو تقل، وذلك بسبب اتساع البحر الأحمر بمعدل 1 سم كل عام، نتيجة تباعد القارات عن بعضها البعض، ما يولد مجموعة من الزلازل، وبسبب هذا الاتساع يعمل المعهد على التنسيق بين خطوط أنابيب البترول والغاز، حتى لا تتسبب الحركات الأرضية بإحداث كسر أو شرخ للأنابيب، ما يؤدي لتسريبات في البحار.

ويتوقع المعهد من الناحية الجيولوجية أن البحر الأحمر سيكتمل اتساعه ويصل للبحر المتوسط، وذلك بعد ملايين السنين، ما ينتج عنه تحول شبه جزيرة سيناء إلى جزيرة يحيطها الماء من كل الاتجاهات.

 

بسبب هذا الاتساع والحركات الأرضية يجب إعادة رسم الحدود من فترة لأخرى؟

ليس لهذه الدرجة فهو اتساع بمعدل سنتيمترات، لكن بالفعل هناك لجان بوزارة الخارجية وجهات معنية بالدولة مسؤولة عن متابعة الاتساع بالتنسيق مع المعهد.

 

هل للنشاط البنائي والعمراني تأثير على تنشيط المنطقة الزلزالية؟

النشاط البنائي على المناطق الزلزالية دون تنسيق، يسبب لها الضعف وتنشط الفوالق والصدوع في الأرض ما ينتج عنها نشاط زلزالي، مثل منطقة "الدويقة" عند حدوث عمران واستخدام المياه والصرف، يؤدي لخلخلة التربة وتنشط الفوالق والصدوع الموجودة بالقشرة الأرضية، ما يتسبب بمشكلة، لذا فمن المهم جدًا مراقبتها.

 

ما المشروعات القومية التي تم فيها الاستعانة بالمعهد؟

من المشروعات القومية التي تم فيها الاستعانة بالمعهد لتوفير الكود البنائي الخاص بالمنطقة، كان مع الشركة الصينية المسؤولة عن بناء البرج الأيقوني وبعض الأبراج في العالمين الجديدة، إضافة إلى بعض المشروعات المُتعلقة بمجال التعدين والكشف عن الثروات المعدنية، ومراقبة ومتابعة النشاط الزلزالي في منطقة السد العالي وخزان أسوان، وكذلك محطة الضبعة النووية ومحور قناة السويس، للحفاظ على سلامة وأمان تلك المشروعات.

من هنا أطالب المسؤولين بالاستفادة من الإمكانيات التي وفرتها الدولة للمعهد، للحفاظ على استثمارات المشروعات القومية المتعلقة بالبنية التحتية من المخاطر الطبيعية كـ"الزلازل والسيول"، ومن المشروعات التي تمر على مناطق زلزالية مشروع القطار الكهربائي السريع، والتي لم يتم فيها التنسيق مع المعهد لتوفير الكود البنائي الخاص بكل منطقة زلزالية.

والمناطق الزلزالية التي يمر عليها القطار، هي وادي حجول الواقعة بين السويس والقاهرة، ومنطقة شرق حلوان، نتيجة الأمطار والسيول الواقعة بها، وجنوب مدينة السادس من أكتوبر، والمنطقة ما بين حلوان وسقارة يحدث عليها نشاط زلزالي، إضافة إلى أنه كلما اقتربنا من البحر المتوسط، زاد النشاط الزلزالي والذي يجب مراقبته ومتابعته، لذا اقترح المعهد أن يكون هناك محطات على طول مسار القطار السريع لرصد التحركات الأرضية على طول المسار.

 

أبرز المشروعات التي يقوم بها المعهد في الفترة الحالية؟

في مجال الفضاء، يتم إنشاء محطة رصد الأقمار الصناعية الحطام الفضائي، وذلك بالتعاون مع الجانب الصيني، بصدد أن تكون الثانية على مستوى العالم من حيث قُطر التليسكوب، جاري العمل على إنشاء تلسكوب فلكي جديد، من المقرر أن يكون الأكبر على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتكون المرايا الخاصة به 6.5 متر.