"حريق العتبة" يفتح الملف الأسود للأسواق العشوائية.. 2000 سوق ينتظرون مصير "الرويعي"

انتشرت ظاهرة الأسواق العشوائية والباعة الجائلين، في الشوارع والميادين ومحطات السكك الحديدية بكل محافظات مصر، الأمر الذي يؤثر بدوره على الحركة المرورية مما يؤدي في أحيان كثيرة إلى وقفها، من خلال إشغال هؤلاء الباعة للطرق التي يصعب مرور السيارات بها، ويتسبب هؤلاء في مشاكل عديدة، حيث ظهرت مؤخراً ظاهرة نشوب الحرائق في الأسواق العشوائية، حتى بات الأمر لا يتعلق بالأذى الذي يحوم حول هؤلاء فقط، بل يؤثر على المساكن والأماكن المحيطة كما حدث في الحريق الهائل الذي نشب بفندق الأندلس بمنطقة الرويعي في العتبة.

وبهذا تعد ظاهرة الأسواق العشوائية والباعة الجائلين بمثابة قنبلة موقوتة كما وصفها البعض، وبحسب تقرير التنمية البشرية المحلية لعام 2015، الصادر عن وزارة التنمية المحلية ، ومعهد التخطيط القومي، التابع لوزارة التخطيط، فأنه يؤكد وجود 1999 سوقاً عشوائية فى 230 مدينة بالمحافظات، وأن نسبة الأسواق اليومية منها 73.8% من إجمالي عدد الأسواق.

وبعرض الأمر على المسؤولين، لتوفير فرص عمل لهؤلاء الباعة من أجل القضاء على الظاهرة، فإنهم دائماً ما يشيرون إلى أن هؤلاء الباعة الجائلين غير مرخص لهم بمزاولة التجارة، وأنهم أشخاص مُخالفون لإشغالهم الطرق وتسببهم في حالة الفوضى المرورية المنتشرة.

هذا وقد شهدت محافظات مصر في الآونة الأخيرة، نشوب عدد كبير من الحرائق، معظمها أو تكاد تكون كلها بلا استثناء في المناطق العشوائية.

تلقت غرفة عمليات الحماية المدنية بالقاهرة في الساعات الأولى صباح اليوم الإثنين، بلاغا من غرفة النجدة، باشتعال النيران في فندق بمنطقة العتبة، وعلى الفور توجه اللواء جمال حلاوة، مساعد الوزير مدير الإدارة، وبصحبتهم سيارات الإطفاء إلى مكان البلاغ لمحاولة السيطرة على الحريق.

وامتدت النيران لمصنع جلود ومحل أحذية بداخل إحدى الحارات بجوار حريق عقار الأندلس بالرويعي التابع لمنطقة العتبة، ويقوم رجال القوات المسلحة بتتبع الأدخنة لمنع خطر امتداها لباقى العقارات المجاورة والمحلات والمخازن المتواجدة بالمكان.

ويعانى رجال الحماية المدنية بالقاهرة من التشوينات الضخمة المتواجدة بعقار فندق الأندلس، نظرا لوجود عشرات المخازن من البلاستيكات والأحذية والبويات والملابس، وبمجرد إخماد أجزاء معينة من المبنى تندلع النيران مرة أخرى بسبب وجود مواد سريعة الاشتعال داخل مبنى الفندق.

وفي أول مايو الجاري، تمكنت الحماية المدنية بالإسماعيلية من السيطرة علي حريق هائل نشب بمنطقة الحلوس "هيش البركة"، على مساحة 60 فدان.

وفي أول أبريل الماضي، اندلع حريق هائل بسوق المساكن الاقتصادية الكائن بالشارع الغربي، بحي حلوان، وعلى الفور انتقلت قوات الحماية المدنية للسيطرة على الحريق ونجحت القوات في إخماده دون أي إصابات.

