تنظيم الإخوان في أميركا يتحالف مع أردوغان

عربي ودولي


ينشط تنظيم الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة منذ نصف قرن لكن التنظيم لم يمط أبداً اللثام عن وجهه إذ يحرص قياديو الجماعة على تقديم إيديولوجيتهم على أنها الإسلام الوسطي الحنيف لإيهام المسلمين وغير المسلمين بأنهم هم ممثلو الصوت المسلم في أميركا، لذلك يعمل تحت مسميات أخرى مثلالجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية“ (ISNA) ومجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (CAIR) أو الدائرة الإسلامية لشمال أميركا (ICNA)، و الجمعية الإسلامية الأمريكية (MAS).

 

تاريخ تلك الجمعيات يمتد لأربعة عقود منذ تأسيس جمعية الطلاب المسلمين (MSA) والتي كانت البذرة الأصلية لزراعة تنظيم الإخوان المسلمين في المجتمع الأمريكي سنة 1963 من قبل أعضاء الجماعة الذين وصلوا لأميركا كطلاب مبتعثين لكنهم إختاروا البقاء بعد إن إحتد الصدام بين التنظيم والأنظمة العربية العروبية بشقيها البعثي والناصري. ثم قام هؤلاء الذين ببداية تأسيس منظمات تمكنهم من إختراق الأوساط المؤثرة من صناع للقرار وأكاديميين وخصوصاً من اليسار الليبيرالي الذي تحالف مع من يظنون أنهمالمسلموننكاية باليمين المحافظ بينما في الواقع هو أن اليسار الأمريكي والليبيرالي مخترقان بشكل كامل من جماعة الإخوان المسلمين.

 ØªÙ†Ø¸ÙŠÙ… الإخوان في أميركا يتحالف مع أردوغان 

الإخوان في أمام مجلس النواب الأمريكي في واشنطن


سطوة الجماعة في الولايات المتحدة وقدرتهم الكبيرة على التأثير لم تكن نتيجة الصدفة بل هي ثمرة عمل تأطيري متواصل

لعقود مر بمراحل عديدة أهمها عملية الإستحواذ على المساجد والمراكز الإسلامية في الولايات المتحدة. وقد نجحت الجماعة في هذا عن طريق تأسيس الوقف الإسلامي لأميركا الشمالية (NAIT) الذي أنشأ عام 1973 والذي يملك اليوم أصول أكثر من ثلاثمئة مسجد ومركز ثقافي في الولايات المتحدة وكندا. أهمية هذاالوقفتكمن في كونه في حالة إفلاس أو قفل المنظمات المذكورة فإن NAIT يرث مباشرة كل أصول تلك المنظمات مما يعني فعلياً أن من يتحكم في تلك الهيئة فهو من يتحكم في الإسلام واالمسلمين الأمريكيين على غيار نموذج الفاتيكان والكنيسة الكاثوليكية. وطالما تحكمت جماعة الإخوان في تلك العقارات فإنها تستطيع أن تقنع حلفاءها من غير المسلمين وبعض المسلمين أنها هي الممثل الشرعي والوحيد للإسلام في شمال أميركا.

 

إضافة لذلك فإن قوة التنظيم بسبب سيطرتها شبه التامة على المساجد خصوصاً في المدن الكبرى جعلت المسؤولين ورؤساء هيئات المجتمع المدني لا يجدون مناصاً من التعامل مع الجماعة على أساس أنها هي المفتاح للصوت المسلم في أميركا وهذا هو ماجرى بالضبط مثلاً في إنتخابات سنة الـ 2000 إذ لعبت الجماعة دوراً فعالاً لحسم التصويت لجورج بوش وكذلك في سنة 2004 لصالح المترشح الديموقراطي آنذاك جون كيري في ولايات كبرى كما كررت الجماعة نفس الإنجاز لصالح أوباما سنة 2008 و 2012 في الولايات التي يكثر فيها المسلمون. 

