نائب رئيس مجلس الدولة: "السلطة القضائية" أسبابه سياسية.. والنواب انتهكوا حرية العدالة
>> القانون ليس مجرد ورقة مكتوبة تستوفى الاجراءات الشكلية بل يجب أن يكون نابعاً من الضمير العام للمجتمع
>> فاعلية القانون فى التطبيق تستلزم الاقتناع الشعبى بعدالته وتعبيره تعبيراً حقيقياً وعادلاً عن طموحات المخاطبين بأحكامه والقانون أثبت حالة الاغتراب التشريعى
>> أقول لمجلس النواب نصوصكم سوداء بغير حياة سُطرت على ورق أبيض لا يمنحها الحياة والحياء إلا قاض
>> أفكار دستورية وقانونية عديدة تدمى القانون وتلطخه.. ومجلس النواب لم يبلغ مجتمعاً قدر الذكاء القانونى لسندة العدالة وحماة القانون.. ولدينا روشته مبدئية بسيطة لاستئصال الورم الخبيث لهذا القانون العليل وإماتته بالسكتة القلبية تتمثل فى رفض السبعة الكبار المنصب فماذا أنتم فاعلون؟ إطلاق رصاصة الرحمة ليموت صريعاً كما صدر
>> يحيى دكرورى يستحق الاحترام لا الانتقام.. هوأول من وقف ضد مرسى وقت حصار المحاكم ولولاه لتشكل مجلس نواب الإخوان واكتملت مؤسسات الدولة ولحل رئيس مجلس النواب رئاسة الدولة و لما قامت ثورة 30 يونيه وما قعدتم فى مقاعدكم الآن؟ ويصورون للرئيس إنه إخوان!
>> ويل للمشرعين: إذا تخطيتم يحيى دكرورى بسبب أحكامه.. فالتالى له فايز شكرى حنين فإذا ما تخطيموه هو الآخر بسبب ديانته المسيحية فماذا تقولون للمجتمع الدولى؟ لا تدركون أنكم تلعبون بالعدالة وتضعونها هاوية وما أدراكم ماهية نار حامية
تواصل "الفجر" نشر البحث العلمي الوثائقي الذي أعده المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بحثاً علمياً وثائقياً للرد على إقرار قانون الهيئات القضائية خلال 24 ساعة بعد إصداره من السيد رئيس الجمهورية، مساء الخميس، وتناول فيه القانون من كل جوانب العلوم الدستورية والقانونية والسياسية والاجتماعية والغائية بعنوان " قانون الجهات والهيئات القضائية بين التشريع والتشريح ".
الجزء الثاني:
خامساً : القانون ليس مجرد ورقة مكتوبة تستوفى الإجراءات الشكلية بل يجب أن يكون نابعاً من الضمير العام للمجتمع
يقول خفاجى موجهاً حديثه لمجلس النواب: "إن القانون ليس مجرد ورقة يكفى فيها أن تستوفى الشروط الشكلية المتطلبة لصدور القانون، وإنما يتضمن القانون قواعد يلزم أن تكون نابعة من الضمير العام للمجتمع، حتى تتمتع القواعد القانونية فى التطبيق بالاستقرار والثبات، ولا يمكن للقانون أن يتحلى بالتوافق مع الضمير العام الذى سيعيش فى ظله، إلا إذا انتهى هذا القانون بعد دراسة الثوابت الدستورية وببحث متعمق من جانب مجلس النواب، ومشاركة جادة حقيقية مع الجهات والهيئات القضائية، بل واتجاه الفقهاء والعلماء فى العلوم ذات الصلة بالقانون، وهو مالم يتحقق بشأن هذا القانون.
