محمد الباز يكتب : البكباشى الثائر و المشير الحائر
فى أحد اجتماعات مجلس الوزراء، كان المشير طنطاوى غاضبا.. كانت المفاوضات تتم لبيع بنك القاهرة.. أوساط سياسية واقتصادية تغلي.. والشارع فى حالة استسلام تام، وأثناء مناقشة موضوع البيع الذى كان أحمد نظيف متحمسا له، اعترض المشير على البيع، واتهم نظيف ومجموعته من الوزراء رجال الأعمال أنهم يبيعون مصر للأجانب.
وقبل أن يفيق الوزراء من ذهولهم.. ضرب المشير مائدة الاجتماعات بعنف وقال كلمته المشهورة: «القوات المسلحة لن تقبل ببيع صناعة مصر وبنوك مصر للأجانب والنصابين».
كان يمكن أن تظل هذه الواقعة من بين الحكايات الكثيرة التى تمر عليها الذاكرة المصرية دون اهتمام، خاصة أنها عندما نشرت وقت حدوثها كانت مجهلة بلا ملامح.. لكنها أصبحت الآن مثل أيقونة المشير التى يدلل بها مريدوه على أنه وقف ضد فساد مبارك ورجاله، عندما كان هذا الفساد فى قوته وعنفه وعنفوانه.
لكن هذه القصة نفسها يقرؤها من يناصرون المشير طنطاوى من زاوية أخرى.. فهو بموقفه هذا يسير على نهج عبدالناصر الذى كان يناصر الفقراء، كما أنه يحمى ممتلكات الشعب من البيع والإهدار.. وهى قراءة أصبحت مطروحة الآن بشدة فى سياق محاولة رسم صورة جديدة للمشير طنطاوى، بعيدا عن صورته التى ظلت ترافقه لأكثر من ثلاثين عاما قضاها فى ظل الرئيس مبارك بأنه كان واحدا من رجال الرئيس المخلوع.
تجبرنا هذه القراءة على أن نقف وجها لوجه أمام سؤال قد يكون مزعجا للبعض بعض الشىء، وهو :هل يمكن أن يصبح المشير طنطاوى عبدالناصر جديدا.. هل يمكن أن تتكر تجربة ناصر مرة أخري؟، فكل رجل منهما ارتبط اسمه بثورة.. فما الذى يمنع طنطاوى من احتلال صورة عبدالناصر التى كانت حاضرة ومؤثرة فى ثورة 25 يناير.. رغم أن الموت غيبه منذ ما يزيد على أربعين عاما؟
لا أحب المصادرة.. لكن قراءة متأنية لتاريخ الرجلين لا تبشر بخير.. بل يمكن أن تجعلنا نجزم أن طنطاوى لا يمكن أن يصبح عبدالناصر جديدا.. وهو ما يحتاج منا إلى مزيد من التفاصيل.. صحيح أن هناك قاعدة إنسانية تقول إن التجارب لا تتكرر مرتين.. وإذا تكررت فإنها فى الأولى تكون دراما وفى الثانية تنقلب إلى كوميديا.. لكننى سأحاول أن أبتعد عن هذه القاعدة قليلا.
ينتمى عبدالناصر وطنطاوى إلى المؤسسة العسكرية.. لكن كلاً منهما كان نمطا مختلفا.. نما طنطاوى داخل المؤسسة بشكل تقليدى، لم تكن هناك مفاجآت ولا نقلات ضخمة فى حياته.. كأنه كان موظفا يتنقل فى الحياة العسكرية بحكم مرور السنوات والمجهود الذى يبذله.
فى العام 1956 تخرج طنطاوى فى الكلية الحربية.. وقتها كان عبدالناصر يخوض حربه مع القوى الثلاثية (إنجلترا وفرنسا وإسرائيل ) لتركيعه وإخضاعه.. وهى الحرب التى خرج منها عبدالناصر بهزيمة عسكرية وانتصار سياسى بعد أن تدخل المجتمع الدولى لإيقاف الحرب ضد مصر.
