قصة سيدنا يونس عليه السلام.. تعرف عليها
في أرض الموصل بالعراق كانت هناك بلدة تسمى نينوي انحرف أهلها عن منهج الله وعن طريقه المستقيم وصاروا يعبدون الأصنام ويجعلونها ندًّا لله وشريكًا له فأراد الله أن يهديهم إلى عبادته والى طريقه الحق فأرسل إليهم يونس عليه السلام ليدعوهم إلى الإيمان وترك عبادة الأصنام التي لا تضر ولا تنفع لكنهم رفضوا الإيمان بالله وتمسكوا بعبادة الأصنام.
استمروا على كفرهم وضلالهم دون أن يؤمن منهم أحد بل إنهم كذَّبوا يونس وتمردوا عليه واستهزءوا به وسخروا منه فغضب يونس من قومه ويئس من استجابتهم له فأوحى الله إليه أن يخبر قومه بأن الله سوف يعذبهم بسبب كفرهم فامتثل يونس لأمر ربه وبلغ قومه ووعدهم بنزول العذاب والعقاب من الله تعالى ثم خرج من بينهم وعلم القوم أن يونس قد ترك القرية فتحققوا حينئذ من أن العذاب سيأتيهم لا محالة وأن يونس نبي لا يكذب فسارعوا وتابوا إلى الله سبحانه ورجعوا إليه وندموا على ما فعلوه مع نبيهم وبكى الرجال والنساء والبنون والبنات خوفًا من العذاب الذي سيقع عليهم فلما رأى الله سبحانه وتعالى صدق توبتهم ورجوعهم إليه كشف عنهم العذاب وأبعد عنهم العقاب بحوله وقوته ورحمته.
فقال تعالى : ( فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آَمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آَمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ) وبعد خروج يونس من قريته ذهب إلى شاطئ البحر وركب سفينة وفي وسط البحر هاجت الأمواج واشتدت الرياح فمالت السفينة وكادت تغرق وكانت السفينة محملة بالبضائع الثقيلة فألقى الناس بعضًا منها في البحر لتخفيف الحمولة ورغم ذلك لم تهدأ السفينة بل ظلت مضطربة تتمايل بهم يمينًا ويسارًا فتشاوروا فيما بينهم على تخفيف الحمولة البشرية فاتفقوا على عمل قرعة والذي تقع عليه يرمي نفسه في البحر فوقعت القرعة على نبي الله يونس لكن القوم رفضوا أن يرمي يونس نفسه في البحر وأعيدت القرعة مرة أخرى فوقعت على يونس فأعادوا مرة ثالثة فوقعت القرعة عليه أيضًا فقام يونس عليه السلام وألقى بنفسه في البحر وكان في انتظاره حوت كبير أرسله الله له وأوحى إليه أن يبتلع يونس دون أن يخدش له لحمًا أو يكسر له عظمًا ففعل.
قال تعالى : ( وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ) وظل يونس في بطن الحوت بعض الوقت يسبح الله عز وجل ويدعوه أن ينجيه من هذا الكرب قال تعالى : ( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ) وأمر الله الحوت أن يقذفه على الساحل ثم أنبت عليه شجرة ذات أوراق عريضة تظلله وتستره وتقيه حرارة الشمس قال تعالى : ( فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ) وأمر الله يونس أن يذهب إلى قومه ليخبرهم بأن الله تاب عليهم ورضى عنهم فامتثل يونس لأمر ربه وذهب إلى قومه وأخبرهم بما أوحى إليه فآمنوا به فبارك الله لهم في أموالهم وأولادهم قال تعالى : ( وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ فَآَمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ) وقد أثنى الله عز وجل على يونس في القرآن الكريم فقال تعالى : ( وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ) كما أثنى النبي ص على يونس عليه السلام فقال : ( لا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى ) وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الذي تصيبه مصيبة أو شر ثم يدعو بدعاء يونس عليه السلام يفرِّج الله عنه فقال صلى الله عليه وسلم : ( دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ : لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ لا يَدْعُو بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ ).