براءة متهم من ارتكاب مذبحة كرداسة.. والمحكمة: الدعوى خالية من أي دليل

حوادث

بوابة الفجر


أودعت الدائرة الأولى إرهاب بمحكمة الجنايات المنعقدة بمجمع محاكم طره، حيثيات حكمها القاضي ببراءة المتهم عمرو محمد صلاح، في إعادة محاكمته بشأن اتهامه مع آخرين سبق الحكم عليهم باقتحام مركز شرطة كرداسة وقتل مأمور المركز ونائبه و12 ضابطًا وفرد شرطة، في أعقاب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، والمعروفة إعلاميًا بـ"مذبحة كرداسة".

صدرت الحيثيات برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، وعضوية المستشارين حسن السايس ومدحت عبد الكريم وبحضور الأمين العام لمأمورية طره حمدي الشناوي وسكرتارية طارق فتحي.

وجاء بالحيثيات: العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه ووزن قوتها التدليلية وكانت المحكمة بعد أن محصت أوراق الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام عن بصر وبصيرة ترى أن الادلة التي ركنت اليها النيابة العامة للتدليل على صحة الاتهام وسلامة اسناده للمتهم وصولا للقضاء بإدانته قد جاءت قاصرة عن بلوغ حد الكفاية لإدراك هذا القصد وآية ذلك: -

أولًا: - إن أوراق الدعوى جاءت خلوًا من ثمة دليل يقيني يقطع بأن المتهم قارف أيا من الجرائم المسندة إليه فلم يشهد أحد من قريب أو بعيد بتحقيقات النيابة العامة أو بمحاضر جمع الاستدلالات أنه أبصر المُتَّهم الماثل رؤيا العين على مسرح الحادث يرتكب أيا من الجرائم المسندة إليه أو علم بشخصه لاحقًا باشتراكه في التجمهر واقتحام مركز شرطة كرداسة أو قتل أو الشروع في قتل المجني عليهم.

ثانيًا: - إن أيا من المتهمين لم يقرر بمحضر جمع الاستدلالات أو تحقيقات النيابة العامة أو أمام المحكمة من مشاهدته للمتهم الماثل على مسرح الجريمة أو اشتراكه في الواقعة ومساهمته في تلك الجرائم.

ثالثًا: - ثبت من التقرير الفني الصادر من الإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية بقطاع مصلحة الأمن العام (رقم 39062020 ملحق 73212016) والذي يتضمن أجراء المقارنة لصورة المتهم بعد تصويره بمعرفة خبراء الأدلة الجنائية مع صور الجناة الذين ظهروا بالمقاطع المصورة لإحداث ارتكاب الجرائم المسندة إليه أنه تعذر فنيًا إجراء المقارنة نظرًا للحشد كبير العدد للظاهرين بمقاطع الفيديو موضوع الفحص.

رابعًا: - إنه لم يتم ضبط المتهم الماثل بمكان الواقعة، ولم يتم ضبط أية أسلحة "نارية – بيضاء" بحوزته، فضلًا عن عدم ضبط أية مسروقات بحوزته تنبئ عن مشاركته في ارتكاب الجريمة الأمر الذي لا تطمئن معه المحكمة لمقارفة المتهم الماثل للجرائم المنسوبة إليه.

خامسًا:- إن ما وَرَد بتحرِّيَّات جهة البحث والتحري التي شهد بها مُجريها كلا من اللواء مجدي عبدالعال محمد (الشاهد التاسع والتسعون)، والمقدم أحمد فايز إبراهيم (الشاهد المائة) والعقيد وجدي فتحي عبدالنعيم (الشاهد المائة وواحد)، والعقيد ضياء الدين رفعت حسن (الشاهد المائة واثنين)، والرائد عطية ممدوح عطية (الشاهد المائة وثلاثة)،والنقيب كريم سمير شعبان (الشاهد المائة وأربعة) من أن المُتَّهم الماثل من بين المُتَّهمِين المشاركين في الواقعة بحسبان تحرِّيَّات الشرطة، ولما كانت التحريات لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب وإن كانت تصلح كقرينة يمكن للمحكمة أن تُعوِّل عليها في الإدانة إلا إنه يجب أن تكون مُعزِّزة لباقي الأدلة التي تتوافر أمامها في الدعوى المطروحة عليها ولا تصلح بمُجرَّدها أن تكون دليلًا كافيًا بذاتها أو قرينة مُستقلة على ثبوت الاتهام كما أنها لا تصلح أن تكون دليلًاأساسيًا على ثبوت التهمة بمفردها، فضلا ًعن أن مُجريها لم يتوصل لاسم المُتَّهم الماثل كاملًا، الأمر الذي ترى معه المحكمة إن الأوراق جاءت خالية الوفاض من أىِّ دليل أو قرينة تستظهر منها المحكمة ما يُعضدها،بما لازمه ألا تُعوِّل المحكمة على التحرِّيَّات في مجال ثبوت أي من الاتهامات الواردة بأمر الإحالة قِبَل المُتَّهم.