تنظيم الإخوان في أميركا يتحالف مع أردوغان

في  السنوات الأربع الأخيرة زادت وتيرة التقارب بشكل لافت بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والمنظمات الإخوانية الأمريكية. إذ دعت كبرى تلك المنظمات (ISNA) إبنة الرئيس التركي سمية إردوغان - بيرقدار لتكون المتحدثة المركزية في مؤتمرها السنوي عام 2015. هذا التطور جاء نتيجة لمجهود عدة سنوات بذله أعضاء الجماعة للتقرب من أردوغان وحزبه بإرسال الوفود لتركيا للإجتماع مع أعضاء الحزب الحاكم (العدالة والتنمية) الإخواني الروح والهوى. وقد تكللت تلك المبادرات بالنجاح بعقد صفقة بين الطرفين يقوم بموجبها أعضاء التنظيم في أميركا بتشكيل هيئة عليا لتمثيل كل المنظماتالمسلمةالأمريكية التي هي في الواقع كلها فيترينات للتنظيم تتمايز من أجل إجتذاب وإستقطاب الجاليات الكبرى (شبه القارة الهندية، المصريون،  الفلسطينيون، السود الأمريكان إلخ).


أسامة جمال الأمين العام لمجلس المنظمات الأمريكية ، أسامة أبو إرشاد مدير منظمة AMP و نعيم بيك مدير ICNA أمام مقرب حزب العدالة والتنمية في تركيا

 

تأسست تلك المظلة التي إنضوت تحتها 24 منظمة تمثل كل المنظمات الإخوانية الأمريكية تقريباً تحت إسم (USCMO)  سنة 2014 كرد على إسقاط حكم الإخوان في مصر، ولتوحيد الجهود من أجل إحتواء الجهات والدول التي يناصبها أردوغان العداء، ولدعم الأجندة الإخوانية وتحركات الفرع المصري من الإخوان في الولايات المتحدة لمحاولة تعبئة الرأي العام لصالح الجماعة وقياداتها الموقوفة في مصر، بالإضافة لتلميع صورة دولة قطر - الحليف الإستراتيجي - ووكلائها في ليبيا وتونس.

 

تصاعدت وتيرة التعاون الإخواني-الإردوغاني في الولايات المتحدة بعد محاولة الإنقلاب الفاشلة صيف 2016 إذ كثفت الشخصيات الإخوانية من حملة الدعم الإعلامي المساند لأردوغان في وسائل الإعلام الأمريكية وفي الأوساط الأكاديمية. ثم


نظمت مسيرات تنديدية بالمحاولة الإنقلابية، وقد حاول إردوغان أيضاً إستخدام الإخوان في أميركا كسلاح في إطار الصراع بينه وبين جماعة فتح الله غولن الذي يعيش في ولاية بنسلفانيا كلاجئ ويطالب أردوغان الولايات المتحدة بتسليمه لتركيا بسبب الحرب الطاحنة بينه وبين جماعة غولن التي يتهمها بتدبير محاولة الإنقلاب العسكري الفاشل.

 ØªÙ†Ø¸ÙŠÙ… الإخوان في أميركا يتحالف مع أردوغان

إحدى مقالات مجلة إيسلاميك هورايزونز التابعة لمنظمة ISNA التي تهاجم السعودية

 

على الرغم من نجاح مهندس التحالف بين أردوغان والإخوان في أميركا المدير السابق لمنظمة (MAS) والأمين العام الحالي لمنظمة (USCMO) أسامة جمال (فلسطيني الأصل)  في بناء شراكة قوية تسمح للرئيس التركي من لعب ورقة المسلمين الأمريكان على الصعيد الإستراتيجي وأيضاً كحصوان طروادة له وللنظام القطري يسمح لهما بالتسلل لأروقة صناع القرار التي سدت عليهم منذ إنتهاء ولاية أوباما، إلا أن خلافات داخلية من الحرس القديم داخل التنظيم الإخواني الأمريكي تنغص هذا المكسب. فقد ذكرت مدونة مكاشفات الأمريكية التي تسرب أخبار الإخوان في أميركا أن بعضاً من مؤسسي منظمة (ISNA) مستاؤون بشكل كبير بسبب إستحواذ العرب كأسامة جمال، ونهاد عوض من منظمة كير على العلاقات مع إردوغان الذي يتجاهل -حسب وجهة نظرهم - الباكستانيين والهنود رغم أنهم يناصبون السعودية والإمارات ومصر العداء، فقد نشرت مجلة إيسلاميك هورايزونز التي هي لسان حال منظمة (ISNA) عدة مقالات تتهجم فيها على السعودية والإمارات ومصر لكن ذلك لم يشفع للقائمين على المنظمة فيما يبدوا لدى الحليف التركي.