عادل حمودة يكتب: المخابرات العامة بين الملف الطبى لفريد التهامى
التهامى :
■ تعرض لمتاعب فى عظام الفخذين واجرى جراحة دقيقة فيها! ■ واجه كل من يسئ للجهاز بصرامة فقدم ثروت جودة لمحاكمة عسكرية بعد تصريحات منفلته حكمت عليه بالسجن والغرامة!
فوزى:
■ ما لم ينشر عنه إنه المسئول الأول عن مواجهة الإرهاب والتطرف بجانب مكافحة التجسس ! ■ كان وراء القبض علي كل جواسيس إسرائيل فى مصر بعد ثورة يناير وعلي رأسهم إيلان جرابيل ! ■ رفض تنفيذ تعليمات مرسى بالقبض علي الإعلاميين المعارضين لحكمه وحذرهم من الإعتقال بطريقة غير مباشرة قبل ثورة يونيو !
منذ سنوات قليلة تعرض اللواء محمد فريد التهامى مدير المخابرات العامة إلى متاعب صحية فى عظام الفخذ استدعت إجراء جراحة دقيقة وعاجلة.. ومؤخرا عاوده الألم.. فدخل مستشفى وادى النيل وبقى فيها عدة فترة من الزمن.
وبسبب تلك المتاعب الصحية وجد التهامى أن من المناسب تصعيد اللواء خالد فوزى رئيس هيئة الأمن القومى إلى مساعد مدير المخابرات لشئون الأمن القومى فاتحا الباب أمامه لإدارة الجهاز فى أوقات علاجه.
المعروف أن المخابرات العامة تتكون من هيئتين رئيسيتين:
هيئة الأمن القومى ومهمتها مواجهة النشاط المعادى فى الداخل والقبض على الجواسيس والعملاء الذين يتسللون إلينا حاملين الشر.. ساعين إلى الضرر.
وهيئة الخدمة السرية ومهمتها مواجهة النشاط المعادى فى الخارج.. وزرع العملاء فى الدول غير الصديقة.. وأحيانا الدول الصديقة.. وهو عرف سائد بين أجهزة المخابرات المختلفة.
كان التهامى قد تولى مسئولية المخابرات العامة فى 3 يوليو 2013 خلفا للواء رافت شحاتة الذى عين مستشارا أمنيا للرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور قبل أن يحال نهائيا للتقاعد عقب تنصيب عبد الفتاح السيسى رئيسا للجمهورية.
استدعى التهامى لتولى منصبه الأخير من بيته بعد أن أجبر بطريقة غير لائقة على ترك منصبه.. مديرا للرقابة الإدارية.. بعد شهور قليلة من تولى محمد مرسى الرئاسة.. وتوليت الدفاع عنه على شاشة «النهار» دون أن أعرفه أو التقى به.
وإحتراما لشخصه رد السيسى للتهامى إعتباره بتعينه مديرا للمخابرات العامة.. خاصة وان السيسى كان مساعدا للتهامى عندما كان مديرا للمخابرات الحربية.. وعادة ما يختار مدير المخابرات العامة من رؤساء المخابرات الحربية وكان التهامى واحدا منهم.
والتهامى شخص متدين.. لا يميل كثيرا إلى العلاقات الإجتماعى.. لم يلتق طوال عمله فى الرقابة الإدارية بصحفى واحد.. ونجح خالد فوزى بصعوبة فى أقناعه باستقبال نحو خمسين إعلاميا ساهموا فى ثورة 30 يوينو.. لتوجيه الشكر إليهم.. وبعد استعراض متمكن امتد ثلاث ساعات لتحديات الأمن القومى تناول التهامى الغذاء مع بعضهم.. منهم منى الشاذلى وياسر رزق وجمال عنايت.. ربما فى سابقة فريدة فى حياته المهنية الطويلة.
وأتذكر ونحن فى طريقنا إلى قاعة الطعام قال لى التهامى: إننى بعد أن دافعت عنه واستنكرت ما فعل به الإخوان أقسم لكل من يلقاه أنه لا يعرفنى.. وكان صادقا بالطبع.
وقد واجه التهامى بصرامة كل من يحاول النيل من الجهاز.. والدليل على ذلك قضية تروت جودة.
وثروت جودة عميد مخابرات سابق.. حكمت عليه محكمة عسكرية بالسجن سنة بجانب غرامة بتهمة الإدلاء بتصريحات صحفية لم تتسم بالدقة.. وفشلت محاولات إنكارها.. أو النجاة منها.
وكنت قد نشرت من قبل أن جودة قد تورط مع شركة بريطانية أدعى أنها تقدم قروضا بشروط ميسرة مقابل مبلغا من المال يدفع مقدما بالدولار.. ولم يجرؤ على الرد.
وعندما تقرر سفر التهامى إلى الخارج للعلاج أصبح من الضرورى تصعيد خالد فوزى إلى منصبه.. ليصبح اللواء محمد طارق عبد الغنى سلام المسئول عن هيئة الخدمة السرية نائبا له.
