د. رشا سمير تكتب : عام الرحمة اليوم.. هو ميلاد عام جديد.. 2015

مقالات الرأي



اليوم.. هو ميلاد عام جديد.. 2015

عام سينضم قريبا إلى قائمة الأعوام التى ارتحلت وسط أمانينا بأن يكون القادم هو الأفضل..

عام صنعته أحداث وسكنته أحداث.. عام خبت فيه أسماء وسطعت أسماء.. ولكن الأكيد أن الأشخاص هم من يصنعون التاريخ ويكتبونه إما بريشة من ذهب أو بقطعة طابشور لا يبقى منها سوى الغبار المتناثر.

قررت ألا أكتب اليوم عن السياسة وألا تكون صبغة المقال تشاؤمية ونحن على أعتاب عام جديد قررنا أن نلبسه ثوب التفاؤل حتى لو أبى.

وأنا لا أتمنى من العام القادم إلا أن تعود الرحمة إلى ضلوعنا من جديد.

فلطالما خرجت نخبة الوطن ومثقفوه بأقوال وتصريحات تدعو للترابط والحنو على الفقراء وتبنى محنهم ومؤازرة المهمشين والمُعدمين.. ولطالما تحمس البعض وصفق البعض وهتف البعض.. والنتيجة.. لا شىء.. فلايزال بشر يبحثون عن قوت يومهم فى القمامة، وأطفال يملأون الشوارع تسولا، وعشوائيات تصدعت بمن لا يجدون سقفا يحميهم أو غطاء يلتحفون به من برد الشتاء.

مما لا شك فيه أن هناك مجهودات فردية عملاقة تُبذل فى هذا الوطن.. ولا جدال أن بقاء هذا الشعب على قيد الحياة، له علاقة وطيدة بحنو أفراده بعضهم على بعض ولكن.

أين دور رجال الأعمال ومؤسسات الدولة وكل من يمتلك القدرة على المنح؟

ملايين الجنيهات يتم صرفها فى الفشخرة الكاذبة كل عام.. وأطنان من الطعام تُلقى فى القمامة عقب الوجبات الفاخرة والعزومات التى تُقام فى كل المناسبات.

لا ألوم أصحاب الأموال فمن حقهم أن يستمتعوا، ولكن سيدنا عمر بن الخطاب قال يوما إن زكاة مال المسلمين كافية بألا يبقى هناك فقير واحد ضمن أمة الإسلام.

إذن هو التكافل.. إذن هى الرحمة.. إذن فهذا هو الإسلام.

العام الماضى.. فى تجربة محترمة ومختلفة استكمل المايسترو سليم سحاب مشروعه الطموح (كورال مصر) الذى يضم مجموعة كبيرة من أطفال الشوارع وأبناء الملاجئ، بهدف تغيير مسار حياتهم وإعادة تأهيلهم مجتمعيا بمشاركتهم بالغناء من خلال فرقته الجديدة.. وأوضح سحاب أنه فكر فى تنفيذ هذا المشروع قبل عدة سنوات، مشيرا إلى أن رؤيته لحال الأطفال المتردى فى الشوارع يصيبه بالحزن، وهو ما دفعه للتفكير فى كيفية تحويل هؤلاء الأطفال إلى مواطنين صالحين بواسطة الموسيقى، لا سيما مع علمه بوجود أوركسترا لأطفال الشوارع بدولة فنزويلا تعمل فعليا منذ 30 عاما، وقدمت عددا كبيرا من الحفلات فى مختلف دول العالم.

إذن فالرجل فكر فى حدود إمكانياته وتخصصه وأحلامه.. فكر فى آلام غيره على الرغم من أن وقته لا يتسع ولا ينتظر نجاحا ولا يتطلع للسطوع لأنه بالفعل ساطع.

وبالفعل بعد نجاح المشروع تدخلت وزارة الشباب ودعمت وزارة التضامن الاجتماعى وأصبحت الخطوة التالية هى إيجاد مكان يضم هؤلاء الشباب بدلا من عودتهم إلى ملاجئهم ليلا.. أو عودتهم إلى أحضان الأرصفة ليناموا.

فى العام الماضى تبلور مشروع (مدينة سنبل) الذى داعب خيال الفنان محمد صبحى دوما على أنه المدينة الفاضلة.. فلم يتوقف حلم الرجل على أن يبنى مدينة يضع فيها مدخرات عمره لمجرد تسكين من يشعر بآلامهم أو لمجرد أنه عمل خيرى، بل كانت فكرة مختلفة لبناء مدينة الحلم.. ملاعب.. مسرح لاحتضان المواهب.. مدارس.. جوامع.

إنه الفنان الذى أرسى قواعد الفن المحترم يوما، فقدم مسلسلات سنبل وونيس التى قدمت المعنى قبل المشهد.. والقيمة قبل الضحكة.. إنه فنان له وزنه واسمه وتاريخه، وبالتالى فهو لم يكن يسعى لمزيد من الشهرة.. إنها فكرة خالصة لله عز وجل.

فكرة أجبر بها رئيس الوزراء أن يذهب ويشاهد ويصفق.. بل ودفعه لأن يدعم ويساهم ويحتضن المشروع.

وفى نفس الإطار تبنت الكاتبة نوال مصطفى مشروع سمته (حياة جديدة) وهو مشروع يهدف إلى تحطيم وصمة السجن التى تلحق بالسيدات عقب إدانتهن فى جرائم تتعلق بالظروف الاجتماعية والتى اطلقت عليهن لقب «سجينات الفقر» عقب خروجهن إلى المجتمع.. ويهدف المشروع لتحسين وضع 220 سجينة وأسرهن، فى سجن القناطر، مع دمج 220 من أطفال وأبناء السجينات فى المجتمع، بالإضافة لمحاولة إنسانية أيضا لتغيير نظرة المجتمع إلى السجينة عن طريق وسائل الإعلام المختلفة.. إنه مشروع مختلف ومحترم قررت به كاتبة صاحبة قلم أن تكف عن الكلام وتتجه للفعل.. فشعورها بآلام هؤلاء النساء لم يعد يقتصر فقط على الورق..

تحية لكل من ساهم بفكرة أو بمجهود.. تحية لكل من عمل فى صمت.. تحية لكل من قدم خيرا مطلقاً لوجه الله عز وجل..

تحية للدولة عندما استشعرت المسئولية وقررت أن تمد يدا وتمنح العون..

يا ليت عامنا القادم يفيض بأعمال الخير.. ياليت الغد يحمل للفقراء والمهمشين فرصة جديدة للحياة.. ياليت الرحمة تقبع فى قلوبنا دوما فلا تغادره ولا بعد ألف عام..