المستشار توفيق وهبة يكتب : رحيل عالم جليل

ركن القراء



أخي وصديقي الأستاذ الدكتور عبدالحليم عويس , أستاذ الحضارة والتاريخ الاسلامي , عالم جليل وأستاذ فاضل , وباحث ومفكر, له بصمات واضحة في الفكر والتاريخ والاعلام .

فهو كاتب قدير , وخطيب مفوه , وباحث مشهور, ومؤلف بارع له قدم وباع كبير في مجال البحوث والدراسات الاكاديمية والفكرية .

عرفته رحمه الله منذ مايربو علي خمسة وعشرين عاما حينما كنا في المملكة العربية السعودية , وكان له هناك انتشار واسع في عالم الصحافة الاسلامية , فكان يكتب لجريدة الشرق الاوسط دراسات مطولة تحت عنوان الملف الفقهي , كان عبارة عن موسوعة في شتي المجالات الاسلامية . علاوة علي كتابته الدائمة في الدوريات العلمية والمجلات الثقافية في ربوع العالم الاسلامي . ومشاركاته الدائمة في المؤتمرات الدولية الاسلامية والثقافية بالاضافة الي كتبه ومؤلفاته التي تربو علي الثمانين كتابا في شتي نواحي المعرفة.

ورغم مرضه لم يتخل عن عمله ومشاركته في شتي المناسبات, فكان دائما في المقدمة , حتي وان استند علي عصاه أو علي بعض الأصدقاء , لقد شاهدته في أحد المؤتمرات يمشي مستندا علي رجلين , ولكن عندما ارتقي المنبرتحدث و كأنه لايشتكي من شيْ , وكأنه قد برئ من مرضه .

لقد تولي رحمه الله رئاسة تحرير مجلة التبيان التي تصدرها الجمعية الشرعية وقد نهض بها وجعلها في مقدمة المجلات الاسلامية

وفي زيارتي له قبيل وفاته بأيام , اعتدل جالسا رغم شدة مرشه , وتناقش معي في الأوضاع الحاضرة وكيفية الخروج منها , وماهو الرأي حول مستقبل مصرنا العزيزة , وماهو دور العلماء والحكماء في الصحوة والنهضة التي تتطلع اليها البلاد.

ثم أعطاني ورقة , وقال اكتب رأيك ووجهة نظرك ومقترحاتك وماهي الأولويات المطلوب تحقيقها في هذه المرحلة ؟

كان - عليه رحمة الله - مهتما بسرعة اعادة الأمن والاستقرار حتي تدور عجلة الحياة ويدب النشاط في كل مرافق البلاد.

حصل - رحمه الله - هذا العام علي أعلي وسام من جمهورية السودان الشقيقة وهو الوسام الذهبي في العلم والثقافة, وأجري له في الخرطوم احتفال كبير يليق بمقام العلماء العظام .

وياليت بلادنا تكرم أبناءها المتفوقين في شتي المجالا ت وخاصة المبرزين من العلماء . قبل أن تكرمهم دول الشرق والغرب , ونحن عنهم غافلون , ليكون ذلك دافعا للشباب الي التفاني في العمل والجد والاجتهاد والابتكار.

لقد كان فقيدنا العزيز محبا للجميع من يعرفه ومن لايعرفه , ولذلك أحبه الجميع سواء من زملائه أو من تلاميذه أو من أصدقائه ومعارفه .

لقد حزنت حزنا شديدا عندما تلقيت نبأ وفاته . فقد كان نعم الأخ والصديق , ولكنها ارادة الله , والموت نهاية كل حي . فلا راد لقضائه ولا معقب لحكمه .

رحم الله فقيدنا العزيز وأسكنه فسيح جناته , وجعله سبحانه وتعالي ممن أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداءوالصالحين وحسن أولئك رفيقا .

انا لله وانا اليه راجعون,,,,

المستشار توفيق علي وهبة

رئيس المركز العربي للدراسات والبحوث