الرئيس الأمريكي الأسبق: خطة للتخلص من "الأسد" و"داعش"

عربي ودولي

بوابة الفجر

كتب الرئيس الأمريكي الأسبق، جيمي كارتر، مقالا نقلته صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، اليوم، جاء فيه: "أعرف بشار الأسد، الرئيس السوري، منذ أن كان طالبًا في كلية لندن، وقضيت ساعات طويلة في التفاوض معه منذ توليه منصبه. كان ذلك في الغالب بناءً على طلب من حكومة الولايات المتحدة، خلال تلك الأوقات الكثيرة التي انسحب فيها سفراؤنا من دمشق بسبب الخلافات الدبلوماسية."

وأضاف "كارتر" أن "الأسد" اتبع ووالده حافظ، سياسة عدم التحدث مع أي شخص في السفارة الأمريكية خلال فترات القطيعة، لكنهما كانا يتحدثان معه. وأنه لاحظ أن بشار لم يطلب أبدًا مشورة أو معلومة من أحد موظفيه. وأن السمة السائدة لديه كانت هي العناد؛ وكان من المستحيل تقريبًا من الناحية النفسية لديه أن يغير رأيه – وبالتأكيد ليس عندما يكون تحت ضغط. بحسب وصفه

وقال إنه قبل انطلاق الثورة في مارس 2011، كانت سوريا تمثل نموذجًا جيدًا للعلاقات المتناغمة بين الجماعات العرقية والدينية المختلفة، بما فيها: العرب، والأكراد، واليونانيون، والأرمن، والآشوريون، واليهود، والسنة، والعلويون، والشيعة. وإن عائلة الأسد تحكم البلاد منذ عام 1970، وكانت فخورة جدا بهذا الانسجام النسبي بين مجموعاتها المتنوعة.

وستطرد "كارتر"، "عندما طالب المحتجون في سوريا بالإصلاحات التي طال انتظارها في النظام السياسي، اعتبر الرئيس الأسد ذلك جهدًا ثوريًا غير قانوني للإطاحة بنظامه "الشرعي"، وقرر بشكل خاطئ القضاء عليه باستخدام القوة غير الضرورية. ولأسباب كثيرة معقدة، تلقى بشار الدعم من قبل قواته العسكرية، ومعظم المسيحيين، واليهود، والشيعة، والعلويين، والآخرين الذين يخشون استيلاء المتطرفين على السلطة. وأصبحت آفاق الإطاحة به بعيدة المنال."

وأكد أن "مركز كارتر في سوريا ينخرط بعمق منذ أوائل ثمانينات القرن الماضي، وقد شاركنا أفكارنا مع كبار المسؤولين في واشنطن، ساعين للحفاظ على فرصة للحل السياسي لهذا الصراع المتنامي بسرعة. وعلى الرغم من احتجاجنا المستمر، لكن بطريقة سرية، كان الموقف الأمريكي في البداية هو ضرورة أن تتضمن الخطوة الأولى لحل الصراع، الإطاحة بالأسد من منصبه. ورأى هؤلاء - الذين عرفوه - هذا الأمر بمثابة طلب غير مثمر، لكن تصرّ أميركا عليه منذ أكثر من أربع سنوات. وفي الواقع، كان تنفيذ شرط أمريكا الأساسي لجهود السلام مستحيلاً."

وأوضح "كارتر" في مقالته، أن كل من كوفي أنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة، والأخضر الإبراهيمي وزير الخارجية الجزائري الأسبق، حاولا إنهاء الصراع، بصفتهما ممثلين خاصين للأمم المتحدة، لكنهما تخليا عن الجهد باعتباره غير مثمر، بسبب عدم التوافق بين أمريكا وروسيا ودول أخرى بشأن وضع الأسد خلال عملية السلام.

وفي سياق متصل قال "كارتر" إنه "في مايو 2015، زارت مجموعة من القادة العالميين، المعروفين باسم "الشيوخ"، موسكو، أجرينا خلالها مناقشات مفصلة مع السفير الأمريكي، والرئيس الأسبق ميخائيل غورباتشوف، ورئيس الوزراء الأسبق يفغيني بريماكوف، ووزير الخارجية سيرجي لافروف، وممثلي المراكز البحثية الدولية، بما فيها فرع موسكو لمركز كارنيغي."

