بالمستندات.. "الأوقاف" تهدد بتشريد 5 آلاف أسرة بحوض المثلث في الإسكندرية.. والأهالي يقاومون بـ"تبوير" الأراضي


دينا حسن





أعلنت هيئة الأوقاف المصرية عن استعادتها لنحو 1667 فدان في منطقة حوض المثلث بريف المنتزه بالإسكندرية، لتحويلها إلى مشاريع استثمار عقاري، نظراً لوقوعها على طرفي المعمورة والمنتزه، مما تمثل موقعاً مميزاً للامتداد السكاني.



ورثنا هذه الأراضي عن أهالينا في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والتزمنا بسداد تمليك الأراضي إلى هيئة الإصلاح الزراعي على مدار أربعين عامًا ، هكذا بدأ عدد من أهالي المنطقة المتضررين من القرار حديثهم .



ويتضرر من هذا القرار نحو خمسة آلاف أسرة بالمنطقة، مهددين بالتشرد، هذا إلى جانب فقدان نحو 1667 فدان مساحات خضراء؛ نظرًا لتوسع العمراني الذي تسعى إليه هيئة الأوقاف والحد من الأزمة السكانية بالمحافظة.



وأكد عدد من فلاحي المنتزه أنهم انتقلوا من سداد قيمة الأراضي من هيئة الإصلاح الزراعي إلى هيئة الأوقاف المصرية، نتيجة تقاعس الاصلاح الزراعي عن مباشرة اختصاصها، بالرغم أن قانون 3لسنة 1986 يؤكد ثبوت الأرض لهيئة الاصلاح الزراعي، وأن الأراضي مسجلة بالشهر العقاري بالإسكندرية برقم 4464 مأمورية الشهر العقاري، وهو بخصوص وقف الخديوي إسماعيل عن مساحة 3160 فدانًا.



وحصلت الفجر على صور من السندات التي كان يدفعها الفلاحون تحت مسمى تمليك ، إلا أنه بعد نقل الأراضي وفق قانون الرد إلى هيئة الأوقاف المصرية إلى تحت مسمى الإيجار ، وبعد انتهاء الفلاحون من سداد قيمة الأرض، امتنعت الدولة عن تسليمهم عقود تمليك الأراضي، وبالتالي لم يتم تقنين أوضاعهم.



ويروي الحاج يوسف حسن- من أهالي عزب الهلالية بريف المنتزه، أسباب أزمة النزاع بين هيئة الأوقاف والمزارعين حول أحقية تملك هذه الأراضي، قائلًا: تلك الأراضي تعود إلى عهد الخديوي عباس حلمي الثاني الذي كان يمتلكها، ونظراً لمقاومته الاحتلال الإنجليزي ووقوفه في صفوف القوى الوطنية، تم إبعاده عن الدولة المصرية، وقامت بريطانيا بالاستيلاء على أموال الأتراك ونقلها إلى نظارة الأوقاف المصرية بموجب عقد 35 /800 محرر باللغة الفرنسية.



وفي عام 1920 قامت وزارة الأوقاف بإدارة الأراضي بإعتبارها وقْف ، وعندما قامت ثورة 23 يوليو 1952 قامت الدولة بشراء الأراضي من الأوقاف، ونقلها إلى هيئة الاصلاح الزراعي، التي قامت بتوزيعها على صغار الفلاحين بموجب سندات، على أن يتم سدادها على مدار أربعين عاماً ، يقوم الفلاح بدفع ثمن قيمة السند بالمنتج الذي تطرحه الأرض، وفق النظام الاشتراكي الذي قامت عليه الدولة آنذاك.



ويعاني فلاحو المنتزه بإستمرار تهديدهم من قبل هيئة الأوقاف المصرية بسحب الأراضي من حوزتهم، لإقامة مشاريع استثمار عقاري إلى الجهات السيادية بالدولة، من خلال عقود استبدال بدأت منذ عام 2008، والتي بدأت بالفعل وفق رواية فلاحي المنطقة بوضع يدها على الأراضي بريف المنتزه وبيعها بالتقسيط إلى جمعيات تابعة لجهات أمنية، بالإضافة إلى قيام جهات مسئولة بمطالبة الفلاحين بترك الأراضي، لأنها ملك هيئة الأوقاف المصرية.



ويضيف الفلاحون أن محافظة الإسكندرية لم تقم بالتدخل لحل تلك الأزمة، لأن هيئة الأوقاف المصرية وقعت بروتكول في سنة 2008 مع المحافظة ينص على منح الهيئة للمحافظة ملكية 100 فدان زراعية من أصل 300فدان زراعية مقابل قيام المحافظة بإخلاء الأرض وتوصيل المرافق إليها للقيام بمشاريع استثمارية على الأراضي الزراعية.



ويتابع الحاج يوسف حديثه قائلاً: في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات أصْدِر قانون الرد عام رقم 72 لسنة1973 والذي ينص على أن أي أرض تابعة للاصلاح الزراعي لم تصرف بها ترجع إلى هيئة الأوقاف المصرية، وأن مجلس التشريع أقر أن كلمة التصرف ترجع إلى هيئة الاصلاح الزراعي وليست الأوقاف.