لم يشارك طنطاوى بفاعلية فى حرب 56، وإن كانت سيرته المهنية تشير إلى أنه شارك فى صد العدوان الثلاثى، شارك طنطاوى بعد ذلك فى حروب مصر المتعاقبة 67 والاستنزاف وحرب 73.
لم ترتبط بطولات معينة بتاريخ المشير طنطاوى العسكرى، لكن بعد أن تصدر الصورة كان أن تم تعميق إسهامه فى حرب أكتوبر، التى شارك فيها كقائد لوحدة مقاتلة بسلاح المشاة.. وظهرت إلى النور وبصورة كاملة قصة معركة «المزرعة الصينية».
كان طنطاوى وقتها برتبة مقدم.. وكانت المزرعة الصينية عبارة عن مشروع زراعى شرق الدفرسوار لزراعة ألفى فدان بالتعاون مع اليابان.. وأقيمت فيه قرية «لجلاء» وأطلق عليها المزرعة الصينية لوجود بعض الكلمات اليابانية على مبانيها اعتقد الإسرائيليون أنها صينية.
جرت وقائع هذه المعركة فى أيام 15 و16 و17 أكتوبر 1973، وارتبطت بالخطة الإسرائيلية للعبور إلى غرب قناة السويس وإقامة كوبرى على ضفتى القناة لحصار الجيشين الثانى والثالث بمدينتى السويس والإسماعيلية، وهو ما اقتضى أن تكون المنطقة شمال نقطة الدفرسوار خالية من القوات المصرية إلى مسافة لا تقل عن 5 كيلو مترات شمالا لتأمين معبر الدفرسوار من نيران الأسلحة الصغيرة والهاونات والصواريخ المضادة للدبابات.
كان اللواء 16 مشاة بقيادة العقيد عبد الحميد عبدالسميع يسيطر بالنيران على أجزاء عديدة من محورى التقدم والجزء الأخير من طريق طرطور - الدفرسوار، الذى من المفروض أن تسلكه القوات الإسرائيلية، وهو ما أجبر قوات شارون المدرعة على الاشتباك الدموى الذى أصيب فيه شارون بإصابة بالغة فى رأسه. شنت إسرائيل هجوما فى الليل على الكتيبة 16 مشاة، وهنا ظهر المقدم محمد حسين طنطاوى ليأمر بحبس نيران قواته لحين وصول القوات الإسرائيلية، وفى المساء تحركت الكتيبة الإسرائيلية وبعد أن قطعت ثلث الطريق فوجئت بسيل من نيران المدفعية المصرية، فأصدر الجنرال برن أوامره بترك طريق طرطور الملاصق للدفاعات المصرية والتركيز على منطقة الحافيش.. ولكن حتى ذلك عجزت عنه القوات الإسرائيلية.
أيقنت القوات الإسرائيلية أنها لن تستطيع أن تستولى على المواقع المصرية، فأمر الجنرال بارليف بسحب القوات الإسرائيلية وخصص مدرعة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.. ثم كانت الشهادة الأكبر فيما قاله موشى ديان عندما زار منطقة المزرعة الصينية، قال: «لم أستطع إخفاء مشاعرى عند مشاهدتى لمئات العربات والدبابات والمدرعات الإسرائيلية المهشمة والمحترقة المتناثرة فى كل مكان».
كان حسين طنطاوى واحداً ممن قادوا المعركة ولم يكن هو صانعها، ولذلك كان العبور عليها سريعا فى تاريخه العسكرى، ففى العام 1975 عمل ملحقا عسكريا لمصر فى باكستان ثم فى أفغانستان بعد أن حصل على نوط الشجاعة العسكري.