ولفت إلى أنهم أشاروا جميعهم إلى الشراكة طويلة الأمد بين روسيا ونظام الأسد، والتهديد الكبير الذي يفرضه تنظيم داعش لروسيا التي يعتبر نحو 14 في المائة من تعداد سكانها مسلمين سنة، مضيفًا "وسألت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت لاحق عن دعمه للأسد، وعن الجلستين اللتين عقدهما هذا العام مع ممثلي الفصائل السورية. وأجاب بأنه لم يتحقق تقدم يذكر، وأنه يعتقد أن الفرصة الحقيقية الوحيدة لإنهاء الصراع السوري هي بانضمام إيران وتركيا والسعودية إلى الولايات المتحدة وروسيا من أجل إعداد مقترح سلام شامل. وكذلك اعتقد بوتين أن كل الفصائل في سوريا، باستثناء "داعش"، سوف تقبل تقريبًا بأي خطة تفرضها تلك الدول الخمس بقوة، حيث تدعم إيران وروسيا، الأسد، وتدعم الدول الثلاث الأخرى المعارضة. وبناء على موافقته، نقلت هذا الاقتراح إلى واشنطن."

وأشار "كارتر" إلى أنه على مدى السنوات الثلاث الماضية، ظل مركز كارتر يعمل مع السوريين من مختلف الطوائف السياسية، وقادة المعارضة المسلحة، والدبلوماسيين من الأمم المتحدة وأوروبا، لإيجاد مسار سياسي لإنهاء الصراع. وأن هذا الجهد استند إلى بحث يعتمد على بيانات بشأن الكارثة السورية أجراه المركز، والذي يكشف عن موقع الفصائل المختلفة، ويظهر بوضوح أنه لا يمكن لأي من الطرفين في سوريا الهيمنة عسكريًا.

وأن آخر قرار لروسيا ساعد بدعم نظام الأسد عبر الضربات الجوية والقوى العسكرية الأخرى على تفاقم القتال، ورفع مستوى التسلح، وأن ذلك قد يزيد من تدفق اللاجئين للدول المجاورة وأوروبا. وفي الوقت ذاته، ساعد القرار على توضيح الخيار بين العملية السياسية التي يكون لنظام الأسد دور فيها، والمزيد من الحرب التي يصبح "داعش" فيها تهديدًا أكبر على السلام العالمي. وفي ظل هذه البدائل الواضحة، قد تصوغ الدول الخمس المذكورة آنفًا اقتراحًا بالإجماع. لكن للأسف، لا تزال الاختلافات بين تلك الدول قائمة. وفق ما ذكر

وتابع "كارتر"، "حددت إيران سلسلة من أربع نقاط قبل عدة أشهر، تتكون من: وقف إطلاق النار، وتشكيل حكومة وحدة، وإجراء إصلاحات دستورية، وإجراء انتخابات. ومن خلال العمل في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والاستفادة من اقتراح الدول الخمس، يمكن العثور على آلية لتنفيذ هذه الأهداف."

ورأى أن إشراك روسيا وإيران يعتبر ضروريًا. وأن التنازل الوحيد للأسد خلال أربع سنوات من الحرب هو التخلي عن الأسلحة الكيماوية، وأن الأسد لم يفعل ذلك سوى تحت ضغط من روسيا وإيران. وبالمثل، قال "الأسد" إنه لن ينهي الحرب عن طريق قبول التنازلات المفروضة من قبل الغرب، لكن من المرجح أن يفعل ذلك إذا حثّه حلفاؤه على ذلك.

وأضاف "حينها، يمكن لسلطة الأسد الحاكمة أن تنتهي في عملية منظمة، وتأسيس حكومة مقبولة في سوريا، ويمكن حينئذ بذل جهود متضافرة للقضاء على تهديد "داعش"."

واختتم "كارتر" مقالته بـ"إن التنازلات المطلوبة ليست من جانب المقاتلين في سوريا، لكن من جانب الأمم الفخورة بنفسها التي تدّعي أنها تريد السلام، لكنها ترفض تعاون بعضها مع بعض."