وأشار إلى أن هيئة الإصلاح الزراعي ردت: إن الأطيان التي تم استلامها من هيئة الأوقاف المصرية عام 1958 ثم ردت إليها عام 1973 تداخلت فيها مساحات تم توزيعها بالتمليك على منتفعي الإصلاح الزراعي وصدر بشأنها قرار من مجلس إدارة الهيئة بإعتماد توزيعها ومنها 1162 فدان أشهرت للإصلاح الزراعي، مضافاً إليه 388 فدان موضوع البحث والمسماه بأرض المثلث .



وأنه وفقاً للقانون ردت جميع الأراضي المملكة والغير مملكة إلى هيئة الأوقاف المصرية، على الرغم أن فتوى وزارة الزراعة قد افادت: أنه لايجوز رد الأراضي التي تصرفت فيها الهيئة العامة للاصلاح الزراعي إلى هيئة الأوقاف المصرية طالما كان التصرف بتوزيعها بالتمليك، أو تخصيصها لبناء مركز التدريب عليها وأن أحقية هيئة الأوقاف تتصرف إلى اقتضاء ثمن هذه الأراضي نقداً او تقدر قيمتها وفقاً لقانون الإصلاح الزراعي والعبرة بقيمتها وقت استلامها في عام 1958 .



يذكر أنه صدرت قرارات لإخلاء الأرض من الأهالي، ولكن في عهد محافظ الإسكندرية الأسبق الدكتور أسامة الفولي تم وقف القرارات بعد اجتماعه معهم عام 2012، لحين مراجعة الوضع النهائي لملكية الأراضي، وقامت هيئة الأوقاف بالطعن على قرار الإخلاء أمام محكمة القضاء الإداري، إلا أن المحكمة أيدت القرار.



فيما يؤكد الفلاحون على أنه بالرغم من أن هناك قضية مُقامة برقم 506 لسنة 2009، وأخرى مدني لسنة 2013 بمجلس الدولة وبها شق مستعجل وآخر موضوعي، إلا أن هيئة الأوقاف تشن حملات أمنية على بعض الأراضي، مما اضطر عدد من الأهالي إلى البناء المخالف على الأراضي أو الرضوخ للهيئة، والتنازل عن الأراضي.



وكشف فلاحو المنتزه أنه تم إغلاق محطات الري، وفتح مياه المجاري؛ لري المحاصيل الزراعية، مما تسبب في موت بعضها، وأنهم استنجدوا بقوات الجيش؛ لفتح مياه الري .



وأضافوا، أن حوض المثلث ليس به أية خدمات أو مرافق من إنارة وصرف صحي ورصف؛ للضغط عليهم وتهجيرهم- على حد قولهم.



من جانبه، أكد محامي المزارعين محمود حمدي الكبير على أحقية تملُّك المزارعين لأراضي المثلث، بناءً على قسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة بجلسة رقم 3-2-1982 برقم 90-2-276 والمنتهية إلى أنه لا يجوز رد الأراضي التي تصرفت فيها الهيئة العامة للإصلاح الزراعي إلى هيئة الأوقاف المصرية، سواء كان التصرف بتوزيعها بالتمليك أو تخصيصها لبناء مركز التدريب عليه، وأن أحقية هيئة الأوقاف تنصرف إلى اقتضاء ثمن هذه الأراضي نقداً وتقدر قيمتها وفقاً لقانون الإصلاح الزراعي، والعبرة بقيمتها وقت استلامها في عام 1958 .



كما أنه قد صدر تقرير من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي الصادر من الإدارة المركزية للملكية والحيازة في 20-6-2013 والذي أقر بضرورة استصدار التوجيهات اللازمة والتي من شأنها رج تلك المساحات للاصلاح الزراعي والبالغة 1162 اشهرت للاصلاح مضافاً إليها مساحة 388 فدان لسابقة توزيعها بالتمليك قبل العمل بقانون 42لسنة 1973 وتنفيذاً لإحكامه وعلى ضوء ما صدر بشأنها من قرارت من مجلس إدارة الهيئة.



فيما قامت الأجهزة الأمنية بالمحافظة بحملة تنفيذ عدد من القرارات الإدارية الصادرة من هيئة الأوقاف المصرية وحي المنتزة شارك فيها ضباط إدارات وأقسام المديرية وقوات الأمن المركزي بالتنسيق مع اللجنة المشكلة من هيئة الأوقاف ومسئولي حي المنتزة، وذلك لإزالة عدد من المنازل المقامة على أراضي الأهالي.



أسفرت عن تنفيذ 6 قرارات ادارية صادرة من هيئة الاوقاف المصرية، وتنفيذ قرار صادر من حي المنتزة، تم التنفيذ دون حدوث ما يخل بالأمن العام.



فيما رفضت هيئة الأوقاف بالإسكندرية الإدلاء بأية تفاصيل حول النزاع القائم مع الأهالي، مرجعة ذلك إلى أن قانون العاملين المدنيين بالدولة ينص بعدم جواز إدلاء الموظف بتصريحات صحفية أو بيانات عن مهام عمله.