قصة حب عطلها السجن وحققتها صفقة تبادل الأسرى

عربي ودولي



قد يعمد البعض إلى تأجيل زفافه لأسبوع أو أسبوعين، غير أن نائل البرغوثي، السجين الفلسطيني الذي أطلق سراحه ضمن صفقة تبادل للأسرى جرت الشهر الماضي، اضطر للتأجيل أكثر بكثير من ذلك.

ويقول البرغوثي عن زفافه من السجينة السابقة إيمان نافع الذي سيعقد الجمعة، 18 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، إنه سيكون يوما وطنيا جامعا لن ترفع فيه إلا الأعلام الفلسطينية.

ونائل، الذي تحرر من سجنه ضمن صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس في الثامن عشر من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بعد 34 عاما من الأسر، يعيش أسبوعا من التحضير المستمر ليوم زفافه.

CNN بالعربية رافقت نائل إلى قريته كوبر، الواقعة شمال مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، حيث عاد إليها وهو في أوائل الخمسينات من العمر، ليتفقد كل شبر من الأرض التي لم تغب عن ذهنه لحظة واحدة طوال فترة اعتقاله.

فتراه يتفقد شجرات زرعها قبل أسره، يزور غرفته القديمة، ويقلب صورا، رسائل، وذكريات عاشت بداخله فترة غيابه الذي طال زمنا لكنه قصر أملا في يوم التحرر، الذي عاش معه كهاجس طوال فترات الأسر.

وفي بيت عائلته المتواضع، الفرح منقوص، فنائل اليوم هنا بعد طول انتظار لكن والده ووالدته اللذان غيبهما الموت لن يكونا في استقباله، وشقيقه الأكبر يغيبه اعتقال إداري بدون محاكمة في السجون الإسرائيلية، إضافة للكثيرين ممن عرفهم (نائل) طفلا وشابا.

والزفاف بالنسبة لنائل هو قرار وطني، إذ يقول: قرار الارتباط هو جزء من رسالة تتمثل في أن الأسير والأسيرة من حقهم العيش سويا وبتوافق، فهم مروا بتجارب مشابهة ما يسهل عليهم فهم بعضهم بعضا، كما أنه يتمثل في شد الأزر بين المناضل والمناضلة، وجزء من النظرة للمرأة في المجتمع النضالي، فلا يجوز أن ندعي الإيمان بحرية المرأة ونتجاهل المرأة المناضلة والمضحية عندما نقرر (كأسرى) الزواج.

أما العروس، إيمان نافع، التي اعتادت العمل في مجال الدفاع عن السجناء وحقوقهم منذ تحررها من الأسر في عام 1997 ترى أن نائل يمثل حالة نضالية منذ أن عرفته اسيرا.. كل من حولي كان يتحدث عن مواقفه وشجاعته وأمله في الحرية.

وأضافت لموقع CNN بالعربية: أنا جدا سعيدة في ارتباطي بإنسان كنائل، واعتقد أن إطلاق سراحه هو هدية من الله ليعطينا أملا في إنشاء عائلة فلسطينية تستمر رغم الاحتلال ومنغصاته.

وحول كيفية توقعها لأن تكون حياتهما سويا كأسيرين محررين، تضيف إيمان، التي قضت قرابة 9 سنوات ونصف خلف القضبان أن نائل سيواجه في حياته العديد من الصعوبات والمشقات كونه أسيرا محررا وممنوعا من التنقل، إلا أني اخترت أن أشاركه في التغلب على كل ما يواجهه.

وفي الحديث عن اللقاء والتعارف، يقول نائل أنا شخصيا لم أعرف إيمان، لكني عرفتها من خلال نشاطها في دعم حركة الأسير، وبذل كل ما تملك من وقت وجهد للدفاع عنها، فكانت تواظب على زيارة والدي وأهالي الأسرى الآخرين، فعرفتها ناشطة، مثابرة، مهتمة بقضية الأسرى، مدافعة بدون حدود عنهم، ما دعاني إلى طلب يدها للزواج بعد تحرري من الأسر.

وهو يقترب من يومه المنشود ليزف مرة ثانية بعد أن زف محررا منتصف الشهر الماضي، يصر نائل على أن زواجه سيكون يوما وطنيا لا ترفع فيه سوى الأعلام الفلسطينية، فأهل قريته يواظبون على الإعداد لزفافه، والكل مدعو، وبالطبع لم يتسنى له نسيان رفاقه في الأسر وعائلاتهم، فلهم في زفافه تحضير ودعوات وحضور، إضافة إلى الأحزاب السياسية الفلسطينية والأطر الوطنية.