فى العام 1978 عاد إلى مصر ليتولى قيادة الجيش الثانى الميدانى، وبعد عام واحد دخل طنطاوى المساحة التى ظل من خلالها قريبا من الرئيس السابق مبارك، فقد عين فى العام 1988 قائدا لقوات الحرس الجمهورى، وبعد ثلاث سنوات أصبح وزيرا للدفاع برتبة فريق.. وفى 1993 تمت ترقيته إلى رتبة مشير ليصبح وزيرا للدفاع والإنتاج الحربي.. وظل فى منصبه حتى أصبح الحاكم العسكرى لمصر على جناحى ثورة يناير. فى مقابل هذا الصعود الوظيفى للمشير طنطاوى فى سلك العسكرية المصرية، كان صعود عبدالناصر معجونا بروحه الثائرة، فقد شارك فى حرب 48 وفيه أدرك أن المشكلة ليست فى فلسطين ولكنها فى مصر.. الإصلاح لابد أن يبدأ بها.. وكان طبيعيا أن يؤسس تنظيم «الضباط الأحرار» الذى غير به وجه التاريخ المصرى كله. لقد توقف نمو عبدالناصر عند رتبة المقدم، حيث خرج من العسكرية إلى الحياة السياسية، لكن طنطاوى واصل تقدمه فى الحياة العسكرية إلى رتبة المشير، تحول عبدالناصر وهو لا يزال فى بداية الثلاثينات من عمره من مرحلة تلقى الأوامر إلى إصدارها.. لكن طنطاوى ظل حتى بداية السبعينيات من عمره يتلقى الأوامر.. وهى المرحلة التى دخلها على جناح رفضه الأمر الذى صدر له بسحق المتظاهرين.
استطاع عبدالناصر أن يصنع أقداره، أما المشير طنطاوى فقد استسلم لأقداره، ترك لها نفسه لتصيغه كيف تشاء.. تعب ناصر على نفسه سياسيا، كان ثائرا رومانسيا يحلم بتغيير العالم، أما المشير طنطاوى فلم يكن يرغب فى تغيير العالم من حوله، كانت لديه ملاحظات عديدة.. كان يقف أمام الفساد المستشرى فى عصر مبارك، لكنه فى النهاية لم يسع إلى تغيير النظام.
لقد تعب جمال عبدالناصر على تكوين عقله ونحت أفكاره، دخل بقدميه كل التنظيمات السياسية التى عملت قبل الثورة، ذهب إلى الإخوان واستمع لهم.. جلس مع شباب مصر الفتاة.. انخرط فى تنظيمات اليساريين والشيوعيين وهضم أفكارهم.. وبعد أن عرف طريقه قرر أن يزيح الجميع وينفرد بالطريق وحده.
لم تكن هناك فكرة واحدة قدمها عبدالناصر بعد أن وصل إلى الحكم من عنده، الإصلاح الزراعي.. السد العالي.. العدالة الاجتماعية.. كلها كانت أفكارًا لغيره، لكنه استفاد منها وطوعها ليحصد شعبية لم يكن يتخيلها أحد، لكن المشير طنطاوى بحكم انتمائه للمؤسسة العسكرية، فقد كان بعيدا عن السياسة وأفكارها وتنظيماتها.. ولذلك تعثر كثيرا فى إدارة البلاد، فهو لا يمتلك أفكارا مستقلة.. وليست لديه أفكار استقاها من غيره.. ولذلك ورغم بقائه فى الحكم أكثر من 9 أشهر لم يخرج لنا بمشروع قومى كبير.. مشروع يقترب به من الناس.
كان حسم عبدالناصر فى الملفات الكثيرة التى وجدها أمامه، بسبب أنه كان ثائرا.. يعرف ما الذى يريده على وجه التحديد، أما المشير طنطاوى فهو رجل حائر بسبب الوضع الذى وجد نفسه فيه فجأة دون سابق إعداد أو ترتيب.
