الذكرى الـ 22 لسيول 1994.. كوارث الأجداد تلحق بالأحفاد
رغم تعرض معظم المحافظات المصرية لسيول جارفة خلال الأيام الماضية، إلا أن سيول 1994 تظل الأعنف على الإطلاق في تاريخ مصر، ففي مثل هذا اليوم منذ نحو 22 عامًا تعرضت معظم المدن والمحافظات المصرية لموجة مفاجئة من الأمطار شديدة الغزارة، تكبدت خلالها خسائر بشرية ومادية ضخمة، صنفت وقتها كأقوى موجة تضرب مصر في الـ 50 سنة الأخيرة.
وبدأت السيول موجتها في فجر يوم 2 نوفمبر 1994 بجنوب مصر, حيث تعرضت محافظة أسيوط لأمطار طوفانية استمرت حوالي 3 ساعات بدون توقف, بلغت فيها كمية الأمطار حدا غير مسبوقا، وتسببت في غرق قرية درنكة بالكامل.
وتسبب الاندفاع الطوفاني للمياه في تحطم الطرق بصورة كاملة وانهيار المنازل وقام بجرف كل هذا باتجاه مخازن تكرير البترول مما أدى لانفجارها كلها واحتراق باقي القرية عن بكرة أبيها في كارثة مأساوية كبرى، تسببت في وفاة أكثر من 600 مواطن في أسيوط أغلبهم من قرية درنكة، وتحطم معظم منازل المحافظة.
زيادة هطول الأمطار وشدتها أدى إلى انتقالها سريعًا لتشمل أغلب محافظات مصر، حيث تعرضت محافظات أسوان والفيوم والسويس والغربية وجنوب سيناء وكفر الشيخ والمنوفية لأمطار شديدة الغزارة بعد الفجر تسببت في ارتفاع منسوب المياه في الشوارع بصورة لم تشهدها مصر من قبل، وهو ما تسبب في غرق أكثر من 70 نجعا في سوهاج، وتحطم طرق كاملة في الصعيد.
ومع اقتراب وصول الساعة إلى السادسة صباحًا وصلت الأمطار إلى مدينة القاهرة، التي تعرضت كل مناطقها لأمطار رعدية شديدة الغزارة استمرت حوالي ساعتين تسببت في ارتفاع المياه في الشوارع بصورة غير مسبوقة وبلغت الكمية المتساقطة خلال الساعتين حوالي 30 ملم وهو ما حطم الرقم القياسي السابق المسجل باسم عاصفة 29 نوفمبر 1957 التاريخية حيث سجلت القاهرة يومها 18 ملم
تسببت الأمطار الغزيرة في انهيار المنازل بالمناطق الشعبية في القاهرة، وتوقف حركة المترو عن العمل بعدما اجتاحت المياه محطات المترو والقضبان بارتفاع مهول تجاوز المتر، وكذلك حدوث انهيارات بالطريق الزراعي بين القاهرة والشرقية.
استمرت موجة الأمطار ما بين متوسطة وغزيرة لمدة 3 أيام متتالية، وتعرضت محافظات الدقهلية والقليوبية وسوهاج وقنا لأمطار غزيرة في الأيام التالية، وأرجعت هيئة الأرصاد الجوية المصرية آنذاك، أسباب السيول إلى وجود منخفض جوي متوسط القوة قادم من جنوب قارة أوروبا, تزامن معه وقتها نشاطا كبير لمنخفض السودان الموسمي الدافئ علي سطح الأرض, حيث أدى تلاحم المنخفضين إلى تلك الحالة الشديدة من عدم الاستقرار.
وقد قدرت الخسائر المادية وقتها جراء غرق واحتراق القرى وانهيار المنازل والطرق, بحوالي ملياري جنيه مصري "حوالي 650 مليون دولار أمريكي" وهو رقم كبير جدا بالنسبة للوقت الحالي، فضلًا عن الخسائر البشرية