إشراقات قرآنية - د. محمد بن عبد العزيز الخضيري

إسلاميات


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كلنا يقرأ قول الله في كل يوم مرات كثيرة (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴿5﴾) هل توقفنا عند

هذه الآية وعرفنا ما فيها من الأسرار والأحكام والحكم والعظات والعبر؟ إنها جمعت لنا ين أمرين عظيمين وركنين

أساسيين يجب على كل مسلم أن يستحضرهما نحن خُلِقنا من أجلهما (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴿5﴾) فالأول أن نُفرِد الله بالعبادة والثاني أن نُفرِده بالاستعانة. والمؤمن دائماً بين هذين الأمرين لا ينفكّ عنهما فهو يتعبّد لله ويستعين بالله في كل أموره وفي كل أحواله وفي كل شؤونه حتى وهو ذاهب إلى الصلاة أو قائم بالصيام أو الحج أو غيره من الأعمال التي أوجبها الله عليه يستحضر هذا المعنى وهو يتقرب إلى الله بأيّ عبادة. نبينا محمد وهو يقوم بالجهاد وواقفٌ أمام أعداء الله ويعلم أنه يتقرب إلى الله بقربة عظيمة رفع يديه إلى السماء وسأل ربه أن ينزل عليه نصره ورفع يديه حتى سقط رداؤه من على منكبيه الشريفين. إن ذلك وهذه العبادة التي يتقرب بها لن يصدّه عن أن يستعين بالله ويستمطر منه النصر. إننا يجب علينا أن نستحضر هذين الأمرين في كل شأن من شؤون حياتنا وعلينا أن نتذكر ذلك ونحن نقرأ هذه الفاتحة في كل ركعة من ركعات الصلاة دائماً وابداً. أسأل الله لي ولكم التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

****************

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قفوا معي ومع قول الله (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿6﴾) هذا الدعاء الذي نسأل الله أن يتقبله منا ونطلبه من ربنا في كل صلاة من صلواتنا. قد يستغرب المسلم لماذا نحن نسأل الله دائماً وأبداً ونقول (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) إنني وأنت وكل واحد منا بحاجة أن نسأل الله الهداية في كل شأن من شؤون حياتنا وما منا من أحد يدّعي أنه قد هُدي إلى الصراط المستقيم في كل ذرة من ذرات أعماله وفي كل حركة وسكنة. ولذلك أُمِرنا بأن ندعو الله هذا الدعاء ونكرره في اليوم والليلة مرات عديدة. إن بعض الناس يقول (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) نحن على الإسلام وقد هُدينا فلماذا نسأل الله أن يهدينا الصراط المستقيم؟ نقول إنك وإن هُديت إلى الإسلام بحاجة إلى أن تُهدى إلى تفاصيل الأمر والهداية إنما أن تكون هداية للعلم أن تعلم وإما أن تكون هداية للعمل أن تعمل بما علمت وإما أن تكون هداية إلى الدعوة بمعنى أنك تدعو الناس إلى ما علمته وعملت به. وإما أن تكون بحاجة إلى الهداية على الصبر بأن تصبر على مرارة الطريق وعلى طوله وعلى الشِدّة التي تلاقيها فيه. ومن منّا يدّعي أنه قد علم تفاصيل ما أمر الله به وأمر به رسوله؟ ومن منا قد علم أو وثق من نفسه أنه يعلم كل ذلك؟ ومن منا وثق أيضاً من نفسه أنه يدعو إلى كل ذلك؟ ومن منا يصبر على العلم والعمل والدعوة؟ إن هذا هو المعنى الجامع الشامل لقوله (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) اسأل الله لي ولكم التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******************

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هذا أدبٌ أدّبنا الله به في قوله (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ (83) النساء) ما معنى هذا الأدب؟ يقول إذا جاء خبر من الأخبار إما يتصل بأمن الناس أو خوفهم أو مما يتصل بشأن العامّة فإن على المسلم أن يتصبّر وأن يتثبت وأن يتريث ولا يستعجل وإذا خفي عليه وجه الأمر هل يُعلَن أو يُخفى فإن عليه أن يسأل أهل الشأن وأهل الرأي وذوي الخبرة وأهل العلم ليعلموا هل هذا الخبر مما ينبغي إشاعته أو مما ينبغي للإنسان أن يكتمه ولا يخبر به أحداً ولذلك قال الله ذامّاً لبعض الناس الذين إذا جاء أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به نشروه وبثّوه دون رويّة ودون تفكر هل يصلح أن يُشاع هذا الأمر أو لا يصلح وقال (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ) ولذا ينبغي على المسلم أن لا يستعجل في نشر الأخبار ولو كانت صحيحة ولو كانت حقيقة ولو كانت في نشرها مصلحة لوجه من الوجوه فإن عليه أن يتريث لأنه قد يترتب عليها من المفاسد شيء لا يتصوره ولا يتوقعه ولم يدر في خلده وهذا أدبٌ ينبغي على المسلم أن يتأدب به وأن يتفطن له وأن يكون على ذكر منه. أسأل الله لي ولكم التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.