وكانت الأهالي قد استيقظت على صوت طلقات خرطوش، بعده نشب حريق هائل بفرش الباعة داخل السوق، نتيجة إلقاء بنزين من قبل مجهولين، كما أكد الأهالي، وقاموا بإبلاغ المطافئ، وعلى الفور حضرت عربة مطافي وعربة إسعاف وتم السيطرة عليه.

وفي ذات الشهر من العام الماضي، تمكنت الحماية المدنية ببورسعيد من إخماد حريق هائل بمنطقة تجارية، بعدما التهمت النيران 7 محلات تجارية بشارعي "القليوبية، والتجارى".

تلقت قوات الحماية المدنية ببورسعيد بلاغا بنشوب حريق هائل بالمحلات، وتوجهت القوات إلى موقع الحريق واستطاعت إخماده، فيما لم يتم تحديد الخسائر المادية.

كما نشب حريق هائل بسوق الخضار بمدينة 6 أكتوبر في ذات الشهر.

وذكر التقرير المعنون: "الأسواق العشوائية .. دور القطاع غير الرسمى فى تنمية الاقتصاد المحلي"، إن الاقتصاد غير الرسمى يضم الأسواق العشوائية، و18 مليون منشأة، بينها 40 ألف مصنع، متابعاً: " 908 ملايين عامل ينخرطون في الاقتصاد غير الرسمي، وأن نسبة الباعة الجائلين منهم 40%".

وأظهر التقرير، أن الأسواق العشوائية تنتشر وسط التجمعات السكنية والشوارع وعلى الأرصفة، وفى المقابر، وحول مواقف سيارات الأجرة، ومحطات المترو، والقطارات، ومعظمها يفتقد لخدمات المرافق، والتخلص من مخلفاتها، وتلويثها للبيئة بالطرق التقليدية، ما يعد إهداراً للموارد في ظل عدم توفير قروض للبائعة الجائلين ومعظمهم من محدودي الدخل.

وصنف التقرير الأسواق العشوائية، إلى أسواق للمواد الغذائية؛ وهى الأسواق القائمة على بيع المنتجات الزراعية والحيوانية، وأسواق حرفية، وهى القائمة على بيع المنتجات الحرفية المصنعة، وأسواق تجارية، وهى القائمة على بيع المواد التجارية، وجميعها مقامة على أملاك الدولة، وأملاك شركات قطاع الأعمال العام، وجهات مركزية؛ منها السكك الحديدية وأملاك خاصة.

وتحدث التقرير عن وجود 1999 سوقاً عشوائية فى 230 مدينة بالمحافظات، وأن نسبة الأسواق اليومية منها 73.8 % من إجمالي عدد الأسواق.

وأشار التقرير، إلى أن محافظة القاهرة، تحتل المرتبة الأولى بين المحافظات فى الأسواق العشوائية، بعدد 134 سوقاً، بـنسبة 12.2% من إجمالي الأسواق العشوائية، تليها الإسكندرية، 83 سوقاً؛ والقليوبية 45 سوقا؛ وفى كفر الشيخ 42 سوقا؛ والمنوفية تضم 29 سوقاً؛ وفى الفيوم 53 سوقا؛ ومحافظة أسيوط 56 سوقا.

وأرجع تقرير التنمية البشرية المحلية، ارتفاع حجم الاقتصاد غير الرسمي، بسبب انتشار الأسواق العشوائية والباعة الجائلين بعد اندلاع ثورة 25 يناير ، لأسباب من بينها غياب الأمن، وانخفاض معدلات الشركات الصغيرة والمتوسطة لأقل من 10 %.

وتأتي أسباب غزو الاقتصاد غير الرسمي للاقتصاد الرسمي فى الأسواق المحلية بالعشوائيات؛ بينها تقشف الإدارة المحلية، وانتشار الفساد، وعدم توافر الثقافة المعنية بأهمية المساهمة فى اقتصاد الدولة، ومواجهة الروتين حال السعى لفتح ملف ضريبى أو التراخيص، واهتمام الحكومة بالمناطق الحضرية، وإهمالها القرى فى الوجهين القبلى والبحرى.

