لميس جابر تكتب: هل تحكم مصر بالعصا والخرطوش والسباب؟

مقالات الرأي


أنا الآن فى قمة التفاؤل.. جملة غريبة ولكنها صادقة الصورة الآن اتضحت والأرض أفرغت ما فى جوفها والمشهد أصبح عارياً عرى الحقيقة بلا رتوش ولا دعاية كاذبة وهو ما لم يحدث منذ أيام حسن البنا ومنذ خروج جماعة الإخوان إلى الدنيا.. منذ هذه الأيام كان الأمل الأكبر والأوحد للجماعة هو الانقضاض على الحكم والإمساك بتلابيب كرسى العرشى والتسلط الشامل على مصر ودائماً وأبداً كان الأسلوب الأمثل لهم هو اللجوء للعنف والقتل والاغتيالات من أجل الوصول للحكم.

وبدأت السلسلة الأولى فى الأربعينيات وكان منها اغتيال رئيس محكمة الاستئناف المستشار الخازندار ثم سليم زكى حكمدار القاهرة وأربع محاولات اغتيال للنحاس باشا ثم اغتيال النقراشى باشا بعد سلسلة تفجيرات وحرق وتدمير حتى اغتالوا الإمام والمرشد حسن البنا بأنفسهم بعد أن اتهمهم بالكفر والخروج على الجماعة فى آن واحد.

والسلسلة الثانية كانت بعد أن اختلفوا مع الضباط الأحرار وطالبوا بقطعة من الكعكة نظير مساعداتهم وتأييدهم الجماهيرى لهم وبالفعل كان أول قرار للضباط الأحرار بعد يوليو بشهور هو الإفراج عن قتلة الخازندار والنقراشى باشا.. ثم جاءت لحظة الخلاف فحاولوا اغتيال عبدالناصر والسادات فى المنشية وكان الرد القاسى بالإعدام والسجن والاعتقال والتعذيب واختبأ الباقون تحت الأرض حتى الستينيات وما «أدراك ما الستينيات» وظهرت المحاولة الثانية فكانت الضربة الثانية بإعدام سيد قطب واعتقال وتعذيب الآخرين وظلوا تحت الأرض وفى المنفى إلى أن سقطت مصر فى هزيمة يونيه، وبدأ الاستيقاظ والتوغل بهدوء حتى انتهت حرب أكتوبر وبدأوا فى العمل ولكن هذه المرة كان التمويل سخياً والأموال كثيرة من الجزيرة العربية وحاول السادات الاستعانة بهم ضد الشباب الثائر المتظاهر والذى يتحدث فى السياسة بلا قنابل ولا رصاص ولا مولوتوف وكانت السقطة التراجيدية للبطل العظيم والسياسى الداهية واتفق معهم ولم يلتفت إلى أنهم بلا عهد ولا كلمة ولا اتفاق وكان هو أول ضحاياهم بعد أن تركهم فطالت أصابعهم وتغلغلت فى كل مؤسسات الدولة.. وكانت موجة الاعتقالات والسجن الثالثة، وظللنا طوال حكم مبارك فى اغتيالات وتفجيرات وإرهاب وقتل حتى حادث كنيسة القديسين وكانوا هم أيضاً ولكن فى ثوب التكفير والهجرة والجهاد وتنظيم القاعدة.. وتم إحكام الغطاء فوق رءوسهم حتى خرجوا فى يناير 2011 ليحرقوا شرطة مصر ويقتحموا السجون ويخرجوا زملاء الجهاد ويحيلون الوطن إلى شعلة من الحرائق والعنف والفوضى وبعد سلسلة من الكوارث والحرق والتدمير والبهدلة وإفلاس الدولة تم المراد الذى ظلوا يجاهدون من أجله منذ عام 1922 وجلسوا على العرش وحكموا مصر وكان هذا هو الحل السحرى والنهائى الذى لم يتخيله أحد ولم يفطن ولم يتجرأ عليه أحد ممن قاوموهم وأغلقوا عليهم أبواب السجون.. نعم.. كان لابد لهم أن يحكموا حتى يفطن رجل الشارع البسيط الذى يرى فى اللحية والزبيبة أناسًا يتقون الله ويقيمون الصلاة داخل الجوامع ويحملون لواء الهداية والإيمان.. يفطن لبواطن الأمور ويرى الحقيقة بعد أن تكشفت رويداً رويداً فى أقل من ستة أشهر.. رأى الانقلاب على القوانين والدساتير والقسم.. رأى مؤسسات الدولة تتفكك وتتأخون وتفلس.. رأى لجنة تأسيسية لا ترقى لمستوى واضعى بطاقات تموين تضع دستوراً مشوهاً هدفه الأسمى حماية الأخلاق والفضيلة بالقانون والكرباج.. رأى دعاة أخلاق ودين داخل البرلمان لا علاقة لهم بالدين ولا الأخلاق.. رأى انتخابات تدار بالزيت والسكر والأموال والتهديد والتكفير والتزوير.. ورأى إعلاماً يتفوه بألفاظ لم نسمعها ولا أظن أن أحداً قد سمعها فى أى فضائيات فى العالم وللأسف أصحابها يدعون شيوخاً.. يسبون الناس ويتطاولون بأقبح أنواع السباب ولما لم تفلح معلّقة الشتائم لجأوا إلى التهديد والوعيد بالليل الأسود الحالك والقتل والسحل والإعلان عن ميليشيات مسلحة بالملايين وعن استعدادهم لتقديم شهداء بالملايين.. ولم تفلح التهديدات فبدأوا فى الضرب وتكسير العظام والسحل والقتل بالرصاص فى الرءوس مثلما حدث مع الشهيد الصحفى الشاب «أبوضيف» وهم يهللون الله أكبر تحيا الشرعية.. وحاولوا ضرب القضاء وتفريغه من الشرفاء ليضعوا إخوانهم ويسوقوا الباقين فواجهوا أول حائط صد منيع وشرس وتركوهم وذهبوا لحصار المحكمة الدستورية وأخذوا يهددون الرئيس والنائب بالقتل وذهبوا لحصار مدينة الإنتاج الإعلامى ليهددوا الإعلاميين بالحرق والقتل وحطموا بعض العربات وضربوا عددًا من الشخصيات فاستعدوا عليهم الإعلاميين أكثر وأكثر ثم تركوا الموقع إلى مقر الوفد ليحرقوه والوطن ليهددوه، وهكذا المسلسل متواصل والهزائم والخسائر مستمرة وسوء التصرف وقلة العقل تسوقهم إلى حتفهم.. هل يظن هؤلاء السذج أنه كان بإمكان أحد على مدار آلاف السنين أن يحكم مصر بالعصا والحجر والمولوتوف؟ هل هم أقوى من التتار والمماليك وبنى عثمان ونابليون والإنجليز واليهود؟

