حركة النهضة التونسية تقدم مرشحها لتولي رئاسة الحكومة

عربي ودولي


تونس (رويترز) - قالت حركة النهضة الاسلامية في تونس يوم الاربعاء انها ستقدم أحد مسؤوليها لتولي منصب رئيس الوزراء بعد أن حققت فوزا كبيرا في أول انتخابات بعد انتفاضات الربيع العربي .

وسعت الحركة الى طمأنة العلمانيين والمستثمرين الذين يشعرون بالقلق بشأن تولي اسلاميين السلطة في واحدة من أكثر البلدان العربية ليبرالية وقالت انها لن تفرض قيودا على ملابس السائحات الاجنبيات على الشواطئ ولن تفرض قواعد مصرفية اسلامية.

ولا يزال المسؤولون يجدولون نتائج انتخابات الاحد وهي اول انتخابات ديمقراطية في تاريخ تونس لكن حركة النهضة الاسلامية في طريقها للفوز بفارق كبير.

ولن تصل حركة النهضة الى حد تحقيق أغلبية مطلقة في الجمعية التأسيسية الجديدة لكن من المتوقع ان تشكل ائتلافا مع حزبين علمانيين حصلا بعدها على أعلى الاصوات. وسيحصل الاسلاميون على النصيب الاكبر في المواقع المهمة.

وستكون للانتخابات أصداء في دول أخرى خاصة مصر وليبيا اللتين تخوضان عملية انتقال من القمع الى الديمقراطية. وجرت الانتخابات التونسية بعد عشرة اشهر من اشعال بائع خضر تونسي النار في نفسه يأسا من الاوضاع مما أدى الى انطلاق شرارة فجرت موجة الثورات التي اجتاحت العالم العربي.

ولم يصل الاسلاميون الى السلطة في المنطقة منذ فازت حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس) بالانتخابات عام 2006 .

وقال حمادي الجبالي الامين العام لحركة النهضة والسجين السياسي السابق في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ان الحركة ستطرح اسمه لتولي رئاسة الحكومة المؤقتة.

ونقلت وكالة تونس افريقيا للانباء عن الجبالي قوله ان ترشيحه أمر بديهي باعتبار ان الامين العام للحزب الفائز بالاغلبية في كل الديمقراطيات في العالم يتولى رئاسة الحكومة.

وامضى الجبالي أكثر من عشر سنوات في السجن مع الاف من أنصار حركة النهضة التي اعتقلتهم السلطات السابقة.

واضاف ان الحركة قد تعرض منصب الرئاسة وهو منصب شرفي الى حد كبير على باجي قائد السبسي وهو علماني يتولى الان منصب رئيس الوزراء. وقد يطمئن ذلك خصوم النهضة القلقين من أنها ستكون مهيمنة بشدة على الساحة.

واتساقا مع موقفها المعتدل وسعيا لطمأنة المستثمرين الذين تحتاج اليهم لانعاش الاقتصاد قالت حركة النهضة انها لن تسعى لفرض قيود اسلامية بشأن الازياء أو الخمور أو الفوائد المصرفية.

ونقلت الوكالة عن الجبالي قوله ان القطاع السياحي يعد من المكتسبات التي لا مجال للمساس بها... هل من المعقول أن نصيب قطاعا حيويا مثل السياحة بالشلل بمنع الخمور وارتداء لباس البحر وغيرها من الممارسات..

وأضاف هي حريات شخصية مكفولة للاجانب وللتونسيين أنفسهم.

وقالت حركة النهضة مستشهدة بأرقام خاصة بها انها حصلت على 40 في المئة من المقاعد في الجمعية التأسيسية التي ستضع مسودة دستور جديد وتعين حكومة مؤقتة وتحدد موعدا للانتخابات الجديدة التي تجري أواخر العام القادم أو أوائل 2013.

واقر منافسو الاسلاميين من الاحزاب العلمانية الرئيسية بالفعل بالهزيمة.

ولم تظهر سوى قدر بسيط من النتائج الرسمية حتى الان -- على خلاف الانتخابات في ظل حكم بن علي عندما كانت النتائج تعلن مباشرة لانها كانت حينها مقررة سلفا.

واظهرت النتائج من المناطق التي استكملت الفرز حصول النهضة على 53 مقعدا من مقاعد الجمعية التي يبلغ عددها 217 مقعدا. بينما حصل اقرب منافسيها وهو المؤتمر من اجل الجمهورية العلماني على 18 مقعدا. ولم تعلن بعد نتائج العاصمة.

وأصبحت تونس مهدا للربيع العربي حين أشعل محمد البوعزيزي النيران في نفسه احتجاجا على الفقر والقمع الحكومي. وأدت وفاته الى اندلاع احتجاجات أجبرت الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي على الفرار في يناير كانون الثاني.

ومرت انتخابات الاحد بسلام على عكس توقعات بأن تؤدي الى أعمال عنف واشتباكات بين الشرطة واسلاميين متشددين. وأشاد مراقبون غربيون بالانتخابات.

وارتفع مؤشر بورصة تونس بشدة يوم الاربعاء بعد اجتماع راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة مع مسؤولين تنفيذيين بالبورصة وابلاغهم بأنه يؤيد ادراج مزيد من الشركات بالبورصة.

ويقول بعض المحللين ان الغنوشي يبقي نفسه خارج الحكومة للتركيز على الفوز بالانتخابات الرئاسية المتوقع اجراؤها أوائل 2013 .

ويمثل فوز حركة النهضة نقطة تحول لجماعة كانت محظورة في السابق وأمضى مئات من أعضائها فترات طويلة في سجون بن علي.

واضطر الغنوشي الى الحياة في المنفى في بريطانيا لمدة 22 عاما بسبب مضايقات الشرطة. وهو عالم دين لين الخطاب ويرتدي البذلة وقميصا بلا ربطة عنق بينما ترتدي زوجته وبناته الحجاب.

ويسعى الغنوشي جاهدا الى تأكيد أن حزبه لن يلزم المجتمع التونسي بقواعد أخلاقية معينة. ويشبه نهجه بنهج رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الاسلامي المعتدل.

ومن خلال حملة ممولة جيدا استغلت الحركة رغبة المواطنين التونسيين في التمكن من التعبير عن عقيدتهم بحرية بعد سنوات من العلمانية المفروضة بالقوة.

كما سعى الحزب الى اظهار قدرته على تمثيل كل التونسيين ومن بينهم أعداد كبيرة تنتهج افكارا متساهلة مع الاحكام الاسلامية واحتساء الكحوليات وارتداء الملابس غير المحتشمة ونادرا ما يدخلون المساجد.