مصابو ثورة يناير: معتصمون حتى رحيل المجلس العسكرى

أخبار مصر


الداخلية حررت محضراً ضد المصابين تتهمهم فيه بالاعتداء على رجالها

شرارة الموجة الثانية من الثورة انطلقت من خيمتهم فى التحرير

مصابو ثورة يناير: معتصمون حتى رحيل المجلس العسكرى


كانت كل المؤشرات تؤكد أن الموجة الثانية من الثورة قادمة، لكنها فى انتظار وقوع حادث يفجرها، وهو ما حدث السبت الماضى حين اعتدت قوات الشرطة بعنف شديد على مصابى ثورة يناير الذين كانوا يعتصمون قبل أسبوع تقريبا، من واقعة الهجوم غير المبررة والتى استفزت المصريين الذين نزلوا إلى ميدان التحرير لنجدتهم لتشتعل بعدها ثورة الغضب الثانية. وطوال 10 شهور تقريبا انتظر الثوار أن تتحقق مطالبهم بطريقة سلسلة وخطوات جذرية لكن هذا لم يتحقق لذا استمرت المليونيات التى ضغطت على المجلس العسكرى فكان من نتائجها محاكمة الرئيس المخلوع ونجليه، هدأت الأمور قليلا، لكن المجلس العسكرى اتخذ مجموعة من الاجراءات بدت وكأنها تسير فى اتجاه إعادة نظام مبارك، مثل ملاحقة الثوار والناشطين ومحاكمتهم عسكريا، بعد اتهامات مشبوهة، إضافة الى فض أى محاولة للاعتصام بطريقة دموية ومهينة بالكشف عن عذرية الناشطات والمتظاهرات، وسقوط ضحايا تباعا، حتى جاءت مذبحة ماسبيرو التى كانت فاصلا فى نظرة الثوار للمجلس العسكرى، إضافة إلى تأخر صدور قانون العزل السياسى، الذى لم يصدر إلا بعد مليونية الثلاثاء المطالبة بحكومة إنقاذ وطنى، وبقاء عناصر النظام السابق فى حكومة شرف وفى معظم مؤسسات الدولة بخلاف بقاء أمن الدولة على حاله والذى لم يتغير به سوى الاسم، كل هذه التراكمات كانت ممهدة لاستقبال شرارة الاعتداء على مصابى ثورة يناير لتهب مصر من جديد.

اعتصام مصابى الثورة كان هدفه هو تحقيق مطالبهم المشروعة فى تلقى العلاج، وهو مطلب ما كان يجب أن يتأخر لو أن المجلس العسكرى ينظر إليهم بوصفهم أبطالاً ساهموا مع الشهداء فى تحريرنا من مبارك وعصابته، لكن التعامل معهم بدا انتقاميا وعقابا على المشاركة فى الثورة، مطالب المعتصمين أيضا تعلقت بتطهير صندوق رعاية أسر الشهداء والمصابين، الذى تقاعست قياداته عن علاجهم ورعايتهم اجتماعيا وطبيا.

وخلال هجوم قوات الأمن المركزى صباح السبت الماضى على المصابين المعتصمين وحرق خيامهم، أصيب 5 منهم مرة ثانية، وبعد نزول الآلاف لمؤازرتهم نصبوا خيمة وسط «صينية» ميدان التحرير كتبوا عليها «مصابو ثورة 25 يناير» وعندما وصلنا إليها وجدناها مليئة بالمصابين، وقال أشرف حافظ المتحدث باسم المصابين إن الداخلية حررت ضدهم محضرا، اتهمتهم فيه بالاعتداء على قوات الشرطة بالضرب! فيما يقول أحمد صبحى، 31 سنة يعمل مدرب منتخب مصر للكاراتيه، إنه ترك زوجته وبناته الأربع، يوم جمعة الغضب، 28 يناير متجها لميدان التحرير، لكنه أصيب بطلق نارى فى عينه اليمنى، أثناء مشاركته فى مسيرة بدأت فى كوبرى القبة، وأجرى عمليتين جراحيتين على نفقته، لعلاج عينه، وأكد أن صندوق رعاية المصابين لم يقدم له أى علاج رغم انه يحتاج إلى إجراء جراحتين أخريين.

أحمد صبحى أصيب مرة أخرى صباح الثلاثاء الماضى، فى مواجهات ميدان التحرير، قرب شارع محمد محمود، حيث اعتدى عليه بلطجية بسنجة فأصيب فى رأسه، ويقول « مطلب علاجى الآن توارى ومطلبى الوحيد هو رحيل المجلس العسكري». أما سويلم خميس سويلم، 56 سنة من الإسكندرية، فأصيب فى جمعة الغضب بخمس طلقات نارية فى قدميه واثبت الإصابة فى تقارير رسمية، ورغم حاجته لثلاث عمليات على الأقل إلا أن حكومة شرف أهملته، وأكد سويلم أنه سيواصل الاعتصام فى ميدان التحرير لأن «شيئا لم يتغير فى نظام مبارك بل إن إدارة صندوق المصابين اتهمتهم بأنهم بلطحية» أضاف «لن أخرج من الميدان إلا منتصرا أو شهيدا».

الأمر ذاته تكرر مع عبد المتجلى محمد، 30 سنة الذى أصيب بطلق نارى فى فخذه اليمنى فى جمعة الغضب، والذى لا يتحرك إلا مستندا على عكاز، ويحتاج إلى حقنة أسبوعية، تتكلف 750 جنيها، لاسترجاع النسيج العصبى، وقال عبدالمتجلى، مبتسما، إن إصابته هذه لا تقارن بتجدد الثورة مرة أخرى «حتى يسقط كامل نظام مبارك الذى يمثل عموده الفقرى المجلس العسكري». بينما قال محمد سعيد حسن، 34 سنة من الإسكندرية، إنه أصيب فى جمعة الغضب بطلق نارى فى ركبته، إنه كلما ذهب لصندوق رعاية المصابين عاملوه هناك بطريقة سيئة جدا مما اضطره للاقتراض من أجل العلاج، ويرى حسن أن المشكلة ليست فى صندوق رعاية المصابين فقط، بل أيضا فى نظام مبارك الذى لم يسقط، وفى السياق ذاته، أصيب عبدالرحمن محمد ابراهيم، 25سنة، على كوبرى قصر النيل فى جمعة الغضب، بطلق خرطوش واستقرت 60 شظية فى قدمه ونصحه الاطباء بان يتركها خشية إصابته بالشلل إذا حاول إخراجها، إلا أن أحد الاطباء اخبره بامكانية إخراج الشظايا الموجودة بين العظم دون مشاكل، وأوضح أن صندوق رعاية المصابين لم يعالجه، وقال بمرارة «فى ليبيا وتونس يكرم المصابون أما فى مصر فتلقيهم الحكومة فى الشارع». هناك العشرات من مصابى الثورة الذين تجاهلتهم حكومة الثورة، والمجلس العسكرى الذى قال إنه رصد الملايين من أجل رعايتهم ورعاية أسر الشهداء، لكن يبدو أن الانتقام منهم هو سمة الحكام الذين لم يتغير أداؤهم كثيرا عن أداء نظام مبارك.