لقد صنع عبدالناصر ثورته على عينه.. حمل رأسه على كفه هو ورفاقه وكان يمكن أن تفشل الثورة فيجدون أنفسهم معلقين على المشانق، وهو تقريبا نفس ما حدث مع المشير طنطاوى، صحيح أنه جرى بشكل قدرى بحت، لكنه فى النهاية جري.
لقد اختار المشير طنطاوى الانحياز الكامل للثورة لأنه فى لحظة معينة من الصراع بينه وبين مبارك أدرك أنهما وصلا إلى طريق مسدود.. فإما أن يزيح مبارك من على عرشه، وإما أن يزيحه مبارك من منصبه، وهى الإزاحة التى كان سيعقبها انتقام لا يقدر عليه أو يتخيله أحد.
الفارق بين عبدالناصر وطنطاوى أن ناصر كانت لديه رؤية محددة لما تعانيه مصر وعندما وصل إلى الحكم بدأ فى تنفيذ رؤيته على الفور، أما المشير فقد وصل إلى الحكم فجأة.. وجدها تسقط فى حجره دون ترتيب أو انتظار ودون استعداد أيضا.. ولذلك كان طبيعيا أن يكون متخبطا فى قراراته.. وفى تعامله مع القوى السياسية، فقد قرب من يجب أن يبعدهم عنه.. وأبعد من يجب أن يقربهم إليه.
كانت ملامح الزعامة موجودة عند عبدالناصر منذ البداية.. ولدت معه عندما قرر أن يكون قائدا للثورة.. ساعدته ظروفه التاريخية فى ذلك، وهو ما لم يتوفر للمشير طنطاوى، الذى ظل محجوبا لسنوات طويلة بظلال وجود وتأثير وحجم مبارك.. فلم يكن الرجل الأول أبدا.. كان الرجل الثانى وربما الثالث أو الرابع فى ترتيب الشخصيات المؤثرة فى الحياة السياسية فى مصر.
لقد أبعد عبدالناصر نفسه عن أى عملية حرق سياسى فى البداية، ففى سنوات الثورة الأولى دفع باللواء محمد نجيب إلى مقدمة الصفوف ليتمكن من استيعاب الأمور كلها، وبعد أن انتهى دور محمد نجيب احتل عبدالناصر الصورة كاملة.. أما المشير فقد وجد نفسه فى مقدمة الصورة منذ البداية، لم يستطع أن يخفى نفسه أو يتخفى خلف أحد.. بل قد يكون هناك من يتخفى خلفه تمهيدا لأن يتقدم هو الصفوف.
قد يكون عامل السن يمثل ميزة لعبدالناصر.. وخصما هائلا من المشير طنطاوى، وقد تكون السمات الشخصية فارقا كبيرا بينهما، ففى الوقت الذى كانت فيه شهوة عبدالناصر الأساسية فى الحكم والسيطرة.. فإن المشير طنطاوى لا يكف عن تأكيد أنه لا يريدها ولا يرغب فيها، فهو رجل لا يعبد السلطة ولا يسعى إليها كما يبدو من كلامه وتصريحاته.
عامل آخر قد يقف ضد المشير طنطاوى ويحول دون وصوله إلى مساحة عبدالناصر.. فلم تكن فى زمن عبدالناصر دولة عربية ترفع قامتها، أو تلعب دورا إقليميا كما يحدث الآن من قطر وغيرها من دول تسعى جاهدة لأن تكون لاعبا رئيسيا.. كانت الدول العربية إما مستعمرة أو خاضعة للاستعمار بطريقة غير مباشرة، ولما جاء عبدالناصر نفخ الروح بثوريته فى كل الدول المحيطة به.. فوضعوه على أكتافهم وهتفوا له.. فقد كانت دول بلا قائد وعندما جاء القائد أفسحوا له الطريق.
