منال لاشين تكتب : آخر أسرار وحكايات 2014

■ السيسى للأشقاء العرب: استثمروا فى أى مشروع فى مصر إلا السياسة والإعلام ■ ملك السعودية: مصر لو وقعت لم ينج أحد ولن تنفعه طائراته وملياراته ■ الجنزورى اقترح تهميش الصندوق الاجتماعى بعد أن طلب من الببلاوى الإشراف عليه ■ سوزان مبارك لأحد الأصدقاء: زوجى انتهى والخوف على أولادى من السجن


■ سى آى إيه نصحت معهد كارتر والمعهد الديمقراطى باستمرار نشاطهما فى مصر ■ 3 وزراء توسطوا لدى وزير الداخلية للإفراج عن مجموعة ناشطات «هبة رؤوف» ■ ياسر الملوانى يحاول العودة لنفوذه بعرض تمويل المؤتمر الاقتصادى فى شرم على وزير الاستثمار وفايزة ترفض ■ رسالة من بوتفليقة تعجل بزيارة السيسى للجزائر


مع ربع الساعة الأخير من عام 2014 تشهد جلسات توديع العام أسراراً وحكايات جديدة بعضها يروى من باب التفاخر بالذكاء والآخر يكشف عنه الستار من بث الامل فى العام الجديد وأحيانا للإجابة على الاسئلة العالقة والتى كنا نبحث عن إجابات صحيحة لها طوال العام. فى أسرار نهاية العام فلول وكبار أهل البيزنس وملوك ورؤساء وزراء إنها دراما الحياة فى مصر وبلدان أهل العرب خاصة التى لم تشهد ربيعاً عربياً، إنها الصراع الشرس احيانا والناعم حينا آخر، صراع أحيانا يفجره طموح النفوذ والثروة، واحيانا أخرى من أجل الخروج من ازمات محلية وأخرى عربية.

1

نصيحة الجنزورى

بعيدا عن الدور السياسى لرئيس الوزراء الأسبق الدكتور كمال الجنزورى إلا أن الجنزورى من حين إلى آخر يقترح أو بالأحرى يوجه بعض النصائح للوزراء، آخر نصيحة للجنزورى تهدد مكانة الصندوق الاجتماعى للتنمية، فالجنزورى صاحب اقتراح شركة أيادى للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهو المشروع الذى تحمس له كل من وزير التنمية المحلية اللواء عادل لبيب ووزير الصناعة والتجارة منير فخرى عبد النور، المثير أن منير الذى اضيفت له المشروعات الصغيرة كان قد صمم منذ أقل من شهرين على تغيير مدير الصندوق الاجتماعى وتعيين مدير جديد للصندوق، وكان يفترض أن يعلن الصندوق خطته للعام الجديد للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وأن تبدأ اللقاءات والاجتماعات بين منير والإدارة الجديدة للصندوق، ولكن فجأة تم الإعلان عن شركة أيادى لحل مشكلة البطالة من خلال المشروعات الصغيرة ومن خلال شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، وهو نفس عمل وهدف ووظيفة الصندوق الاجتماعى للتنمية، وكان الجنزورى قد اقترح شركة جديدة لحل مشكلة بطالة الشباب ونال الاقتراح الحكومة، خاصة أن شركة تأييد أيادى ستدخل ضمن إنجازات الحكومة بينما الصندوق الاجتماعى للتنمية تجاوز عمره نحو عشرين عاما ومحمل بأعباء وسمعة تاريخية، كان المهندس محلب قد أسند مهمة الإشراف على الصندوق لوزيرة التضامن غادة والى وهى المديرة السابقة للصندوق ثم انتقلت تبعية الإشراف إلى وزارة التجارة والصناعة.

المثير أن الجنزورى الذى تحمس للهجوم على الصندوق الاجتماعى وإقامة مشروع أو شركة أو مؤسسة بديلة وموازية له كان قد طلب من رئيس الوزراء السابق الدكتور حازم الببلاوى أن يتولى الإشراف على الصندوق الاجتماعى لتفعيله وللاستفادة منه فى حل مشكلة البطالة، وقد أبدى الببلاوى دهشته من الطلب واعتبر أن منصب مدير الصندوق أقل بكثير من مقام الدكتور الجنزورى.

