القصة الكاملة للحفل اليهودى بالهرم

أخبار مصر



ضجة كبيرة أثارها الخبر قبل 4 أيام عن موافقة المجلس الأعلى للآثار على إقامة حفل يوم «11-11-2011»، فى منطقة الهرم الأثرية، وصرح مصدر بارز بـ«الأعلى للآثار» بأن الشركة المنظمة لهذا الحفل على علاقة بمنظمات يهودية وماسونية، وأن منظم الحفل دعا «1200» يهودى على مستوى العالم لإقامة بعض الطقوس الدينية اليهودية، منها عمل دائرة حول الهرم وإشعال الشموع بداخلها، واعترف د. مصطفى أمين، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، بموافقته على تنظيم الحفل بعد موافقة كل الجهات الأمنية بمصر.

وأكد أمين أن منظم الحفل سيكتب إقرارا يتعهد فيه بعدم القيام بأى عمل يضر بالموقع الأثرى، وعدم إقامة أى شعائر دينية، وأن الحضور سيقومون بعمل دائرة حول الهرم.

ووفقا لما نشر فإن قصة هذا الحفل بدأت قبل شهر تقريبا عندما قدم هشام حسنى مالك شركة «ليلى رايسين» طلبا إلى مسؤولى الزيارات الخاصة بمنطقة الهرم الأثرية لفتح المنطقة لإقامة الحفل الساعة «11» مساء يوم «11-11-2011»، وأخبر مسؤول الزيارات بأن عدد الأفراد سيزيد على الألف وأن المنظمين سيقومون بعمل دائرة حول الهرم الأكبر وسيشعلون الشموع، فرد المسؤول «سندرس الطلب».

المجلس الأعلى للآثار قرر وضع لائحة أسعار خاصة لهذا الحفل، حيث إن هناك لائحة أسعار لفتح المناطق الأثرية لأفواج خاصة، بأسعار محددة، يتراوح سعرها «الفتح الخاص» ما بين «5000 و7000جنيه»، غير أن قرار المسؤول بالآثار جاء برفع القيمة خصيصا إلى أكثر من 150 ألف جنيه، وهى الزيادة التى تثير الشك والريبة، ووافق منظم الحفل، لكن على الأصفر مدير عام منطقة الهرم الأثرية رفض الطلب، وأعد تقريرا رفعه للأمين العام للمجلس الأعلى للآثار كشف فيه أن هذه الشركة على علاقة بمؤسسات يهودية وأنها تستخدم بعض الرموز الدينية اليهودية، وأن مثل هذه الحفلات تم إيقافها من قبل.

مذكرة الأصفر، تم تجاهلها، من قبل الأمين العام الذى وافق على إقامة الحفل، وكتب بخط يده «موافقة» على المذكرة التى تحمل رقم «879»، بتاريخ 30 أكتوبر الماضى، وفقا لموافقة رئيس قطاع الآثار المصرية على أبوالدهب، وتم الترتيب للحفل، واجتمع منظم الحفل مع مسؤولى الأمن بمنطقة الهرم، وكتب إقرارا ألزم فيه نفسه ببرنامج الحفل، وتضمن عمل الدائرة حول الهرم، وإشعال الشموع، وتعهد بعدم الخروج عن هذا البرنامج، أو إقامة أى شعائر تؤثر على سلامة المنطقة الأثرية.

لم تتوقف الأحداث فقد نشر قرار إقامة الحفل، وهو ما لاقى استياء كبيرا، ووضع قيادات المجلس الأعلى للآثار وأولهم الدكتور مصطفى أمين فى موقف حرج للغاية، وهذا ما دفعه إلى تكذيب الخبر ونفى إقامة الحفل فى بيان يحمل العديد من التناقضات، وأرسله المجلس عبر البريد الإلكترونى ثلاث مرات فى الساعة الواحدة صباح السبت، بعد نشر «اليوم السابع» له بيوم كامل، ذكر فى المرة الأولى أن الشركة التى طلبت تنظيم الحفل بولندية الجنسية، ثم أرسل الخبر مرة أخرى حذف فيها جنسية الشركة «بولندية»، وكتب مكانها أجنبية.

