بعد إقراره.. خبراء عن دمج "الحشد الشعبي" مع الجيش العراقي: القانون إيجابي لمواجهة الإرهاب

عربي ودولي

الحشد الشعبي
الحشد الشعبي

في تصعيد وصف بالكبير ونتيجة الحرب الشعواء بين قوى مختلفة في العراق، أقرّ مجلس النواب العراقي مشروع قانون يقضي بدمج ميليشيات الحشد الشعبي بقوات الجيش العراقي، حيث صوت 230 نائباً على القانون وأُعلن بعده إقراره بغالبية أصوات الحاضرين، إلا أن الأمر لم يمر هكذا  بل أثار الكثير من الخلافات على الساحة الدولية عامة والساحة العراقية خاصة.

قوى ترفض القانون
وفي خضم التصويت على القانون برزت العديد من الخلافات الكثيرة، حيث انسحب ما يقرب من 89 نائباً سنياً من اتحاد القوى وكتلة الوطنية بزعامة إياد علاوي، فيما طالب نواب من الطائفة السنية  بتعديلات عدة على القانون، من بينها تخصيص للسنة ما يقرب من 40% من مقاتلي الحشد الشعبي.

فيما  اعتبر اتحاد القوى والقائمة الوطنية في العراق أن تشريع قانون الحشد الشعبي، يعد من أكثر الأمور خطورة، بل واعتبره  بمثابة الطعنة الشديدة لمبدأ الشراكة بين المكون السني والشيعي، مؤكدا أنه يعد تنصلا  من الاتفاقيات السياسية.

كما حذروا أيضا من هذا القانون مؤكدين إن إنشاء هيئات عسكرية وأمنية جديدة موازية لأجهزة الدولة يعد من الأمور الخطيرة على كيانات ومؤسسات الدولة العراقية.

جذور الحشد الشعبي
وتعود جذور الحشد الشعبي إلى تشكيله في 13 يونيو عام 2014، على يد المرجع الشيعي الأعلى في العراق على السيستاني، عندما قام تنظيم داعش بالسيطرة على الكثير من المدن العراقية أبرزها الموصل التي لا تزال يسيطر عليها التنظيم.

الدور الإيراني في تشكيل الحشد الشعبي
وقد برزت الكثير من التقارير الدولية والعربية عن الدور الإيراني في تشكيل هذه المليشيات الشيعية في العراق، ومن ضمن هذه الدراسات دراسة قدمها مركز الروابط للبحوث والدراسات الإستراتيجية، والتي أوضحت أن أساس تكوين الحشد الشعبي جاء بإيعاز من قبل إيران، بعد خوفها الشديد من تهديد كيانها ومصالحها في العراق الذي طالته واستحوذت عليه منذ الغزو الأمريكي للعراق.

وتوضح الدراسة أن الحشد الشعبي يتألف من الشباب الشيعي العراقي موزعين على أكثر من 42 فصيلًا بأعداد كبيرة للغاية، فيما تنقسم هذه الفصائل المكون منها الحشد الشعبي المقرر إدماجه في الجيش العراقي،  منظمة بدر  وكتائب حزب الله وعصائب أهل الحق وسرايا السلام ولواء الخراسان بالإضافة إلى الشباب أيضا الذين انضموا لهذه المليشيات، حسبما ذكرت الدراسة.

ولفتت الدراسة إلى أن هذه التنظيمات ترتبط عقائديّاً وتنظيميّاً ومالياً بشكل مباشر بدولة إيران، مؤكدة أنه يشكل خطرا كبيرا على مستقبل تلك القوّات ودورها في الصراع السياسيّ القائم في البلد.

سيسب مزيد من الصراعات
وفي سياق ما تقدم أكد الدكتور عمرو عبد المنعم، الخبير في شئون الجماعات الجهادية، أن إقرار البرلمان العراقي  قانونا يقضي بضم الحشد الشعبي لقوات الجيش العراقي يعد من أكثر الأمور خطورة في العراق، موضحا أن هذا سيزيد الصراعات تماما وسيشعل الأجواء أكثر في العراق.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن الجيش العراقي انتهى منذ دخول القوات الأمريكية وتدميره على يدها، ثم سمحت لإيران بعد ذلك أن تتدخل لتكمل دورها بإنشاء مليشياتها الشيعية، موضحا أن إيران لا تشكل مليشيات فقط في العراق وإنما تشكل مليشيات في الكثير من الدول ومنها لبنان والعراق وسوريا واليمن والبحرين وغيرها الكثير والكثير.

وعن خطورة هذا القانون، يشير المتخصص في الجماعات الجهادية، أن هذا القانون جعل المكون السني بلا مأوى وقوى كثيرا من الجانب الشيعي، وهو ما سيسبب صراعا قويا سيصب في النهاية في صالح تنظيم الدولة "داعش"، حيث ستزداد حاضنته نتيجة الطائفية التي ستمارس ضد المكون السني.

القانون سيسبب فوضى ويعدّ شأنا داخليا
من جانبه أكد الدكتور أحمد رفعت أستاذ القانون الدولي، أن مسألة إقرار قانون مثل هذا يعد أمرا داخليا بحتا يخص الدولة  العراقية ومؤسساتها، مشيرا إلى أن هذا القانون لا يمكن أن يتدخل به أحد كونه شأن داخلي.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن الأمم المتحدة تعتبر الشئون الخاصة بالجنسية والتجنيد من الأمور الداخلية للدول، والاتفاقيات هي التي تحدد هذه الأمور كما ورد وفق القانون الدولي لتلك المنظمات، موضحا أنه فيما عدا الجنسية والتجنيد فإن أي أمر يتواجد في الدول فهو محل نقاش وأخذ ورد مع القوانين الدولية خاصة انتهاك حقوق الإنسان.

 وعن دور المليشيات الشيعية أوضح أستاذ القانون الدولي، أن الجرائم التي ترتكبها تلك المليشيات تعد من صميم عمل المؤسسات الداخلية في العراق التي يفترض أن تقوم بدور رقابي شديد، فضلا عن ضرورة تدخل المنظمات الحقوقية.

وعن استثناء المكون السني من القانون لفت رفعت أن القانون لا ينبغي أن يكون موجها لمكون دون مكون، حيث سيسبب عدم توازن وفوضى وسيؤسس للطائفية المخربة خاصة أن العراق تعد من المناطق الساخنة في ذلك، مشددا على المجتمع الدولي التدخل إذا ما حدث أية انتهاكات إنسانية.

القانون إيجابي لمواجهة الإرهاب
منير أديب الباحث في شئون الجماعات الجهادية كان له رأيا آخر، حيث أعتبر أن قانون انضمام المليشيات الشيعية إلى قوات الجيش العراقي، يعد من الأمور المهمة تماما وهي من الإيجابيات التي قام بها البرلمان  إذ أنه يمثل خطوة مهمة في كبح جماح تنظيم داعش، مشيرا إلى أن هذا سيكون له فاعلية أيضا في ضبط الأفعال التي تقوم بها هذه المليشيات.

وأضاف منير في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن هذا القانون  له الكثير من المميزات حيث سيعمل من خلال بنوده أيضا في إضفاء جانب المحاسبة إذا ما وقعت أية انتهاكات من قبل الحشد الشعبي التي أدمجت للجيش العراقي حيث سيحكمها القانون بكامل قوته.