2

رسالة بوتفليقة

عندما زار الرئيس السيسى الجزائر فجأة وقبيل سفره لأوغندا لحضور القمة الافريقية، تصور البعض أن السيسى عجل بالزيارة بسبب نقص إمدادات مصر من الغاز الطبيعى أو حتى الاتفاقيات الامنية، وكل ذلك كان على اجندة الزيارة بالفعل، ولكنه لم يكن سببا فى التعجيل بزيارة السيسى للجزائر. وكان السبب الحقيقى جزءاً من رسالة شفوية أرسلها الرئيس الجزائرى عبد العزير بوتفليقة للرئيس السيسى، الرسالة كانت عتاباً أخوياً صادقاً لمصر، بوتفليقة قال إن ليبيا تجاور الجزائر والمسافة بينهما كما يقولون فى مصر (فركة كعب) ومع ذلك فالمسئولون المصريون خاصة الرؤساء كانوا يزورون ليبيا ويتجاهلون زيارة الجزائر، واضاف الرئيس الجزائرى أن بلاده لم تقصر فى حق مصر الشقيقة الكبرى حتى خلال أزمة (ماتش الكورة) وعندما وصلت الرسالة للرئيس السيسى أصر على أن يزور الجزائر على الفور ليؤكد بشكل علنى جدا رفضه لتجاهل الانظمة السابقة أو الحكومات السابقة زيارة الجزائر وليؤكد أيضا أن مصر تكن كل اعتزاز للجزائر الشعب والرئيس.

3

إلا الإعلام والسياسة

الحقيقة أن السيسى يركز كثيرا على عودة علاقة مصر بالدول العربية الشقيقة كما كانت من قبل عصر مبارك، ويحاول السيسى خلال لقاءاته أن يرسل رسائل استباقية لطيفة وعابرة، وذلك فى الموضوعات أو الملفات الحرجة أو التى كانت سببا فى توترات بين العرب سابقا.. وخلال أحد لقاءات السيسى بمسئولين ومستثمرين عرب سأل أحد الحاضرين الرئيس عن المشروعات والمجالات التى تحب مصر أن يستثمر فيها العرب. فرد السيسى بدبلوماسية أن أى استثمارات للاشقاء العرب فى مصر مرحب بها إلا الاستثمار فى السياسة والاعلام. وفهم الاشقاء الخليجيون الرسالة، وبالفعل تراجعت مؤسسة إعلامية مصرية عن التوسع فى أعمالها لأنها بتمويل خليجى. وحتى لا يردد خصوم ثورة يونيو ونظام السيسى بأن دول الخليج المساندة لمصر تلعب فى السياسة والاعلام مثلما تفعل قطر. بالمناسبة قطر تعهدت بأن تغير سياساتها الاعلامية تجاه مصر بالتدريج، وذلك حتى لا تحرق مصداقية قنوات الجزيرة، ولذلك فضلت قطر وقف الجزيرة مباشر مصر مؤقتا حتى لا تضطر إلى تغيير مواقفها تجاه مصر بشكل مفاجئ.

4

لا طائرات ولا مليارات

العاهل السعودى ظل طوال عام 2014 يساند مصر بالافعال والاقوال أيضا، ومن اجمل ما قاله العاهل السعودى خلال لقاء خاص مع بعض افراد الاسرة السعودية المالكة وكرره اكثر من مرة فى مناسبات خليجية. الملك عبدالله بن عبد العزيز.. قال لو وقعت مصر ولو وقع السيسى الإرهابيون هيعدوا البحر للخليج وساعتها لم ينج احد، ولن تنفع احد لا طائرات ولا مليارات، ولا وجوده داخل دول الخليج ولا فى دول أوروبا أو أمريكا. العاهل السعودى يؤكد فى كل مرة فهمه العميق للتاريخ والجغرافيا وحرصه على عودة وحدة العرب.

5

ساويرس يرفض قناة التحرير

الملياردير نجيب ساويرس لا يترك فرصة لشراء قناة أو صحيفة أو حتى الحقوق الحصرية الاعلانية للصحف والفضائيات دون أن يدخل فورا فى تفاوض ثرى وسخى ينتهى بتحقيق هدفه. وكانت آخر محاولاته هو عرض شركته التى يديرها إيهاب طلعت بشراء الحق الحصرى للاعلانات فى التليفزيون المصرى وبمبلغ خرافى، وربما يفوز ساويرس وطلعت بكعكة التليفزيون المصرى نظرا للأزمة المالية الطاحنة التى يعانى منها ماسبيرو، ولكن المثير أن نجيب ساويرس فقد شهيته للسيطرة على الاعلام امام عرض مشاركة فى قناة التحرير، والأكثر إثارة أن العرض قدمه السياسى عماد جاد والذى كان يقترب من الانضمام إلى حزب ساويرس (حزب المصريين الأحرار). وكان عماد جاد قد طرح على ساويرس عرض المشاركة فى قناة التحرير وذلك عقب إغلاق موقع التحرير التابع للقناة على أثر ازمات مالية. وتوقع البعض أن يوافق ساويرس بل يتحمس ويهرول لدخول قناة جديدة، ولكن ما حدث أن نجيب ساويرس ظل يفكر ويفكر ويفكر. وخلال فترة التفكير قام عماد جاد بالانضمام لحزب المصريين الاحرار، وعندما انتهى نجيب من تفكيره الطويل كان قراره بالرفض، ساويرس برر رفضه بأن مستشاريه أكدوا له أن صفقة مشاركته فى قناة التحرير لا تحمل جدوى اقتصادية. موقف ساويرس آثار دهشة السياسيين قبل الاعلاميين، ولكن بعض السياسيين رأوا أن موقف ساويرس كان متوقعاً لانه قد لا يشعر بالارتياح على المستوى السياسى من المشاركة مع أحد قيادات حزبه فى قناة فضائية.