فلم يكن واضعوه على علم ودراية كاملة بكل جوانبه، وقد كان يتعين على مجلس النواب دراسة وتفهم التعديل المقترح فى ضوء الحكمة والخبرة والتأنى بالاطلاع على الجوانب الدستورية والقانونية والسياسية والاجتماعية والمهنية للسلطة القضائية، بل وكان يتوجب عليه استلهام روح الضمير العام للمجتمع أو الرضاء العام له والذى يجب أن يلقاه القانون فى نفوس القضاة والمجتمع، ذلك أن الاقتناع العام للشعب بالقانون هو الحارس الحقيقى على تطبيق نصوصه وليس من صنعوه ووضعوه علي غير ارداة الشعب.
سادساً : فاعلية القانون فى التطبيق تستلزم أن يتحقق الاقتناع الشعبى بعدالته وتعبيره تعبيراً حقيقياً وعادلاً عن طموحات المخاطبين بأحكامه والقانون أثبت حالة الاغتراب التشريعى:
أنه فى العلم القانونى يتعين التفرقة بين إصدار التشريع وبين فاعليته ونفاذه فعلا فى حياة الناس، فإصدار القانون فى العلم الحديث ليس وحده من يضمن فاعليته ونفاذه فى مسرح الحياة العملية بل يلزم لذلك أن يتحقق للقانون الاقتناع الشعبى بعدالته وتعبيره تعبيراً حقيقياً وعادلاً عن طموحات المخاطبين بأحكامه، وإن قانون الجهات والهيئات القضائية يعد تجسيدأ لمرض تشريعى عضال أصاب مجلس النواب اسمه مرض الاغتراب التشريعى الذى يعانى منه المجتمع المصري، فنظرة الشعب لقضاته نظرة إجلال وتقدير ستشعرهم بهذا الاغتراب لمن منحوهم أصواتهم للتعبير عنهم وتحقيق مصالحهم وتوطيد دعائم العدل، فإذا بالنواب هم يمسون استقلال القضاء وينتهكون حرمة العدالة" .
سابعاً : أقول لمجلس النواب نصوصكم سوداء بغير حياة سُطرت على ورق أبيض لا يمنحها الحياة والحياء إلا قاض
يضيف المستشار الدكتور محمد خفاجى: "أقول لمجلس النواب من السهل عليكم أن تصدروا تشريعاً وإنما من الصعب أن يكون هذا التشريع كفؤاً، وهو لا يكون كذلك إلا إذا حقق الغاية من إصداره نحو مراعاة أحكام الدستور وبلوغ العدل، وتلك الغاية لا يصل إليها هذا التشريع إلا إذا اتبعتم الأسس العلمية التى تعارف عليها برلمانات العالم فى صناعة حرفة التشريع.
إن اندفاع مجلس النواب نحو إقرار هذا القانون بتلك السرعة واللهفة كشف عنه رغبة السلطة التنفيذية فى إصداره لأسباب سياسية لا دستورية ولا قانونية دون نظر إلى مراعاة الأصول الفنية التى تعارفت عليها برلمانات العالم وهو ما يعكس للشعب ضعف السلطة التشريعية ازاء السلطة التنفيذية فيغيب المفهوم الحقيقى للقانون".
ووجه حديثه لمجلس النواب قائلا: "فالتشريع يا سادة ليس مجرد إحكام للصياغة وإنما التشريع يجب أن يكون راسخاً فى جذروه فى التربة الاجتماعية التى نبت فيها ليكون نبتاً طيباً معبرا عن حقوق المخاطبين بأحكامه، التشريع يا سادة ليس مجرد إفصاح منكم عن إرادتكم فى ممارسة اختصاصكم الدستورى المحجوز لكم مهما كان، وإنما يلزم أن تكون إرادتكم فى هذا الاختصاص محكومة باعتبارات الحق والعدل والانصاف والقسطاط والحرية وحدود الدستور، وإلا تكونوا قد أسقطتم عن أنفسكم وبإرادتكم التفويض الشعبى فى اصدار التشريعات.