ونشر نص البيان الثانى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الذى جاء فيه نفى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار د. مصطفى أمين ما تردد مؤخرا حول موافقة المجلس الأعلى للآثار لإحدى الشركات الأجنبية على إقامة حفل بمنطقة الأهرامات، وأن ما ذكر فى بعض المواقع الإخبارية على شبكة الإنترنت أن المجلس وافق على إقامة حفل بحضور مجموعة يهودية أو ماسونية سيقومون بوضع هرم مصغر «هريم» من الذهب على شكل نجمة داوود أعلى قمة الهرم عار تماما من الصحة وأكاذيب لم تمت للحقيقة بصلة.

وتابع البيان «بالفعل تقدمت شركة بولندية بطلب للمجلس لإقامة حفل، وأن هذا الطلب كان لايزال تحت الدراسة ويتخذ الإجراءات القانونية بشأنه والتى من بينها إجراء استطلاع أمنى حول ذلك، والحصول على موافقات خاصة من عدة جهات أمنية، مؤكدا أن المجلس الأعلى للآثار رفض لتلك الشركة إقامة حفلتها بعد ما أثير من أقاويل وشبهات من أن وراء هذه الاحتفالية غرضا دينيا، وتفاديا لأى لغط من الممكن حدوثه.

التناقض والتضارب فى المعلومات لم يكن السمة الوحيدة التى غلبت على تصريحات الأمين العام للمجلس بل ظهرت أيضا فى تصريحات قيادات المجلس الأعلى للآثار، فقد صرح الدكتور مصطفى لـ«اليوم السابع» بأن الحضور ليسوا يهودا لكنهم سيقومون ببعض الشعائر حول الهرم، بينما قال عاطف أبوالدهب رئيس قطاع الآثار المصرية، فى تصريحات للزميلة «التحرير» إن الحفل سيحضره 16 فوجا سياحيا جميعهم يهود لكنهم لن يقيموا الشعائر، وأكد على الأصفر مدير منطقة الهرم الأثرية أن الحفل سيقام وأنه كتب مذكرة للأمين العام عرض خلالها حقيقة الأمر، لكنه لا يستطيع اتخاذ إجراء بعد موافقة الأمين العام، ثم عاد وفى نفس اليوم لينفى لوكالة أنباء الشرق الأوسط إقامة حفل لليهود، وهو ما يؤكد أن الأمر برمته مشبوه.

فقد نشرت المذكرة التى توضح أن هناك لغطا كبيرا دار فى أروقة المجلس بشأن الحفل، وأن مدير المنطقة نفسه قد رفض إقامة هذا الحفل لخبرته بمثل هذه الاحتفالات، وما قد تضمنه من ترويج لمزاعم يهودية، وتؤكد المذكرة أن الأمين العام تجاهل الرأى الفنى المعروض من مدير المنطقة ووافق على الحفل بعد شكوى ممثل الشركة من تعنت مدير منطقة الهرم ورفضه الإشراف على الحفل لما فى ذلك من شبهات.

وجاء بالمذكرة أن شركة «لى لى للسياحة» تقدمت بطلب فتح خاص لدخول منطقة الهرم إلى أشرف صلاح، مسؤول الدعوات بالمجلس الأعلى للآثار، الذى أحال الأمر لـ«على الأصفر» مدير عام منطقة الآثار، الذى وافق فى البداية، مؤكدا أن الأمر «أكبر من سلطاته» ولابد من تقديم طلب للأمين العام، ثم أبلغهم الأصفر مرة أخرى برفض الطلب، معللا رفضه بأن الشركة «تعمل مع اليهود وتستخدم رموزا دينية يهودية».

وتذكر الشركة فى مذكرتها أن ممثلها أجرى مقابلة مع عاطف أبوالدهب، رئيس قطاع الآثار المصرية، الذى اتصل بالأصفر فتوصلا إلى اتفاق بألا تقوم الشركة بأى طقوس لها علاقة بأى ديانة «سماوية أو غير سماوية».

