منال لاشين تكتب : طالع السيسى فى 2015

مقالات الرأي



1 - أزمة تعديل قانون التظاهر قبل الانتخابات

2 - غضب من القوى السياسية لاختيار خالد حنفى رئيساً للحكومة

3 - تحدى رفع أسعار القطارات والبنزين

4 - و«عكوسات» فى أول العام بسبب الإفراج عن صحفيى الجزيرة


بلغة الابراج والفلك يعتقد البعض أن كلا من الشمس والقمر معا كانا يعششان فى برج الرئيس عبد الفتاح السيسى، بالنسبة لهؤلاء فالسيسى رجل محظوظ، ولكن بالنسبة للاغلبية وأنا منهم فإن السيسى هو الرجل المناسب فى اللحظة المناسبة، والاهم أنه خاض تضحية أو مغامرة كبرى بمساندته مطلب الشعب المصرى بالتخلص من الإخوان، السيسى صنع مستقبله بنفسه وبجرأته. وطالع السيسى فى 2015 لم تحدده تفاعلات عطارد مع المشترى، بل تفاعلات القرارات التى ينوى اتخاذها مع الإجراءات التى يتردد فى اتخاذها. وسيجد السيسى نفسه مضطرا فى 2015 إلى إعلان انحيازاته بشكل أوضح، وقد تضعه بعض خطواته الموجهة للخارج فى (عكوسات ) صعبة مع انصاره فى الداخل. لن يواجه السيسى ثورة شعبية فى 2015، ولكنه سيواجه انشقاقات أكثر فى صفوف النخبة التى تؤيده حتى الآن، والتى بدأت فى التملل فى 2014، ولكنها ستجد نفسها مدفوعة ببعض قرارات للسيسى بفعل المزيد.

1 - تحدى زيادة الأسعار

الزيادة التى أقرها السيسى فى أسعار بعض السلع والخدمات فى 2014 أحدثت له صدى طيباً فى الاوساط الاقتصادية العالمية، فقد وضعت السيسى ومصر فى موقع الرئيس والدولة الراغبة فى الاصلاح الاقتصادى، وقد ساهمت هذة الخطوة فى تحسين وضع مصر فى تقييم المؤسسات المالية العالمية، وآخرها شهادة صندوق النقد الذى نشر تقييمه نهاية العام حول وضع الاقتصاد المصرى، ولكن استكمال خطوات أو روشتة الاصلاح قد يكون مكلفا للسيسى. ففى العام الماضى تم رفع الاسعار بالتزامن مع زيادة الضرائب على الاثرياء 5%. ولكن رفع الاسعار فى عام 2015 لم يصاحبه إجراءات ضد الاغنياء أو كبار رجال الاعمال. إجراءات رفع الاسعار لم تقتصر على أسعار المترو، ولكن إذا استكمل السيسى إجراءات الإصلاح فسيدخل فى دائرة القرارات رفع اسعار تذاكر القطارات وتحريك جديد للبنزين، وإجراءات أخرى. هذه الإجراءات لا تمثل فقط تحدياً لشعبية السيسى أو بالاحرى اختباراً جديداً لشعبيته، ولكنها ستزيد مساحة الاختلاف بينه وبين أنصاره من النخبة التى ساندته. فالعدالة الاجتماعية لاتزال غائبة أو متراجعة، وعلى السيسى أن يدقق جيدا فى كل خطواته التى قد تزيد اعباء المواطنين الفقراء والطبقة المتوسطة، فليست كل أحداث 2014 قابلة للتكرار فى 2015. خاصة أن السيسى لم ولن يتخذ إجراءات لإعادة توزيع الثروة بالضرائب فى نفس الوقت الذى سيزيد اعباء الطبقة المتوسطة.

وربما تدفع الأحداث والأزمات الاقتصادية السيسى لقبول فكرة الحصول على قرض صندوق النقد الدولى، ولكن لو حدث ذلك فلن يحدث قبل النصف الثانى من العام. وستظل أزمة العدالة الاجتماعية ضاغطا على المشهد الاجتماعى ومطلباً شعبياً يطارد السيسى فى 2015.