التشريع يا سادة ليس إلا مجرد نصوص سوداء بغير حياة كُتبت على ورق أبيض لا يمنحها الحياة والحياء إلا قاض يغوص فى أعماقها ويتعرف على مراميها ليصل إلى العدالة التى يرجوها المجتمع، عدالة يشعر كل فرد بالرضاء عنها، وبذا تزداد ثقة المجتمع فى القضاء ويطمئن إلى أحكامه، هذا هو التشريع وهذه هى فلسفته!! فإذا فعلتم ذلك مع رجال السلطة القضائية، فكيف لكم أن تصنع إرادتكم مع أفراد الشعب والقضاة هم حراسه الآمنين علي نفسه وعرضه وماله وحريته!
ثامناً: أفكار دستورية وقانونية عديدة تدمى هذا القانون وتلطخه، ومجلس النواب لن يبلغ مجتمعاً قدر الذكاء القانونى الذى جُبل عليه سندة العدالة وحماة القانون، ولدينا روشته مبدئية بسيطة لاستئصال الورم الخبيث لهذا القانون العليل وإماتته بالسكتة القلبية تتمثل فى رفض السبعة الكبار المنصب فماذا أنتم فاعلون (إطلاق رصاصة الرحمة ليموت صريعاً كما صدر ) :
أن هذه المباراة المباغتة فى إقرار وإصدار التشريع شائكة فى الفن القانونى بقدر ماهى شائقة، سينهزم فيها مجلس النواب لا محالة، فلن يبلغ مجلس النواب مجتمعاً قدر الذكاء القانونى الذى جُبل عليه سندة العدالة وحماة القانون، وهناك العديد من الأفكار الدستورية والقانونية التى تدمى هذا القانون وتجعله ينزف أمام هدير العدالة لكن لكل مقام مقال.
وأرى من الناحية المبدئية السريعة روشته علاج للخلاص القانونى من الورم الخبيث من هذا القانون العليل، وإذا تحققت مات القانون بالسكتة الدماغية، وتتمثل فى أن يقوم السبعة الكبار فى كل جهة وهيئة قضائية بكتابة الرفض الصريح لتولى منصب رئيس الجهة أو الهيئة القضائية، فتقوم جمعياتهم العمومية بإرسال الأوراق إلى رئاسة الجمهورية مدون بها أن السبعة الكبار رفضوا تولى المنصب، فتعجز السلطة التنفيذية عن اختيار غيرهم، لأن القانون لم يمنحها هذا الحق فماذا أنتم فاعلون؟ فتكون رصاصة الرحمة ليموت صريعاً كما صدر.
إن واضعى القانون بمجلس النواب عجزوا عن تخيل افتراض هذا الفرض، ولم يتعاملوا مع القضاة بالذكاء اللازم، ولا ريب فى أننى أجزم أن ذكاء مجلس النواب مجتمعاً بمستشاريه وخبرائه ومعاونيه، لن يكون على ذات القدر من الذكاء القانونى والدستورى والفطرى الذى اختصه الله بالقضاة فى مصر كلٍ باختلاف موهبته فى الاستنباط والاجتهاد من خلال تمرينات إحكام العقل الحكيم وإعمال قواعد المنطق القانونى السديد المنبثقان من حل الانزعة والقضايا المعروضة عليهم، فيموت القانون بالسكتة القلبية فإن لم يمت سيموت اكلينيكياً وهناك طرق أخرى أكثر عمقاً فى الفكر الدستورى والقانونى لاستئصال هذا الورم الخبيث من جسد العدالة الطاهر .
تاسعاً: يحيى دكرورى جدير بالاحترام لا الانتقام.. هو أول من وقف ضد مرسى وقت حصار المحاكم ولولاه لتشكل مجلس نواب الإخوان واكتملت مؤسسات الدولة ولحل رئيس مجلس النواب رئاسة الدولة و لما قامت ثورة 30 يونيه وما قعدتم فى مقاعدكم الآن؟ ويصورون للرئيس إنه إخوان !