ومع نشوب حريق العتبة، أدان عدد من أعضاء مجلس النواب وانتقدوا عدم تعيين محافظ للقاهرة، مؤكدين رغبتهم في فتح ملف العشوائيات تحت القبة للعمل على التطوير مطالبين بالتكاتف.

"أبو السعود" يطالب الحكومة بالتكاتف لنقل الأسواق العشوائية        

فيما أبدي أمين مسعود، عضو مجلس البرلمان، استيائه من الحرائق التي نشبت مؤخراً في الأسواق العشوائية في العديد من المحافظات، قائلاً: "لدينا العشوائيات منتشرة وفي كل محافظة بها عدد كبير من العشوائيات".

وأضاف مسعود، في تصريحاته الخاصة لـ "الفجر"، أنه لابد من تكاتف أعضاء مجلس النواب والمعنيين بملف العشوائيات لتطويرها .

وأكد مسعود، أنه لابد من فتح ملف العشوائيات تحت قبة البرلمان، مطالباً الحكومة برئاسة المهندس شريف

إسماعيل بضرورة التكاتف معاً نحو تطوير الأسواق العشوائية، إما بنقل تلك الأسواق خارج المناطق الآهلة بالسكان، إضافة إلى أن يكون للمحافظ دور في ذلك بضرورة إحكام السيطرة على تلك الأسواق.

فيما انتقد حسين فايز أبو الوفا، عضو مجلس النواب عن حزب مستقبل وطن، كم الحرائق الهائل الذي نشب في الآونة الأخيرة بأنحاء الجمهورية فيما يطلق عليها الأسواق العشوائية، مشيراً إلى أن  حريق العتبة الأخير أسفر عن خسائر جمة.

وأضاف أبو الوفا، في تصريحاته الخاصة لـ "الفجر"، أن الخطأ لا يقع على الحكومة وحدها فحسب، بل أنها دائماً ما تقوم بعمل حملات إزالة وبمجرد  إغفالها يعود الباعة الجائلين ثانيةً، مشيراً إلى أن هناك أخطاء مرتكبة فالباعة الجائلين المنتشرين في تلك الأسواق الغير رسمية لا يدركون حجم السلبيات والمخاطر التي يرتكبونها.

 وعن دور مجلس النواب في مناقشة ملف العشوائيات، أكد أبو الوفا، أن البرلمان منذ أن تم انعقاده وهو يحمل على أكتافه حل مشاكل عديدة ويضع المواطن الفقير نصب عينيه، متابعاً: بالفعل سيطرح الأمر على البرلمان من أجل مناقشته في جلسة عامة لوضوع حلول ومقترحات.

وأكد عبدالمطلب عبدالحميد، الخبير الاقتصادي، أن ما حدث في سوق العتبة الشعبي نتج عن التقصير والإهمال من قبل الدولة في هذه الأسواق الشعبية، لافتاً إلى أنه لا بد من تشديد الرقابة من قبل الدولة على هذه الأسواق الشعبية، عن طريق زيادة حملات وزارة الداخلية على الباعة الجائلين.

وطالب عبدالحميد، في تصريحاته الخاصة لـ"الفجر"، الدولة المصرية بطرح العديد من الحلول لحل أزمة الأسواق الشعبية التي ازداد تأججها عقب اندلاع ثورة يناير نتيجة للظلم الذي وقع عليهم من قبل نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، مشدداً على أن الحلول كثيرة وأهمها نقل الأسواق الشعبية بعيداً عن العاصمة والمناطق المزدحمة.

ونوه عبد الحميد، إلى ضرورة وجود رقابة من قبل المجالس المحلية بالاشتراك مع المحافظات في منع وجود الأسواق الشعبية حتى لا تتعرض مصر إلى كارثة أخرى.