هل يتخيل هؤلاء الذين يجلسون فى الغرف المغلقة فى الاستديوهات وظهورهم إلى الحائط ويصرخون مهددين مائة مليون مصرى بالقتل والحرق والدماء والويل والليل الحالك إذا لم ننصع طائعين أننا نخاف؟؟

هل إذا زادت أعداد الجنود المجندة والجيوش المجيشة والمليشيات الأمريكانية فى كل تصريح سوف نخاف؟ كانوا ألفًا وإذا بهم آلاف ثم ملايين ثم لا يصدقهم الآن طفل صغير.. وآخر ما عندهم هى عصابات البلطجة مع رجال القسام الذين ضربوا الشباب والنساء والأطفال أمام الاتحادية، ومحاولات بلهاء لاستخراج اعترافات من طفل صغير بأنه متآمر من لدى الحزب الوطنى ومحاولات غش فى جثث الشهداء حتى محاولات الشراء ليخرج الرئيس ويعلن أرقاماً كاذبة ويلوح بإثباتات خيالية لتنكشف الأمور على الملأ.. والصورة الآن مشروع نهضة مؤلف وخيالى.. رجال أعمال فى البقالة.. انتماء الروح والقلب والجيب لغزة وحماس.. سيناء تعشش فيها الجرذان والعقارب.. الأسلحة تباع فى الأسواق الولاء لإسرائيل والاعتراف بالقدس عاصمة أزلية لإسرائيل القضاء معطل والعدل يترنح.. محاولات مستميتة لصنع فتنة دينية والمسلمين والمسيحيين يقاومون بضراوة.. الفوضى شاملة والكساد والبطالة وتوقف السياحة والخيول تتبول على قدمى أبوالهول.. هروب كل رجال الأعمال الأجانب والمصريين إلى الخارج حتى قرض البنك الدولى الذى يشترط رفع الدعم هرب.. خسائر بالمليارات وخسائر فى الأخلاق.. أمريكا تعلن مصر أصبحت دولة إسلامية.. والله العظيم إعجاز.. أن تسقط دولة فى ستة أشهر بهذه الحنكة والسرعة هو إنجاز الإخوان الأعظم والأسرع بواسطة أحلى انتخابات وأعلى مستوى للتزوير والغش والرشوة والتهديد حتى مرحلة إلقاء أوراق الاستفتاء بـ «لا» فى الشوارع.

ونحن على أبواب النهاية.. الآن لا داعى لقضبان السجون ولا لوضع غطاء البلاعة.. رجل الشارع يثور الآن على المشايخ ويحاصر الجوامع وسب أعداء الدين المتأسلمين.

الآن نحن على وشك إغلاق الستار على نهاية أسطورة خيالية فاشلة اسمها الإخوان المسلمين.