تركيا تحارب بيوت تجارة الجنس حتى القانونية منها

عربي ودولي

تركيا تحارب بيوت
تركيا تحارب بيوت تجارة الجنس حتى القانونية منها

يشق الرجال طريقهم كل يوم، من الساعة العاشرة صباحاً حتى العاشرة مساء إلى الأزقة الخلفية أسفل برج غالاتا التركي ليصلوا إلى أقدم منطقة تجارة جنس قانونية ومرخصة في البلاد.

تأسست منطقة بيوت الدعارة منذ أكثر من قرن في العهد العثماني، ولا تزال تخدم أكثر من 5000 رجل في اليوم، على الرغم من أن أيام العز فيها قد ولّت وأصبحت معظم مبانيها فارغة ومتهالكة.

لكن في وقت مبكر من هذا الشهر، اندفعت النساء العاملات في هذه البيوت إلى الشارع للإحتجاج على محاولات إغلاق منطقة الدعارة، فخرجن بالأوشحة والنظارات الشمسية التي تخفي وجوههن حاملات لافتات مكتوبة بخط اليد تتهم السلطات بإجبارهن على وقف الأعمال.

اتركوا بيوت الدعارة وشأنها ، ارفعوا أيديكم عن خبزي اليومي تقول اللافتات، في احتجاج بعد مداهمة قامت بها الشرطة في وقت سابق من ذلك اليوم في بيوت الدعارة التي كانت مغلقة، وهو ما وصفته النساء بعملية غش تهدف إلى اجبارهن على الخروج من المنطقة.

وقال أحد المحتجين ان بعض رجال الشرطة السريين دخلوا إلى المنطقة وزعموا أن إحدى النساء أغوتهم، لكن هذه مجرد ذريعة ملفقة لأن هذه البيوت فارغة منذ زمن .

وقالت متحدثة باسم مجلس محافظة اسطنبول، المسؤول عن منح التراخيص لبيوت الدعارة في المدينة، انها ليست على علم بأي سياسات لإغلاق بيوت الدعارة أو البغاء قانونياً.

ورفض متحدث باسم إدارة شرطة اسطنبول التعليق على المداهمة الأخيرة في زقاق الزرافة، لكنه أضاف أنه لم يكن على علم بأي سياسة لإغلاق بيوت الدعارة.

يشار إلى أن الدعارة قانونية في تركيا في البيوت المرخصة، لكن الإغواء وعرض الخدمات ليس كذلك. وتم اغلاق أربعة بيوت دعارة لمدة ثلاثة أشهر من قبل الشرطة نتيجة لهذه الاتهامات، فيما أغلق البعض الآخر بشكل دائم بسبب تكرار المخالفات.

في العام الماضي، أغلقت السلطات هذه المؤسسات بشكل تعسفي مما يشكل انتهاكاً للقواعد والأنظمة القائمة ، وفقما لما يقوله العمال في بيوت الدعارة الذين نظموا الاحتجاج.

هذه المحاولات لا تقتصر على اسطنبول وحسب، إذ تم تدمير معظم بيوت الدعارة في حي بندريسي في الصيف الماضي بعد فوز البلدية بسلسلة من القضايا المعروضة على المحاكم. وفي أنطاليا، أقفل مجمع بيوت الدعارة في الصيف الماضي بعد أن تم بناء مسجد مجاور لها، وذلك لأن بيوت الدعارة ممنوعة بالقرب من المدارس أو أماكن العبادة.

يشار إلى أن أنقرة واسطنبول تخضع لسيطرة حزب العدالة والتنمية، في حين تخضع أنطاليا لحزب الشعب الجمهوري.

وقالت سيفال كيليغ، المؤسسة المشاركة لمنظمة بوابة المرأة المكرسة لمساعدة العاملات في بيع الجنس ان السلطات لا تفهم ان إغلاق بيوت الدعارة المرخصة لن يساعد في القضاء على البغاء، بل ستؤدي إلى خروج هذه الأعمال إلى الشوارع، مما يهدد حياة العاملين في مجال الجنس والصحة العامة .

بموجب القانون التركي، يجب فحص العاملين في مجال الجنس والحصول على ترخيص من قبل السلطات المحلية والخضوع لفحوصات النظافة العادية. وتشرف الشرطة على حراسة مراقبة بيوت الدعارة المرخصة، التي يبلغ عددها أكثر من 50 فقط على الصعيد الوطني.

وقالت كيليك، التي كانت تعمل في مجال الدعارة من قبل، إن المراقبة القانونية هي التي تجعل بيوت الدعارة جذابة للعملاء والعاملين في مجال الجنس، كما انها تحميهم من الأمراض والعنف .

يوافق خبراء علم الجنس على هذه النقطة، فيقول عاكف بوروي، متخصص في الطب الجنسي إن إغلاق هذه المنازل فكرة سيئة للغاية من وجهة نظر علمية ، مشيراً إلى أن هكذا خطوة ستؤدي إلى ارتفاع في الأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي والعنف ضد المرأة.

النساء العاملات في بيوت الدعارة ترفضن محاولات السلطات في لإغلاق مصدر رزقهن، فقالت إحدى النساء التي رفضت الكشف عن اسمها لصحيفة الـ نيويورك تايمز إنما نفعله ضروري لنربي أطفالنا. لكنهم يدفعون بنا إلى الشوارع من خلال إغلاق بيوت الدعارة .

بعد مداهمة قامت بها الشرطة في اسطنبول، توقفت نحو 60 امرأة عن العمل مؤقتاً، فيما أصبح 30 منهم عاطلات عن العمل بشكل دائم. وهذا سيترك العديد منهم بدون أي خيار سوى الانضمام إلى صفوف المومسات غير المرخصات في الشوارع، واللواتي تقدر أعدادهن بأكثر من 100 ألف، وفقاً لكيليك.

واقترحت كيليك فتح النقاش حول مسألة البغاء وتنظيمه بما يضمن مصالح الطرفين، مشيرة إلى أن السلطات تلتف على المسألة لأنها تريد إغلاق بيوت الدعارة بهدوء بناء على ذرائع غير منطقية وصحيحة .