تفسير سورة البقرة من الأية (106) الى الآية (112)

إسلاميات


{106} مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

وَلَمَّا طَعَنَ الْكُفَّار فِي النَّسْخ وَقَالُوا إنَّ مُحَمَّدًا يَأْمُر أَصْحَابه الْيَوْم بِأَمْرٍ وَيَنْهَى عَنْهُ غَدًا نَزَلَ : مَا شَرْطِيَّة : نَنْسَخ مِنْ آيَة أَيْ نَزَلَ حُكْمهَا : إمَّا مَعَ لَفْظهَا أَوْ لَا وَفِي قِرَاءَة بِضَمِّ النُّون مِنْ أَنْسَخ : أَيْ نَأْمُرك أَوْ جِبْرِيل بِنَسْخِهَا أَوْ نُنْسِهَا نُؤَخِّرهَا فَلَا نُنْزِل حُكْمهَا وَنَرْفَع تِلَاوَتهَا أَوْ نُؤَخِّرهَا فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ وَفِي قِرَاءَة بِلَا هَمْز مِنْ النِّسْيَان : أَيْ نُنْسِكهَا أَيْ نَمْحُهَا مِنْ قَلْبك وَجَوَاب الشَّرْط نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَنْفَع لِلْعِبَادِ فِي السُّهُولَة أَوْ كَثْرَة الْأَجْر أَوْ مِثْلهَا فِي التَّكْلِيف وَالثَّوَاب أَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير وَمِنْهُ النَّسْخ وَالتَّبْدِيل وَالِاسْتِفْهَام لِلتَّقْرِيرِ

{107} أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ

أَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه لَهُ مُلْك السَّمَاوَات وَالْأَرْض يَفْعَل مَا يَشَاء وَمَا لَكُمْ مِنْ دُون اللَّه أَيْ غَيْره مِنْ زَائِدَة وَلِيّ يَحْفَظكُمْ وَلَا نَصِير يَمْنَع عَنْكُمْ عَذَابه إنْ أَتَاكُمْ وَنَزَلَ لَمَّا سَأَلَهُ أَهْل مَكَّة أَنْ يُوَسِّعهَا وَيَجْعَل الصَّفَا ذَهَبًا

{108} أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ

أَمْ بَلْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى أَيْ سَأَلَهُ قَوْمه مِنْ قَبْل مِنْ قَوْلهمْ : أَرِنَا اللَّه جَهْرَة وَغَيْر ذَلِكَ وَمَنْ يَتَبَدَّل الْكُفْر بِالْإِيمَانِ أَيْ يَأْخُذهُ بَدَله بِتَرْكِ النَّظَر فِي الْآيَات وَاقْتِرَاح غَيْرهَا فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيل أَخْطَأَ الطَّرِيق الْحَقّ وَالسَّوَاء فِي الْأَصْل الْوَسَط

{109} وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

وَدَّ كَثِير مِنْ أَهْل الْكِتَاب لَوْ مَصْدَرِيَّة يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْد إيمَانكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مَفْعُول لَهُ كَائِنًا مِنْ عِنْد أَنْفُسهمْ أَيْ حَمَلَتْهُمْ عَلَيْهِ أَنْفُسهمْ الْخَبِيثَة مِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ فِي التَّوْرَاة الْحَقّ فِي شَأْن النَّبِيّ فَاعْفُوا عَنْهُمْ أَيْ اُتْرُكُوهُمْ وَاصْفَحُوا أَعْرِضُوا فَلَا تُجَازُوهُمْ حَتَّى يَأْتِي اللَّه بِأَمْرِهِ فِيهِمْ مِنْ الْقِتَال إن الله على كل شيء قدير

{110} وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ

وَأَقِيمُوا الصَّلَاة وَآتُوا الزَّكَاة وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْر طَاعَة كَصِلَةٍ وَصَدَقَة تَجِدُوهُ أَيْ ثَوَابه عِنْد اللَّه إنَّ اللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير فَيُجَازِيكُمْ بِهِ

{111} وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ

وَقَالُوا لَنْ يَدْخُل الْجَنَّة إلَّا مَنْ كَانَ هُودًا جَمْع هَائِد أَوْ نَصَارَى قَالَ ذَلِكَ يَهُود الْمَدِينَة وَنَصَارَى نَجْرَان لَمَّا تَنَاظَرُوا بَيْن يَدَيْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ قَالَ الْيَهُود لَنْ يَدْخُلهَا إلَّا الْيَهُود وَقَالَ النَّصَارَى لَنْ يَدْخُلهَا إلَّا النَّصَارَى تِلْكَ الْقَوْلَة أَمَانِيّهمْ شَهَوَاتهمْ الْبَاطِلَة قُلْ لَهُمْ هَاتُوا بُرْهَانكُمْ حُجَّتكُمْ عَلَى ذَلِكَ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فِيهِ

{112} بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ

بَلَى يَدْخُل الْجَنَّة غَيْرهمْ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهه لِلَّهِ أَيْ انْقَادَ لِأَمْرِهِ وَخَصَّ الْوَجْه لِأَنَّهُ أَشْرَف الْأَعْضَاء فَغَيْره أَوْلَى وَهُوَ مُحْسِن مُوَحِّد فَلَهُ أَجْره عِنْد رَبّه أَيْ ثَوَاب عَمَله الْجَنَّة وَلَا خَوْف عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ فِي الْآخِرَة