رامى المتولى يكتب: ليه لأ؟! ابتعاد عن النمطية فى تناول قضايا المرأة
التنامى الواضح لأهمية المنصات الإلكترونية دفع صناع المسلسلات للتعامل معها بشكل خاص، واعتماد شكل يناسب طبيعتها، قرار تأجيل مسلسل «ليه لأ»؟! من العرض فى شهر رمضان وبدء عرضه عبر منصة إلكترونية بعد انقضاء موسم رمضان هو الأفضل والأنسب لطبيعة المسلسل وطريقته، شيئًا فشيئًا تتحول المنصات لتكون أداة فاعلة توازى العرض عبر التليفزيون وكونها مسبقة الدفع يحل جزءاً من الأزمة الرئيسية التى تواجه المسلسلات عند عرضها عبر الشاشات الصغيرة وهى الإعلانات، الأزمة التى يشكو منها معظم المشاهدين لكن فى الوقت ذاته هى الوسيلة التى تضمن تمويل المسلسل وظهوره بشكل لائق.
التوجه لصناعة محتوى درامى على شكل حلقات مسلسلة تراعى العدد وزمن الحلقة بالنسبة لمنصة ليسا العنصرين الوحيدين العنصر الأهم هو التطور فى معالجة الموضوع والاعتماد على الاختزال وطرح القضايا والأفكار بشكل متطور يشتبك مع السائد فى المجتمع أحيانا بشكل صدامى لإظهار المفارقة، بالشكل الذى يعود بالنفع فى التطوير على مستوى الشكل بالخروج عن قاعدة الـ 30 حلقة التى أصبحت سائدة أو الاهتمام باسم بطل العمل على حساب عناصر أخرى كالتصوير والديكور والموسيقى التصويرية وغيرها من جانب وعلى المستوى الاجتماعى فى مناقشة الأفكار بشكل تقدمى كما الحال مع مسلسل «ليه لأ»؟!.
التعامل مع قضايا المرأة ومشاكلها فى مجتمعاتنا ظل لسنوات منحصراً فى شكل محدد، دائما ما يركز على قضايا الميراث وقهر المرأة فى المجتمعات البعيدة عن المدن الكبرى، وكأن المدينة خالية من التعامل مع النساء بشكل قاسى وخانق، فى الفترة الأخيرة وفى أكثر من مسلسل أنتجتهم أكثر من جهة تبنوا وجهة نظر مغايرة بعرض نماذج لنساء من بيئات مختلفة فى المستوى الاجتماعى والثقافى مع إسقاط مشاكل وقضايا المرأة على هذه النماذج، كما الحال مع مسلسل «إلا أنا» كمثال آخر على هذا الشكل، والتى عرضت لنماذج قضايا الميراث وطمع أفراد الأسرة واعتمادهم على الموروث المجتمعى للسيطرة على حقوق النساء أو تعامل الرجل مع طموح سيدة تنافسه فى بيئة العمل أو زوجته.
«ليه لأ»؟! هو الآخر يتعامل مع نوع مختلف من الضغوط التى تواجه شابة يفرض عليها المجتمع شكلاً سائداً، هو الزواج قبل سن معينه والا سيضيع عمرها، شكل سائد فى التعامل مع المستقبل المهنى، بمعنى آخر تنشئة الفتاة فى بيئة مغلقة لتخرج بلا تجارب حقيقية تسمح لها بمواجهة الحياة دون دعم أسرتها، بشكل رئيسى نتتبع شخصية عليا (أمينة خليل) التى تقرر التمرد على كل ما فرض عليها طيلة 30 عاماً وفى ليله عقد قرانها تترك كل شىء خلفها وتختار مسار آخر، تنافس نفسها لتتحول إلى نسخة أفضل حسب رؤيتها لا حسب ما يراه أهلها.
ومن خلال هذه المسار نبدأ فى التعرف على نماذج أخرى من السيدات اللائى تعانين من القهر بدرجات وأشكال مختلفة، بداية من الأم سهير (هالة صدقى) وأختها هالة (شيرين رضا) كنموذجين للتعامل مع الحب والزواج والإنجاب، والأصدقاء رضوى (مريم الخشت) وفرح (عايدة الكاشف) بتباين طريقتهن فى التعامل مع الحياة ومفرادتها، فالسيناريو الذى أشرفت على ورشة كتابته مريم نعوم تعامل مع هذه الشخصيات بشكل أنهن رموز يعبرون عن اتجاهات لا شخصيات تتفاعل مع بعضها البعض تحمل واقعية فى تصرفاتهن، ربما تكون بعض الأحداث غير واقعية بعض الشىء لو قيست على ما يحدث فى الحقيقة، لكن بشكل عام سببها هو التعامل مع القضايا والمشاكل التى تواجه السيدات عمومًا والتى حرصت على جمع أكبر قدر ممكن منها مريم وفريق الكتابة والمخرجة مريم أبو عوف.
وجود مريم نعوم ومريم أبو عوف كسيدات فى التعامل مع المسلسل منحه بعداً أفضل فى مناقشة القضايا والأفكار المراد الاشتباك معها، دون أن يلازم ذلك المبالغة المعتادة فى الدفاع عن المرأة بصوت صاخب، بشكل ناعم وبغلاف رومانسى نتعرض لأشد القضايا قسوة ونتفاعل معها، وهو المطلوب والذى حققه المسلسل وبشكل ناجح، بلا صراخ وضجيج نواجه مشاكل رئيسية حقيقة لا تواجه فقط السيدات فى الدلتا والصعيد وسيناء، لكن فى المدن الكبرى المفترض أن تجد فيها المرأة شكلاً مختلفاً فى التعامل معها.