سارح في ملكوت الله.. حكاية خمسيني مع تسليك "البالوعات" (صور)

تقارير وحوارات


اعتاد على تسليك البالوعات العامة، بالرغم من رائحتها الكريهة التي تفوح من يده، لا يؤنسه في رحلته اليومية سوى أصوات السيارات والمارة، الذين ينبطحون أرضًا لتأمل المشهد عن قرب ليداعبون الرجل الخمسيني بكلمات تسهل عليه مهنة السباكة الصحية الشاقة التي امتهنها منذ نعومة أظافره.

 

بالرغم من الشقى الذي يخيم على وجهه، إلا أن علي السيد -اسم مستعار- يحمد الرحمن على العديد من النعم التي أنعم الله عليه به، فيسرح قليلاً ليتذكر كيف وهبه الله القوة التي استطاع بها أن يواجه إرهاق المهنة الشاقة ومصدر رزقه الوحيد، بالرغم من كبر عمره وألام ظهره ويديه نتيجة عمله لساعات في تسليك "المجاري"، بل كانت سبب الرزق في حياته وعدم حاجته للآخرين.

بالوعة كبيرة تمتلئ بمياه الصرف الصحي في أحد شوارع منطقة الدقي، يقبع على حافتها، ممسكًا بيده اليديه العتيقة "السيخ الحديدي" الذي يعد أهم أدواته في رحلته الشاقة، ليقوم بأداء عمله الذي يحاول أن يخفي همومه خلاله، فبمجرد أن تنظر إليه ترى السكون يخيم ملامحه، يبدو ذلك واضحًا من نظراته التي يُرسلها إلى "البالوعة" التي لازمته يوميًا.



ثمة نظرة أخرى مواربه تراها مجرد أن تتطلع بوجه الرجل الخمسيني، تشع تساؤلات مختلطة عند هطول الأقدار، مفادها مستقبل أبناؤه الذي لا يعلمه إلا الله، لاسيما وأن مهنته دون تأمين، ولا يمتلك سوى قوت يومه.

                          

يقبع ذاك الرجل بملابسه المتهلهلة وآلامه اللامنتهية يتأمل عمله برهبة تخيفها  قوته ورضاه  بظروف عمله التي تقضي أشياء خارج إرادته.