تحدث خفاجي عن نقطة فى غاية الخطورة بقوله: "وما رأيكم إذا تخطت السلطة التنفيذية المستشار يحيى راغب دكرورى النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، لأسباب حاصلها أحكامه التى يصدرها لصالح الوطن والشعب، والتى لا تحوز رضاء الحكومة أى حكومة فى أى عهد، والذى يجب أن يعرفه الشعب أن يحيى دكرورى ولمن لا يعلم من أعضاء مجلس النواب الحالى، هو من أول من وقف ضد محمد مرسى رئيس الجمهورية اَنذاك وأنقذ مصر من تشكيل مجلس نواب الإخوان، فهو الذى قضى فى الطعن رقم 13816 لسنة 59 ق عليا بجلسة 21/4/2013 برفض الطعن المقام من الدكتور محمد مرسى بصفته رئيس الجمهورية ووزير العدل فى عهده ضد الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى الصادر بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رقم 148 لسنة 2013 بدعوة الناخبين المقيدة أسماؤهم بقاعدة بيانات الناخبين لانتخاب مجلس النواب ووقف إجراء الانتخابات بمراحلها المختلفة استنادا إلى أن الدستور 2012 اعتنق نظام سياسى مختلط برلمانى ورئاسى وقد انفرد مرسى رئيس الجمهورية باتخاذ تلك القرارات دون العرض على مجلس الوزراء ومشاورته بالمخالفة للدستور .
إن المستشار يحيى دكروري أصدر هذا الحكم قبل ثورة 30 يونيه 2013 ولولا هذا الحكم لأجريت الانتخابات وقتها وتشكل مجلس نواب الإخوان، واكتملت مؤسسات الدولة وحل رئيس مجلس النواب محل رئيس الدولة، ولما قامت ثورة 30 يونيه ولو كان سيادته إخوان كما يصورون وهماً للرئيس لقام بإلغاء حكم القضاء الإدارى وسمح بإجراء الانتخابات، لكنه قاض وطني مخلص حتى النخاع بعيداً عن أى هوى سياسى، أصدر هذا الحكم فى عز سطوة الإخوان، وكانت المحاكم تُحاصر لكنه لم يخف مما يناله، فلولاه، لظل مجلس النواب الاخوانى قابعاً على السلطة ولما جلستم فى مقاعدكم أيها النواب الآن، هذا هو يحيى دكرورى المفترى عليه.. إن يحيى دكرورى جدير بالاحترام لا الانتقام ".
عاشراً : ويل للمشرعين : إذا تخطيتم يحيى دكرورى بسبب أحكامه، فالتالى له فايز شكرى حنين فإذا ما تخطيموه هو الآخر بسبب ديانته المسيحية فماذا تقولون للمجتمع الدولى؟ لا تدركون أنكم تلعبون بالعدالة وتضعونها هاوية، وما أدراكم ماهية نار حامية
ووجه حديثه للسلطتين التنفيذية والتشريعية: "إذا تخطيتم المستشار الجليل يحيى دكرورى فأمامكم التالى له فى ترتيب الأقدمية هو المستشار الجليل فايز شكرى حنين وهو مسيحى الديانة فإذا تخطيتموه هو الآخر أيضاً، فماذا تقولون للمجتمع الدولى عن استبعادكم للتالى فى الأقدمية وهو مسيحي الديانة ولا يوجد سبب آخر لاستبعاده سوى ديانته، انكم لا تدركون أنكم تلعبون بالعدالة وتضعونها هاوية وما أدراكم ماهية نار حامية .
فويل للمشرعين الذين اكتالوا على القضاء وهم يستوفون والذين هم اعتدوا على استقلالهم فسوف يهمعون والذين إذا عادوهم أو ظلموهم هم الخاسرون والذين هم عن سدنة الحق والعدل ساهون وما يستبد بالعدالة سوى كل معتدٍ أثيم فويل للنواب من القهار الأواب.
للاطلاع على الجزء الأول اضغط هنا