أحمد فايق يكتب : إحنا آسفين ياحلمى

مقالات الرأي



ورم صانع البهجة يكشف سرطان الصحافة



لماذا تزحف ايادينا فجأة إلى الكيبورد لتكتب «ستاتيوس» على الفيس بوك أو تويتر حينما نشعر بأننا قد نفقد شخصا عزيزا علينا؟

هل نفعل هذا من أجل جمع أكبر كمية من اللايكات والمعجبين.. أم نكتشف فجأة أن بيننا من يستحق التكريم والحب والبكاء؟

لماذا لا نتوقف عن إهانة عادل إمام كلما أتيحت لنا الفرصة.. وحينما نسمع خبرا عن مرضه نسارع بالبكاء عليه؟

نحن الآن نصلى لـ«سعاد حسنى» ولا نقبل عليها حرفا واحدا، رغم أنها تلقت إهانات وبهدلة لم يتلقها أحد فى أيامها الأخيرة ..

هل تتذكر كيف كنا نتعامل مع علاء ولى الدين قبل أن يريحه الله منا؟

هل الصحافة مهنة بلا قلب؟

إجابة هذا السؤال «نعم الصحافة مهنة بلا قلب»، ولا يستطيع أحد أن يدعى عكس ذلك، لكن هناك فارقًا كبيرًا بين مهنة بلا قلب، ومهنة بلا مهنة؟!

أتذكر حينما كنت أقف على خشبة المسرح فى ختام مهرجان تطوان لسينما البحر الابيض المتوسط، وكان بجوارى احمد حلمي، وفى وسط مالايقل عن 1000 من الجمهور والسينمائيين المغاربة يصفقون له بلا توقف، قلت لـ«حلمي» أمام الجميع «طوبى لمن يصنع البهجة للشعوب العربية التى تعانى من القهر، لا أحد يتذكر الآن من كان رئيس وزراء مصر منذ 10 سنوات، لكن مصر كلها تعرف أن برنامج «لعب عيال» الذى بدأ به حلمى أدخل السعادة فى قلوبنا والبهجة فى حياتنا، نتذكر أنه أضحكنا وأبكانا فى أفلامه بداية من «عبود على الحدود» و«ميدو مشاكل» وحتى «آسف على الازعاج وعسل أسود»، نحن نشكرك الآن لأنك منحتنا البهجة ولن أنتظر عشرات السنوات حتى تموت ونبكيك، نظر إلى احمد حلمى وقتها والدموع رأيتها فى عينيه قائلا «شكرا».

أعرف هذا الإحساس جيدا عند الفنان، فقد وجد أحدا يقدر المجهود الذى يبذله ويحترم مافعله، وللعلم كاتب هذا المقال لم يقابل أحمد حلمى مباشرة سوى هذه المرة، وربما لن أقابله مرة أخرى ولا أريد ذلك، فقد قابلته عشرات المرات على صفحات الفجر وصوت الأمة، كتبت عن كل أفلامه نقدا وليس انتقادا أو مدحا، كتبت ماله وما عليه، وقعت فى غرامه كممثل فى بعض الأفلام وكرهته فى أفلام أخرى، لكن لم اتجاوز يوما فى حياته الشخصية.

لقد كشف ورم أحمد حلمى ومرض منى زكى سرطان مهنة الصحافة التى أصبحت لا تدقق فى المعلومة، وتبحث عن الإثارة الرخيصة، الحكاية بدأت حينما سرب أحدهم خبرا على الفيس بوك يؤكد أن حلمى ومنى زكى قررا إنجاب ابنهما الثانى سليم فى الولايات المتحدة الأمريكية، هنا قررت كل وسائل الإعلام فتح حرب تخوين ضد حلمى ومنى، وطرحوا أسئلة من نوعية.. حلمى المناضل الوطنى قرر أن ينجب ابنه فى امريكا بحثا عن الجنسية؟

وهاجمه كذابو الزفة وهو مصطلح مقصود به هؤلاء الذين يصفقون بإخلاص ويرقصون فى الفرح، وينتقدون ويسبون العريس والعروسة فى السر، بعضهم قام بتسييس الأمر، وأصبح حلمى فريسة سهلة لكل من هب ودب، وإنتهكت الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعى عرضه، وشهرت به وبزوجته، لكن لم يكلف أحد نفسه بأن يتصل بمصدر المعلومة، رغم أننى أعلم جيدا أن منى زكى على الأقل متاحة للجميع، وترد على التليفون، ولم تبخل على أحد بمعلومة.

الحقيقة ياسادة أن منى أصيبت بمرض نادر وهو يؤثر على المناعة، وأنها كان يجب أن تسافر إلى دولة أخرى كى تلد طفلها، حتى يكتب الله له الحياة وتحت إشراف طبى دقيق، وحينما كانا هناك فى امريكا اكتشفا وجود ورم فى كتفه وتم استئصاله.

هل تعرف أن كذابى الزفة الآن تحولوا من الهجوم على صانع البهجة إلى المتاجرة بمرضه الذى شفاه الله منه، هم أنفسهم من ينشرون صوره على مواقع التواصل الاجتماعى والصحف ويذكرون كلمة سرطان أكثر من اسمه، اللعنة على السرطان الذى أصاب مهنتنا.