97 عامًا على ثورة 1919.. ذكرى نضال المرأة المصرية

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

تحل اليوم، الذكرى 97 للثورة الشعبية التي فجرها الشعب المصري عام 1919 بقيادة  «سعد زغلول» زعيم الحركة الوطنية المصرية، نتيجة سلسلة من الاحتجاجات الشعبية على السياسة البريطانية في مصر عقب الحرب العالمية الأولى.
وكانت هذه الثورة البداية لدور المرأة المصرية في مشاركتها للعمل العام، فكان ذلك بمثابة صدمة ثقافية وحضارية للمجتمع الشرقي برمتة.
كما كانت هذه المظاهرة هي الأولى التي سرعان ما لحقتها غيرها من مظاهرات نسائية، انتقلت شرارتها من الطبقة الأرستقراطية إلى شرائح الطبقة الوسطى، ومنها إلى نساء الطبقة العاملة، التي سقط منهن شهيدات في ثورة 1919.
 
المرأة والتصدي للاستعمار والثورات
جاءت ثورة 1919 والتي تمثل نقطة تحول كبيرة في تاريخ المرأة المصرية حيث أنها لم تكن احتجاجا سياسيا فحسب ضد الاحتلال وإنما كانت احتجاجا اجتماعيا ضد التقاليد الجامدة التي عملت علي تقييد المرأة، وكانت ثورة 1919 تمرد سياسي واجتماعي وفكري، تمرد أدى إلى خلع الحجاب الفكري عن عقول النساء الثائرات، والنقاب الاجتماعي عن سجينات التقاليد البالية، والخمار السياسي عن الوعي المتفجر للمطالبات بحرية الوطن ومواطنيه رجال ونساء.
 كما أن هذه الثورة أكدت على أن المرأة المصرية على قدر من الكفاءة التي تمكنها من القيادة الشعبية حيث استطاعت في تلك الثورة أن تخطط وتنظم مظاهرة كبرى بهذه الدرجة أفزعت قوات الاحتلال، كما أنها أكدت على وطنية المرأة المصرية فقدمت الكثير من التضحيات وأن المرأة شريكة أساسية في المجتمع تعيش آلامه وأوجاعه ومستعدة ببذل الروح من أجل الوصول به إلى أرقى سلم التقدم فالشعور الوطني عند المرأة لا يقل عنه عند الرجل.
ولقد نبهت تلك الثورة الأمة المصرية إلى ما يجب فعله للنهوض بالمرأة وتغيير المفاهيم السائدة عنها وظهرت الأصوات المنادية بتعليم المرأة وإعطاءها حق المساواة والمشاركة السياسية.
 
 
ثورة 1919 ومنح المرأة الحرية
وكانت أولى علامات التغير الجذري الذى أحدثته ثورة 1919 في بنية الوعي الاجتماعي تقترن بالموقف من المرأة، سواء كنا نتحدث عن تصوراتها لذاتها أو تصورات المجتمع عنها، حيث تصدرت« هدى شعراوي»، زوجة على شعراوي باشا، الثلاثة الذين قابلوا المندوب السامي، مطالبين باستقلال وطنهم، يوم 13 نوفمبر 1918- في صباح العشرين من مارس، وكان ذلك في سياق الاحتجاج على القبض على سعد زغلول، ومحمد محمود، وحمد الباسل، وإسماعيل صدقي، ونفيهم إلى جزيرة مالطة، ومن حسن الحظ أن الإنجليز لم يقبضوا على شعراوي (1879ــ1947) باشا الذى تولى أمور الوفد، وقاد عمليات الثورة، احتجاجا على ظلم واستبداد الإنجليز آنذاك.

 انفجار المظاهرات في كل مكان بالأرض المصرية
نفي الزعماء وكانت النتيجة انفجار المظاهرات في كل مكان بالأرض المصرية، وخرجت النساء المصريات في مظاهرات لم يشهدها التاريخ المصري من قبل، وكانت تقود المظاهرة الأولى هدى شعراوي التي لم تكن أقل شجاعة أو وطنية من زوجها ورفاقه، ومضت المظاهرة إلى أن تصدى لها الإنجليز.
 ولم تخف هدى شعراوي، بل ظلت تتقدم، وكان يواجهها جندي إنجليزي، يجلس القرفصاء، وما أسرع ما صوّب البندقية نحو صدرها فتقدمت نحوه، قائلة بصوت عال لإحدى زميلاتها التي حاولت منعها من التقدم:"دعيني أتقدم، ليكون لمصر اليوم مس كافيل"، فما كاد الجندي يسمع هذا الاسم حتى خجل، ونهض متقهقرا على الفور وكانت مظاهرة «هدى شعراوي» هي الأولى التي سرعان ما لحقتها غيرها من مظاهرات النساء التي انتقلت من الطبقة الأرستقراطية إلى شرائح الطبقة الوسطى، ومنها إلى نساء الطبقة العاملة التي سقط منهن شهيدات الثورة اللائي كتبن مطلب تحررهن، ضمن تحرر وطنهن، بدمائهن الذكية.
وما أبعد الفارق، عندما ننظر إلى المشهدين اليوم، بين الأميرة التي ظلت محجوبة في قصرها، لا تسمح لها التقاليد بحضور حفل وضع حجر أساس الجامعة التي هي صاحبة الفضل الأول عليها، و«هدى شعراوي» التي قادت زميلاتها في الطرقات، مواجهات القوة العسكرية للاحتلال البريطاني، ضاربات المثل لغيرهن من اللائي خرجن إلى الطرقات سافرات الوجوه، جنبا إلى جنب الرجال، بعد أن أطاحت إرادة التحرر بكل قيود التقاليد التي أصبحت بالية، متراجعة تحت ضغط إرادة تحرر المرأة التي وصلت الداخل بالخارج، في فعل التمرد النسائي الخلاق الذي كان بداية الوجود الحر للمرأة المصرية.
 
شهيدتين الثورة
وكما دفع الرجال أرواحهم ثمنًا لهذه الثورة، دفع نساء مصر الثمن هن أيضًا فكانت أول شهيدتين في هذه الثورة السيدتين «حميدة خليل» و«شفيقة محمد»، وفى عام 1920 تم تشكيل لجنة الوفد المركزية للسيدات، نسبة لحزب الوفد بزعامة «سعد زغلول»، وانتخبت السيدة « هدى شعرواي » رئيساً لها.