سادسًا:- وحيث إنه عما ورد بأقوال محمود علي محمد حسين - بتحقيقات النيابة العامة أنه يوم واقعة اقتحام مركز شرطة كرداسة ظل متواجد بمسكنه وعقب اقتحام مركز الشرطة أبصر سيارة ماركة BM-x6 وسيارة ماركة تويوتا ميكروباص وبهما أشخاص من منطقة كرداسة من بينهم عمرو الغزلاني (عمرو صلاح الفزاني) والمقيم بشارع السوق القديم حضروا إلى قطعة أرض فضاء بجوار مسكنه واصطحبوا شخص ملثم وغادروا المكان فإن المحكمة لا تطمئن بأن المُتَّهم الماثل هو مَن قصده سالف الذكر بروايته تلك حيث إنه ذكر اسم "عمرو الغزلاني" والمقيم بشارع السوق القديم بمنطقة كرداسة وهو يغاير اسم المتهم الماثل لاختلاف اسمه ومحل إقامته حيث إن المتهم الماثل "عمرو صلاح محمد علي" يقيم بشارع برج العرب بمنطقة ناهيا الأمر الذي تتشكك معه المحكمة فيأن رواية المدعو محمود علي محمد حسين كان يقصد بها المتهم الماثل ولا تعول عليها المحكمة. 

سابعًا: - أمَّا عمَّا تضمَّنته تحقيقات سلطة الاتهام بصفة عامة من أدلة فنيَّة أُدرجت بقائمة أدلة الثبوت تمثَّلت في التقارير الطبيَّة لقطاع الطب الشرعي والتقارير الصادرة من الجهات الطبية الأخرى والمعامل الجنائيَّة بوزارة الداخليَّة.... فإن جزما إنها دليل إصابة ودليل حدوث للواقعة إلا إنها لا تعد دليلا على اقتراف المتهم للواقعة مادام لم يشهد أية شاهد بارتكابها ولم يتم ضبطه بمكان الواقعة ولم يضبط بحوزته أي دليل يشير من قريب أو بعيد على ارتكاب المتهم للواقعة أو المشاركة بها.

واستكملت الحيثيات: بما تقدَّم وإذ جاءت الأوراق على النحو المار بيانه خاليَّة من أىِّ دليل أو قرينة يُمكن للمحكمة أن تستخلص أو تستنبط منها علامات أو شواهد مقبولة للعقل والمنطق تُدلل على ارتكاب المُتَّهم للجرائم المسندة إليه، الأمر الذي يوقر في عقيدة المحكمة والمُقامة على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني إن جماع التحقيقات تخلو من دليل مباشر أو قرائن تنبع من ماديَّات الدعوى عن أن المُتَّهم (الماثل) قد أتى أفعالًا ماديَّة مُجرَّمة بمكان الواقعة كما وَرَدَ بأمر إحالته، وإذ كانت الأحكام الجنائية تُبنى على الجَزم واليقين من الواقع الذي يُثبته الدليل المُعتبر ولا تُؤسَّس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المُجرَّدة، وإذ كان الشك يُفسَّر لصالح المُتَّهم.

وتابعت: وكان المُتَّهم قد مثُل بجلسة المُحاكمة واعتصم بالإنكار ولما استقرَّ ختامًا في وجدان المحكمة من ريب وشكوك وعدم اطمئنانها لأدلة الثبوت التي ساقتها النيابة العامة قِبَله وللاتهامات الواردة بأمر الإحالة الأمر الذي تقضي معه ببراءته ممَّا أُسند إليه عملًا بالمادة 3041 من قانون الإجراءات الجنائيَّة، ويكون من نافلة القول ختامًا أن تُشير المحكمة إلى إمساكها عن إعمال المادة 30 من قانون العقوبات عقب قضائها المُتقدِّم لما تجلَّى بالأوراق من أن المُتَّهم (الماثل) لم يضبط مُحرزًا أو حائزًا لأسلحة أو آلات تُعد متحصلة من الجريمة أو مُجرَّمة، كما وإن الأسلحة التي تمَّ ضبطها سَبَق أن شملها الحُكم السابق الصادر في 2 يوليو 2017.

ونوهت المحكمة: إنه لما كان من المقرر أن القاضي يحكم في الدعوى حسب العقيدة التى تكونت لديه بكامل حريته. ذلك أن أهم ما يقوم عليه الإثبات الجنائى هو ضرورة وصول إلى اليقين للحكم بإدانة المتهم، فإذا لم يصل إلى هذا اليقين تعين عليه أن يحكم بالبراءة، واليقين المطلوب ليس اليقين الشخصي للقاضى فحسب وانما هو اليقين القضائي الذى يمكن أن يصل إليه الكافة ويكون متفقًا مع العقل والمنطق، واليقين القضائى يقوم على عنصرين أحدهما شخصى والآخر موضوعى، أما العنصر الشخصى فيتمثل في ارتياح ضمير للإدانة، والعنصر الموضوعى يعنى أن يكون الدليل الذى أقنع هو أفضل دليل ممكن للبرهنة على ثبوت الواقعة، فيقتنع به أى انسان يتوفر لديه العقل والمنطق.

وأشارت الدعوى: كانت المحكمة قد محصت الدعوى وأحاطت بظروفها، وبالأدلة التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة، وإذ خلت الدعوى من دليل صحيح أو قرينة تطمئن إليها المحكمة تقطع باشتراك المتهم في التجمهر حتى يسأل عن الجرائم التي وقعت تحقيقًا للغرض منه سوى التحريات – على نحو ما سلف بيانه – وإذ كان ما جاء بالتحريات لا يعدو أن يكون رأيًا لمجريها ولم تكن معززة لدليل أو قرينه يصح للمحكمة أن تكون منه عقيدتها بالإدانة وتهدر أصل البراءة المفترض في المتهم كأصل لا يجوز نقضه إلا بدليل صحيح ثابت بأوراق الدعوى ومطروح على الدفاع لمناقشته وتفنيده، ومن ثم فإن المحكمة تطرح هذه التحريات ولا تعول عليها في قضائها، وإذ خلت الدعوى من دليل يصح به الإدانة، فإنه يضحى متعينًا القضاء ببراءة المتهم سالف الذكر مما نسب اليه عملًا بالمادة 3041 من قانون الإجراءات الجنائية.