2 - العفو عن الثوار

فى الاشهر الاولى من عام 2015 سيواجه السيسى مأزق استمرار سجن بعض ثوار ثورتى 25 يناير و30 يونيو، وسترتفع أهمية هذه القضية فى طالع وبرج السيسى السياسى فى حالة استخدام السيسى لسلطاته القانونية بسفر صحفيى الجزيزة فى القضية المشهورة إعلامياً بقضية (خلية ماريوت). فاستمرار سجن بعض شباب الثورة بعد الافراج عن صحفيى الجزيرة سيزيد المأزق السياسى الذى عاشه السيسى فى 2014. مأزق براءة مبارك والعادلى ومعظم رموز مبارك بينما شباب الثورة فى السجون. قضية صحفيى الجزيرة لا تخص العلاقة مع قطر كما يظن البعض، ولكنها تدخل فى إطار الضغوط الدولية على سمعة مصر. وإذا لم يتم العفو عن بعض الثوار وخاصة النساء واحمد دومة لمرضه، فإن العلاقة بين السيسى والشباب والمعارضة ستزداد توترا. ولكن السيسى يستطيع أن يقلل هذا التوتر والتباعد بينه وبين الشباب إذا اتخذ القرار الذى تأخر كثيرا فى الاقدام عليه، وهو قرار تعديل قانون التظاهر. ذلك القانون الذى أحدث شرخا كبيرا فى تحالف 30 يونيو. شرخا بدأ منذ اقرار القانون خلال فترة حكم الرئيس المؤقت عدلى منصور. ولكن مع تولى السيسى المسئولية والرئاسة أصبح قرار تعديل القانون فى يده، وانتظر انصاره من المثفقين والسياسيين أن يقوم السيسى بإجراء تعديلات على قانون التظاهر. وعرض على السيسى تعديل القانون المثير للغضب أكثر من مرة، وفى كل مرة كان السيسى يستخدم الصيغ التوافقية. ومن الصعب على السيسى إقناع انصاره من السياسيين باستمرار قانون التظاهر خلال مرحلة الدعاية لانتخابات مجلس النواب القادم، فبعض القوى السياسية تعلق مشاركتها فى الانتخابات بتعديل قانون التظاهر، كما أن استمرار القانون المعيب والمقيد للحريات سيكون مسمار جحا لخصوم مصر. وقد تستخدمه بعض المنظمات ذريعة للهجوم على مناخ الانتخابات. ففى 2014 أعلنت منظمة كارتر انسحابها من مراقبة الانتخابات الرئاسية بحجة المناخ، ولذلك يجب أن يحسم السيسى أمر تعديل قانون التظاهر قبل الانتخابات البرلمانية.

3 - أزمة مجلس النواب

بعيدا عن تعديل القانون قبل الانتخابات فإن مجلس النواب هو أكبر أزمات وتحديات السيسى فى 2015. تشكيل المجلس وخريطة القوى السياسية به ستحدد نفوذ السيسى وقدرته على تنفيذ مشروعه، ولا يمكن التنبؤ بخريطة القوى فى المجلس. ولكن يمكن التنبؤ بآثار وتوابع هذه الخريطة. ولذلك يتوقع البعض أن يكون عمر مجلس النواب قصيرا من خلال أحكام قضائية، ولكن آخرين يتوقعون أن ينجح السيسى فى مواجهة البرلمان من خلال شعبيته، واللجوء للشعب فى القضايا الخلافية.

ولاشك أن صلاحيات البرلمان فى الدستور الجديد ستمثل عائقا لمشروع السيسى فى حالة فوز تيار واحد بالأغلبية، ولكن السيسى يستطيع التحرك بحرية أوسع فى حالة تفتت خريطة القوى فى البرلمان. فهذه الخريطة المفتتة تمكن السيسى من اختيار رئيس الحكومة وضمان موافقة البرلمان عليه. كما تمكن السيسى من تنفيذ مشروعاته الكبرى أو إجراءاته الإصلاحية. لأن تفتيت الكتل البرلمانية سيجعل السيسى مركز جذب لهذه القوى.

مشكلة اختيار رئيس الحكومة ستكون أحد (عكوسات) العام فى طالع السيسى. اقرب اختيار الآن لمنصب رئيس الحكومة هو وزير التموين الدكتور خالد حنفى. فالرجل يحظى برضا وثقة السيسى، وذلك بعد تنفيذ خالد حنفى لمشروع البطاقة الذكية فى دعم المواد التموينية. وقد حاز هذا النظام على رضا المواطنين لأنه سمح لهم بتنوع الحصول على المواد المدعمة. وجاء مشروع تحويل مصر لمركز إقليمى للدعم اللوجستى ليؤكد رضا السيسى عن خالد حنفى، وربما يزيد من اقتناع السيسى باختيار خالد حنفى رئيسا للحكومة أن وزير التموين فى سن الأربعينات ويبدو شابا، ولكن هذا الاختيار سيمثل مأزقاً آخر للسيسى، فالمؤيدون للسيسى داخل القوى السياسية يريدون اختيار رئيس حكومة سياسى قادر على التعامل مع مجلس النواب، وقادر على التعامل مع الاحزاب والقوى السياسية. وهذه المواصفات لا تبدو على قائمة اهتمامات السيسى. فكل المرشحين لمنصب رئيس الحكومة من قائمة التكنوقراط الناجحين فى مشروع ما. وهو ما يزيد غضب انصار السيسى من السياسيين، فهذا النمط من الاختيار يعيد طريقة مبارك فى اختيارات رؤساء الحكومات، ولذلك فإن السيسى مطالب باختيارات معلنة تتوافق مع أنصاره من السياسيين، أما أنصاره من المواطنين فعلى السيسى أن يفكر جيدا ماذا سيقدم لهم فى العام الجديد باليد اليمنى، وذلك قبل أن تأخذ الحكومة منهم زيادات السلع باليد اليسرى. هذا عام مؤثر فى طالع السيسى ومستقبل مصر ويحتاج إلى انحيازات أكثر وضوحا للسيسى خلال عام 2015.