6

الملوانى يعود بالمؤتمر

رجل الاعمال ورئيس شركة هيرمس ياسر الملوانى يخطط إلى العودة للساحة الاقتصادية والمالية من خلال المؤتمرات. وآخر محاولاته خلال عام 2014 للعودة إلى القرب من الحكومة هو عرضه على وزير الاستثمار أشرف سالمان تولى مهمة توفير تكاليف إقامة مؤتمر شرم الشيخ. ياسر الملوانى أخبر الوزير أن شركة هيرمس ستتبرع بمليون جنيه، ولكنها أيضا ستتولى جمع ستة ملايين جنيه من شركات مصرية أخرى فى صورة إعلانات أو بالأحرى رعاية للشركات للمؤتمر، وزير الاستثمار كان ميالاً لاقتراح الملوانى، ولكن دخول مستشارة الرئيس فايزة أبوالنجا قد يوقف هذا المشروع لأن فايزة أبوالنجا تفضل فى هذه الحالات أن تتولى الدولة بنفسها الانفاق على مثل المؤتمرات. مشكلة رعاية الشركات للمؤتمر أنها فى بعض الاحيان تفرض على المؤتمر متحدثين من اصحاب الشركات الراعية. وهو نمط شهير فى مؤتمرات الحزب الوطنى ووزارات حكومات نظام مبارك. المثير أن هذا النمط تحديدا كان وراء عدم حضور الرئيس السيسى جانباً من اعمال المؤتمر الاقتصادى لأخبار اليوم. فقد تواجد عدد من رجال الاعمال الفلول والمحسوبين على نظام مبارك فى جلسات المؤتمر المختلفة، ولذلك لم يتحمس السيسى إلى حضور جانب من المؤتمر مثلما كان متوقعا.

7

عملية إنقاذ هبة رؤوف

الدكتورة هبة رؤوف استاذة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ومن التيار الإسلامى ولكنها لا تنتمى لجماعة الإخوان وكانت على يسار النظام خلال العام الأسود لحكم مرسى وإخوانه، ولم يعرض عليها الإخوان المشاركة فى أى مناصب لأن مواقفها منهم كانت معلنة. الدكتورة هبة ومجموعة من النشطاء الشباب تعرضوا للاحتجاز فى أحد أقسام الشرطة لسبب غريب جدا فقد كانت هبة والنشطاء يشاركون بمظاهرة رمزية فى احد الاحداث العالمية التى يقوم بها النشطاء فى كل دول العالم، والمشاركة من خلال ارتداء تى شيرت يعبر عن الحدث. وهذا الـ«تى شيرت» به دوائر متداخلة تعبيرا عن التضامن، ولكن إحدى هذه الدوائر لونها اصفر مثل شارة رابعة الإخوانية. ولذلك تم القبض عليهم بتهمة الانتماء لجماعة محظورة وهى جماعة الإخوان الإرهابية، وكادت القصة أن تتطور إلى قضية فى المحاكم، ونشرت الصحف خبر الافراج عن الدكتورة هبة رؤوف والنشطاء فى الساعات الأولى للصباح. ولكن ما تنشره الصحف هو المفاوضات السرية والاتصالات للافراج عن هبة وزميلاتها وتوضيح حقيقة الـ«تى شيرت» الاصفر، أو بالاحرى توضيح الامر لوزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم. فبعد انتشار خبر القبض على هبة والنشطاء سارع بعض زملائها وزميلاتها من أساتذة الكلية باجراء اتصالات رفيعة المستوى. وقد شملت الاتصالات ثلاثة وزراء فى حكومة المهندس ابراهيم محلب بينهم وزير التجارة والصناعة منير فخرى عبد النور وهو من ابناء الكلية. وكذلك وزير الخارجية سامح شكرى وكان السبب طلب وساطة وزير الخارجية هو التأكيد على أن هذه الفاعلية عالمية وأن العلامة المطبوعة على الـ«تى شيرت» لا علاقة لها برابعة أو الإخوان. وقد اسفرت هذه الاتصالات عن نهاية سعيدة بالافراج عن هبة والنشطاء والناشطات قبل مرور 24 ساعة من القبض عليهم والأهم قبل إحالتهم للنيابة العامة.