وخالد فوزى من مواليد عام 1957.. تخرج فى الكلية الحربية عام 1978.. وخدم فى سلاح المشاه حتى رتبة نقيب أنضم بعدها إلى المخابرات العامة.. وتصاعد تدريجيا فى مناصب الجهاز حتى تولى رئاسة هيئة الأمن القومى عام 2013.. وحصل على وسام الخدمة الطويلة.
وفى كل قضايا التجسس التى كشفت بعد يناير 2011 كان خالد فوزى ورائها.. وبعضها أتهم فيها مواطنون فى سيناء بالتعاون مع أجهز الأمن الإسرائيلية.
وكان أشهر تلك القضايا قضية إيلان جرابيل وكان عميلا مزدوجا يحمل الجنسيتين الإمريكية والإسرائيلية.. وقد تسلل وسط الثوار فى ميدان التحرير.. ودخل المساجد ونام فيها.. وتعرف عن قرب على قيادات الإخوان وغيرهم من قيادات التيارات السياسية الأخرى.. وقد عاد إلى بلاده حسب القواعد المعمول بها فى عمليات تبادل الجواسيس بين الدول المختلفة.
وخالد فوزى هادئ.. مبتسم.. متواضع.. حاسم.. يجيد تقييم الشخصيات والمواقف.. مدخن شره.. قادر على العمل ساعات طويلة فى اليوم.. وفى فترات الأحداث الصعبة لم يكن لينام سوى ساعات قليلة.
ويحسب له أنه حذر قبل 30 يونيو وبطريقة غير مباشرة الإعلاميين الذين خاضوا حربا شرسة ومعلنة ضد نظام الإخوان من القبض عليهم.. كما أنه رفض أن تقبض عليهم المخابرات العامة.
فى شتاء 2013 كان مدير المخابرات وقتها اللواء رافت شحاتة فى أبو ظبى عندما تلقى مكالمة غاضبة من محمد مرسى يطالبه فيها بالقبض على أول ثلاثة أعلاميين وضعوا على قوائم الأنتقام الإخوانية.. كنت واحدا منهم.. وترك شحاتة جناحه ليلتقى بخالد فوزى فى حديقة الفندق لبحث الأمر.
كان من رأى خالد فوزى أن إعتقال مواطن برئ ليس من مهام الجهاز.. «مهمتنا يا فندم رفع تقارير المعلومات إلى الجهات العليا».
وأضاف: «إننا حتى عند القبض على متهم بالتجسس فإن الأمر يتطلب وجود رئيس نيابة عامة وإجراءات قانونية أخرى».
واستطرد: «كما أن هؤلاء الإعلاميون وطنيون يحاربون المعركة ضد الإخوان نيابة عن مصر كلها فكيف يكون ذلك جزائهم ؟».
وللإنصاف فإن لا جهاز أمنى واحد عسكرى أو مدنى قبل تنفيذ هذه المهمة.. فلم يكن أمام الإخوان سوى فتح التحقيق فى بلاغات قدمت ضد عشرات الإعلاميين تمهيدا لإستصدار أوامر ضبط وإحضار لهم تتيح فى النهاية حبسهم ولو على ذمة التحقيقات التى تجرى معهم.. وانتظر مكتب الإرشاد أن يمر يونيو ليكون إنتقامه من الإعلاميين والسياسيين مروعا.
وحسب ما سمعت من اللواء رافت شحاتة فإن جهازه المخابرات العامة نفسه كان مستهدفا من الإخوان.. فقد استقبلت قطر وتركيا مجموعات من شباب الإخوان لتدريبهم على أعمال المخابرات.. كما أرسلت مجموعة أخرى منهم إلى ألمانيا للتدريب على تفكيك الجهاز.. ونجحت فى أستيراد أجهزة تنصت سعت إلى زرعها فى كل المؤسسات الحساسة.. ولم تتردد فى التهديد بإقتحام مبنى المخابرات العامة كما سبق وفعلت فى مقرات جهاز أمن الدولة.. لكن.. السيسى حذر من ذلك قائلا: «لو اقترب أحد من مبنى المخابرات العامة سأضربه بصاروخ».
ولا شك أن تعيين خالد فوزى فى المنصب المؤثر يعد إنحيازا من الرئيس للإجيال الجديدة.. فعمره لا يزيد عن 58 سنة بينما تجاوز سلفه المولود فى عام 1947 عامه السابع والستين.. لكنه.. عندما غادر سلفه منصبه حمل معه وسام الجمهورية إحتراما وتقديرا.. ليواصل حياته فى هدوء.. بطريقته الخاصة .
لكن.. ما لم ينشر عن خالد فوزى أنه المسئول الأول عن مكافحة التطرف والإرهاب بجانب عمله فى مواجهة محاولات أجهزة المخابرات المختلفة إختراق الأمن القومى المصرى وتسريب الجواسيس إلينا .
لذلك فإن من الممكن أن نطلق عليه دون مبالغة « صائد الجواسيس والإرهابيين».