سعيد السعيد السباعى يكتب : غياب الدولة والانفلات السلوكى

ركن القراء


ان النظام السابق خرب مصر تخريبا هائلا شمل كافة فئات المجتمع ومؤسساته واصبح الفساد وخراب الذمم هو القاعدة ولم يتهم ببناء مواطن يلتزم بالقيم والمبادىء والاخلاق وترك المجتمع بدون ضوابط وقواعد اخلاقية ملزمة ومما زاد الطين بلة وجود نظام تعليمى فاشل لم يرتقى بالاخلاق والقيم الى جانب ان استبداد وظلم النظام اليابق جعل المواطن فقيرا ومقهورا ومكبوتا ويتحين الفرصة لينفجر وبذلك اصبحت عوامل السخط والغضب والتمرد كامنة وتتحين الفرصة المواتية لتظهر على السطح فى شكل براكين من الغضب اخذا فى الاعتبار ان الفقر مصدر لكل الاثام والشرور .

لقد اثبت التاريخ ان الطغاه يتجبرون ويسعون فى الارض فسادا ثم يسقطون تحت اقدام شعوبهم الغاضبة الثائرة المظلومة ولهذا كانت النتيجة الحتمية لهذا الفساد والظلم هو ثورة زهرة شباب مصر فى فى 25 يناير والتى كانت من اهم نتائجها هو سقوط مبارك وعصابة الاربعة وعودة الكرامة للمواطن المصرى وزوال النفوذ السياسى للشرطة وتوقف مصر عن اطعام الكلاب المسعورة الذين نشبوا مخالب مصالحهم الشخصية فى احلام المواطنين واستنزافوا ثورات الوطن واثخنوه بالجراح .

وبعد الثورة اصبحنا فجاة امام الاف من البلطجية تجرءوا اولا على المواطنين والان على الدولة واجهزتها وانفلات امنى غير مبرر وغير مقبول ويثير التساولات والريبة فاين جيوش الامن المركزى ؟ ، الى جانب صراع سياسى مبكر على كعكة السلطة التى مازالت فى الافق وصراع لتحقيق مكاسب وامتيازات فئوية ووظيفة ياخذ كثيرا شكل الفوضى التى لا تحترم القانون والاخرين مستغلين فى ذلك الانفلات الامنى والفراغ التشريعى وضعف الحكومة حتى اصبحت البلطجة والعنف جزءا من حياتنا اليومية مما اضطر بعض المواطنين لحمل السلاح للدفاع عن انفسهم وتطبيق العدالة من وجهة نظرهم بانفسهم بعيدا عن القانون والقضاء واصبح المجتمع متربص بعضه ببعض ويكاد يهودى فى اتون ازمة وفوضى عارمة وانذارات الفوضى المدمرة واضحة تتقافز فى الافق الملبد باحتمالات مرعبة وقاسية وماساوية .

ان هذا الانفلات الكبير الذى وصل الى مراحل خطيرة من حرب الشوارع فى بلطيم وسوق الثلاثاء بكفر الشيخ ومعارك قبلية فى سوهاج واسيوط وقطع الطرق الرئيسية وعزل القرى والمدن يهدد الاستقرار ويعوق فرص الاستثمار والتنمية ويزيد معدلات الفقر فى الطرقات والاحصائيات .

ان ضوابط السلوك الانسانى نوعان الاول خارجى ويمثل فى الالتزام خوفا من العقاب وهذا يتطلب تواجد امنى قوى له احترامه وهيبته والثانى داخلى ويتمثل فى الالتزام المستقر فى النفس من خلال التمسمك بالقيم والمبادىء والاخلاق وفى حالة غياب الضابطين نصبح امام انفلات سلوكى واخلاقى كبير وهائل لا حدود له وهذا هو الوضع الحالى فى مصر حيث الدولة ضعيفة وعاجزة واصبح دورها كثيرا دور الوسيط الذى لا حول له ولا قوة والذى يهدد ويطيب الخواطر والامن غائب والقانون لا يطبق بحزم مما شجع الكثيرون ان يحاولوا تحقيق اهدافهم ومصالحهم بطريقتهم الخاصة مستغلين هذه الظروف المواتية لارتكاب كافة انواع الجرائم المجرمة فى قانون العقوبات .

ان مصر حاليا فى اشد الاحتياج الى سلطة قوية وعادلة ووطنية تلتزم بسيادة القانون واحترام المواطن وحقوقه وتضع الوطن على الطريق الصحيح وتعيد بناء المواطن المصرى ومؤسسات الدولة على اسس سليمة ورشيدة وتفعل دور الامن ليصبح قويا وفعالا وتطبق القانون بكل حسم وحزم وتحقيق العدالة الاجتماعية فى المجتمع وتصادر كافة اموال القلة الفاسدة التى نهبت ثروات الامه المصرية واثقلت الغالبية باعباء الديون ودفعت بهم دفعا الى خط الفقر والتشرد والمعاناه والبطالة والمرض لتجفيف منابع الفوضى والبلطجة . واخيرا ان السلطة العاجزة عن توفير الامن والامان لمواطنيها وعن النهوض بالاقتصاد القومى لا يمكن ان تكون جديرة بحكم البلاد وادارتها وتامين حاضرها ومستقبلها