ووفقا للمذكرة أرسل على الأصفر مندوبين عنه لتصوير هذا الحدث الإعلامى بأنه «طقوس يهودية» ولذا رفعت الشركة هذه المذكرة إلى الأمين العام، فعرضها عليه رئيس القطاع متضمنة موافقته بتاريخ 31 أكتوبر 2011، فوافق الأمين العام بتاريخ 1 نوفمبر برقم وارد من سكرتارية الأمين عام 4199، حيث تظهر فى أعلى يمين المذكرة تأشيرة الأمين العام عليها والتى يأمر فيها بإحالة الأمر لرئيس القطاع وأشرف صلاح للاطلاع والإفادة مع اعتبار الموضوع «هام وعاجل»، ولضيق مساحة الصفحة كتب رئيس القطاع موافقته على ظهرها، وأسفلها كتب الأمين العام ما نصه «أوافق طبقا لرأى رئيس القطاع مع اتخاذ كافة الإجراءات المتبعة»، وهذا ما يكذب تكذيب السيد الأمين العام لـ«اليوم السابع».

ونشر رد لهشام محمد حسنى، منظم الحفل الذى أكد أن شركته ألمانية وليست بولندية، قائلا إنه لم يبلغ حتى الآن بقرار الأمين العام بإلغاء الحفل، وأن كل ما يحدث معه مقصود ومرتب له من قبل بعض الشركات المنافسة له، التى تحاول تعطيل هذا الحفل بأى شكل.

وقال «حسنى» إن بعض أصدقائه أكدوا له أن هناك شركات سياحية خاصة تعمل لحساب الدكتور زاهى حواس الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار السابق، هى التى تقف دون إقامة الحفل، لأنها متخصصة فى مثل هذا النوع النادر، لذلك قالت كل هذا الكلام الذى وصفه «بالشائعات»، عن أن الحفل منظم لإقامة شعائر لليهود، داعيًا كل وسائل الإعلام لتغطية الحدث والتأكد بنفسها، موضحا أن فكرة الحدث ليست بجديدة، وتعتمد على تزامن اليوم والشهر والعام، مثل الحفل الذى أقيم فى «1/1/2001».

وكانت شركات أخرى تستحوذ على تنفيذ مثل هذه الاحتفالات، إلا أنه استطاع أن يظفر بتنظيم الحفل لأول مرة هذا العام، وقامت شركته - الألمانية وليست البولندية - ببحث سبل تنفيذ الحفل مع 87 شركة سياحة مصرية، و23 شركة سياحة أجنبية حول العالم، ليس بينها شركات يهودية، كما لم تقم الشركة بدعوة 1200 سائح يهودى كما قيل، مؤكدا أن الهدف الأول من هذا الحفل، هو تنشيط السياحة، بعد ثورة 25 يناير، وبعث رسالة للعالم مفادها أن مصر ستظل آمنة إلى الأبد.

وقال حسنى، ليس صحيحًا أن هناك نصا ما كتب على تذاكر الحفل، وهى موجودة فى كل الفنادق بشارع الهرم، وأن الوقفة حول هرم «خوفو» ستكون صامتة، يشعل فيها المشاركون فى الحفل شموعا ملونة بعلم مصر، وبعد ذلك يقومون بإطفاء الشموع ويمسكون بأيديهم معاً، ومن غير المعقول أن يكون هناك ما يقولونه معًا، لأنهم متعددو الجنسيات، وبعضهم لا يتحدث باللغة الإنجليزية.

علماء الآثار أعربوا عن استيائهم فقال الدكتور على رضوان، رئيس اتحاد الأثريين العرب وأستاذ الآثار المصرية «يجب على المجلس الأعلى للآثار إعادة التفكير فى الموافقة على هذا الحفل، موضحا أن هناك بعض الجماعات مهووسة بفكرة عمل طقوس حول الهرم الأكبر، وقال الدكتور محمد الكحلاوى، أمين عام اتحاد الأثريين العرب، وأستاذ الآثار الإسلامية بجامعة القاهرة، إن شركات السياحة هى المسؤولة عن تنظيم الحفلات المشبوهة بالمناطق الأثرية، وأن هذه الشركات عادة ما تنظم الحفلات وتضع برامجها، دون علم المجلس الأعلى للآثار بالبرنامج الذى يتضمن شعائر دينية ومعتقدات.