الآن هناك دول تناوئ المشير طنطاوى، تستكثر أن تخلع مصر رئيسها، بل إنها تريد أن تعاقب المصريين لأنهم قاموا بثورة.. وبالتبعية فإنهم سيرهقون المشير طنطاوي.. بل أرهقوه بالفعل، وهو ما لا يجعله يستمتع بإحساس أنه كان وراء نجاح هذه الثورة وخلع ديكتاتورًا ظل فى الحكم دون أن يتخيل أحد أنه يمكن أن يخرج منه ولو حتى بالموت.
لقد ظهر المشير طنطاوى فى فترة تتخلص فيها الشعوب من قادتها وزعمائها.. تخلع عنهم قدسيتهم وتعاملهم كبشر يمكن أن يخلعوهم ويقتلوهم ويسحلوهم ويمثلوا بجثثهم فى الشوارع، ولذلك ومن اللحظة الأولى لم يمنح المصريون المشير طنطاوى أنه زعيم لا يشق له غبار.. لم يقدموا فى محرابه صلوات الخشوع والطاعة، بل تعاملوا معه على أنهم من جاءوا به، وبالفعل عندما أتى بما لم يعجبهم هتفوا ضده.. وطالبوه بالرحيل.
واقع الحال يشير إلى أن نفس الظروف التى واجهها عبدالناصر بعد قيامه بثورته.. مرت على المشير طنطاوي.. نظام لا يريد أن يستسلم ولا يموت.. فلول لهذا النظام تثير الفوضى والفزع والرعب.. جماعات سياسية متناثرة وممزقة وفاسدة ومفسدة.. مطالب فئوية فى كل مكان لم يكف أصحابها عن الهتاف ضد من يعتقدون أنهم يقفون أمامهم.
لكن الفارق أن عبدالناصر كان حاسما منذ البداية.. تعامل مع ملفاته بحزم وشدة.. وإن كنا نعيب عليه إعدام اثنين من العمال هما خميس والبقرى لأنهما قادا مظاهرات ضده، إلا أنه استطاع أن يغلق أفواه من يطالبون بمطالب فئوية دون اهتمام بالمصلحة العليا للبلاد.
إن الفوضى لا تتضاءل بل تزيد كل يوم.. للدرجة التى يشعر معها الناس أن هناك من يرعى هذه الفوضى أو على الأقل يسكت عنها، لأن استمرارها يفيده ويطيل مدة بقائه، وإذا رفض المجلس العسكرى هذا التفسير.. فبأى شيء نفسر هذا التهافت وهذه الرخاوة فى التعامل مع البلطجية والمجرمين والخارجين على القانون.
قد يكون هناك فارق دقيق بين عبدالناصر والمشير طنطاوى، فناصر كان يعرف أن الثورة ثورته.. لذلك تعامل بعنف مع خصومها.. أخذ قرارات ثورية وهو يعرف أنه يحقق أهداف ثورته، أما المشير طنطاوى فربما يشعر أن هذه ليست ثورته على الإطلاق.. وأنه وجد نفسه فى مقدمة الصورة دون حاجة أو رغبة منه، ومن الطبيعى أن تكون أجندة الثورة هذه مختلفة تماما عن أجندة الثورة تلك.. وهو ما يجعلنا الآن نشعر أنه لم تقم ثورة.. بدليل أن من قاموا بها يحاكمون أمام المحاكم العسكرية بينما من أزاحتهم الثورة ينعمون بالراحة أمام المحاكم المدنية.
المشير طنطاوى لن يصبح جمال عبدالناصر جديدا.. ليس لأن عبدالناصر أفضل من طنطاوي.. لكن لأنها أحكام الأقدار التى لا يردها أحد.. فالفارق كبير بين رجل صنع أقداره وطوعها وقادها إلى حيث يريد.. ورجل لا يدرى حتى الآن إلى أين تقوده أقداره.. ولا إلى أين يمكن أن تصل به سفينته