منال لاشين تكتب : غطينى ياهدى وصوتى على الثورة المصرية

مقالات الرأي


تغطى رأسها ووجهها بحجاب وتخفى القنابل والرسائل فى طيات ملابسها الفضفاضة. مطاردة من الجيش الفرنساوى وقلبى يتابع خطواتها ويشفق على خطورة مهمتها.. أبكى من قسوة التعذيب الذى تتعرض له، ولكنها بكبرياء خارق تتحدى التعذيب.

هى جميلة بوحريد أو إحدى (الفاطيمات) من الجزائر الشقيقة. ولمن لايعرف الفاطيمات فهو اسم اطلقه الفرنسيون على المجاهدات الجزائريات خلال ثورة المليون شهيد. وكان يكتب فى الصحافة العالمية كإشارة للثائرات من فتيات الجزائر فى الثورة.

وبفضل جميلة بوحريد وكل الفاطيمات حصلت المرأة الجزائرية على حريتها. فقد شاركت جنبا إلى جنب مع الرجل فى ثورة التحرير فلم تعد تابعة له أو قابعة فى منزلها، ومعزولة عن العالم تحت حجاب كثيف.

وقد شهدت مصر خلال الثورة الشعبية الأولى مشهدا قريبا وسابقا على ثورة الفاطيمات. فعندما اندلعت ثورة 19 خرجت المرأة المصرية من منزلها ومن مدرسة السنية وشاركت فى الثورة. وقدمت نساء مصر شهيدتين وهما حميدة خليل من حى الجمالية وشفيقة محمد. وبعد الثورة خلعت هدى شعراوى الخمار من على وجهها وتبعتها النساء بعد أيام أو شهور فقد نالت المرأة بمشاركتها فى الثورة بعضا من حقوقها.

ولكن وبعد ما يقرب من مائة عام تعيش الثورة الشعبية الثانية فى ظروف معاكسة لكل الثورات العربية السابقة. ويحاول البعض أن يعاقب المرأة المصرية على مشاركتها فى ثورة 25 يناير بعودتها إلى الوراء مائة عام.

وفى الأسبوع الماضى بينما كانت تصريحات السلفيين تشد المرأة للوراء، أو بالأحرى تتوعدها بسلب حريتها، فى ذلك الاسبوع الكئيب تمر الذكرى الـ65 لرائدة حركة التحرر النسائى هدى شعراوي.

واتصور أن كلا من الزعيم سعد زغلول وهدى شعراوى قد عادا للحياة لمدة أسبوع، وتابعا ما (يبخ) من سموم ضد المرأة. أغلب الظن أن سعد زغلول سيقف على حيله ويصرخ بعزم قوته (غطنى يا صفية وصوتى على الثورة المصرية).

فلا سعد ولا هدى يمكن أن يتصورا أن تؤدى ثورة شعبية رفعت شعار الحرية إلى كبت الحريات.

وأن تندلع ثورة شعبية شاركت فيها المرأة والرجل إلى هيمنة سى السيد وإقصاء الست أمينة. وذلك دون أدنى اعتبار أخلاقى أو ثورى إلى أن الست أمينة كانت جنبا بجنب مع سى السيد فى موقعة الجمل، وأن قدمها أصيبت من ضربات رجال العادلى فى ميدان التحرير، وليس من (سوارس) عربات سيدنا الحسين. ولذلك من حق سعد زغلول أن يقول لصفية وهدى غطنى وصوتى على الثورة المصرية، ولكن من حق ملايين النساء اللاتى شاركن فى ثورة 25 يناير أن يرددن على سعد بالقول بمنتهى القوة والثقة (أن الثورة لم ولن تموت رغم عشرات الذقون التى تحاول إخفاء حقيقة ما جرى فى ميدان التحرير