8

حلم سوزان مبارك

على الرغم من فرحة مبارك وعائلته بحكم البراءة فى بعض القضايا وعلى رأسها حكم البراءة فى قتل المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير، على الرغم من الفرحة إلا أن هذه الفرحة كان عمرها قصيراً جدا خاصة لدى سوزان مبارك. فهى كزوجة فرحت بالطبع ببراءة زوجها من عدة قضايا، ولكنها كـأم تخشى على مصير أبنائها علاء وجمال وتخشى من الحكم عليهما بالسجن لسنوات طويلة فى قضايا اخرى. خاصة أن الأبناء هم سند الأم. سوزان قالت لإحدى الصديقات التى زارتها بعد حكم البراءة إن زوجها انتهى فى إشارة لمرض مبارك الذى كثيرا ما يقعده عن الحركة، وانها هى وزوجها فى سن الاحتياج إلى الابناء وسندهم، وانها تخشى من استمرار سجن جمال وعلاء فى قضايا أخرى لسنوات طويلة.

ولكن انتهاء فرحة الاسرة وخاصة مبارك سريعا وراءه أسباب أخرى. وهى توقف الافراح فى بعض برامج الفضائيات، وكذلك ألغت قناتا صدى البلد والتحرير استضافة محاميى مبارك فريد الديب ومحمد حمودة فى برامج بالقناتين لشرح اسباب براءة مبارك والدفاع عنه. والاهم هو الغاء عدة زيارات لشخصيات عربية لمبارك وزوجته واستمرار الزيارات غير المعلنة أو السرية فقط حتى لا تزداد حالة السخط والغضب بين الشعب المصرى. المثير أن إحدى القنوات الفضائية كانت تنوى إنتاج فيلم خاص عن مبارك بمناسبة البراءة وهو المشروع الذى توقف بالسكتة القلبية. ولم يتوقف إنتاج الفيلم بتعليمات أو أوامر، ولكن القناة تراجعت عن الفكرة بعد تصريحات الرئيس السيسى فى لقائه بشباب الإعلاميين عن سنوات حكم مبارك، السيسى قال إن ثورة 25 يناير كان يجب إن تقوم من 15 أو 20 عاماً وقال إن مبارك ترك ثعباناً فى كل شق. وفى ذلك اللقاء اعلن السيسى عن نيته فى إصدار تشريع يجرم الإساءة لثورتى 25 يناير و30 يونيو فتراجعت القناة الفضائية من تلقاء نفسها عن انتاج فيلم براءة الرئيس.

9

مفاجأة السى آى إيه

على الرغم من موقف امريكا المتردد والمتأرجح من مصر بعد ثورة 30 يونيو، الا أن بعض المؤسسات الأمريكية ومن بينها المخابرات الأمريكية كانت لها رأى مختلف فيما يتصل بالتعامل الامريكى مع ملف حقوق الانسان والحريات فى مصر. فقد قدم بعض العاملين بالمخابرات الامريكية نصيحة لمعهد كارتر بعدم اتخاذ موقف حاسم من التعامل مع الملف المصرى، ونصحت قيادات بالمعهد بعدم التسرع فى قرار مقاطعة النشاط داخل مصر، وانتظار تحسن الاوضاع والتفاهم مع الحكومة. المثير أن بعض القيادات من المخابرات الامريكية قد كررت نفس النصيحة للمعهد الديمقراطى خلال تولى المجلس العسكرى الحكم فى الفترة الانتقالية الاولى. فقد كانت النصيحة بعدم قطع العلاقات نهائيا بين الحكومة المصرية والمعهد وعدم التوقف عن ممارسة بعض الانشطة فى مصر، والاكتفاء بتخفيض حجم الانشطة التى يمارسها المعهد الديمقراطى داخل مصر. وكانت الخناقة بين الحكومة المصرية أو بالاحرى وزيرة التعاون الدولى السابقة فايزة أبوالنجا وبين المعهد تدور حول قيادة المركب. ففايزة كانت مصرة على حق الحكومة المصرية فى اختيار الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدنى التى يتعامل معها المعهد، وبالمثل أصرت فايزة ابوالنجا على حق الحكومة فى اختيار المشروعات التى ستمول من المعهد. وقد أدى هذا الخلاف إلى خروج المعهد فى ذلك الوقت من مصر وتطور الامر إلى القضية المعروفة إعلامياً بقضية (التمويل الاجنبى).