وأشار إلى أن هذه الشركات يقدم لها تسهيلات، وهو ما يستغله اليهود للتدخل فى الحياة الاجتماعية المصرية مثل إصرارهم على إقامة مولد أبوحصيرة، بينما استنكر الدكتور عبدالحليم نور الدين، أمين عام المجلس الأعلى للآثار السابق، وأستاذ الآثار المصرية، إقامة الحفل وسرد نور الدين فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع»، تاريخ هذا الاحتفال، قائلا إنه عام 1931 اجتمع أعضاء الحركة الماسونية على اعتبار أنهم «البناؤون الأحرار»، مع نظيرتها الصهيونية، باعتبارهم «البناؤون القدامى»، واتفقوا فيما بينهم على أن اليهود هم بناة الهرم الأكبر، وأنهم سيعودون حتما إلى هذا الهرم، عندما تستقر النجمة الذهبية أعلى هذا الهرم.

وأضاف أن هذه الجماعات قررت إقامة مجموعة من الشعائر الدينية حول هذا الهرم تساعد على استقرار هذه النجمة، وبالتالى عودة اليهود لمصر، مؤكدا أن هذا الحفل محاولة لتهويد الهرم الأكبر، وأنهم لن يتوقفوا عن هذه المحاولات الخبيثة لإثبات أن لهم جذوراً حضارية فى مصر وأنهم بناة الهرم الأكبر.

وجود هذه المعتقدات أكدها أيضا هشام حسنى، مدير الشركة المنظمة للحفل، الذى قال إن الآثار فوجئت بأكثر من ثلاثين طلبا يوم 11 نوفمبر لإقامة حفلات خاصة داخل الهرم الأكبر وحوله، موضحا أن أهمية هذا اليوم عند البعض تعود فى الأصل إلى فكرة انتهاء حقبة من عمر كوكب الأرض بحلول عام 2012، وأن الحقبة القديمة ستبدأ فى الزوال يوم «11-11-2011»، لأن فى هذا اليوم يبدأ «وفقا لمعتقداتهم» النجم الذى يؤثر على كوكب الأرض خلال هذه الحقبة بطاقته الإيجابية فى الانسحاب، ويحل محله نجم آخر طاقته سلبية وفقا لحساباتهم الفلكية، معللين حدوث العديد من الأزمات والكوارث والحروب على كوكب الأرض خلال الحقبة الماضية بوجود هذا النجم الإيجابى الطاقة بقرب الأرض، وبالتالى سيكون تاريخ «11-11- 2011»، فاصلا فى تاريخ البشر، وهذا سبب اهتمام الكثيرين بهذا اليوم، مؤكدا أنه لا علاقة له ولا بحفله بهذه المعتقدات كما أنه لا يعلم نوايا من يشترون تذاكر الحفل ولا ديانتهم، لكنه أراد فقط عمل يوم لتنشيط السياحة فى مصر، وأن الشمع الذى كان من المفترض أن يوقد لوّن بلون علم مصر، متسائلا: «كيف سيحضر اليهود إلى مصر ويمسكون بعلمها فى طقوسهم الدينية».

ويبقى الموقع الذى دشنته الشركة للحفل والذى حمل أيضا عنوان «11 - 11»، باللغة الإنجليزية، مثيرا للشبهات حيث وضعت عليه صورة للدعوة وهى عبارة عن شكل الهرم، يخرج من أعلى قمته طاقة نور ذهبية.

كما يمثل التاريخ أيضا شبهة خاصة بعد أن قامت الولايات المتحدة الأمريكية بإنتاج فيلم يحمل اسم «11 - 11»، فكرته تدور حول أهمية هذا اليوم فى حياة بعض الجماعات الماسونية المتطرفة، وبعض الجماعات الأخرى التى تعبدالشيطان، وعلاقة هذه المعتقدات بالهرم الأكبر، واستقرار النجمة الذهبية أعلى قمته، وهى الفكرة التى لا تعد جديدة فى مصر، فقد تم تنظيم حفل بعنوان «أحلام الشمس الاثنى عشر»، يوم رأس السنة عام 2001.