مسئول تركى: حكومة أردوغان تسعى لوضع الشرق الأوسط تحت سيطرة عثمانية

عربي ودولي


أكد أحمد تورك، رئيس بلدية ماردين بجنوب شرقى تركيا، أن الحكومة الحالية بالبلاد تسعى لأن تضع الشرق الأوسط كله، وليس مصر فقط، تحت السيطرة العثمانية بل تحاول إحياء الإمبراطورية العثمانية، التى ماتت منذ وقت طويل ولن تعود للحياة أبدا. وقال السياسى الكردى المخضرم - فى حوار مع مراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط فى تركيا - بمبنى بلدية ماردين، إنه عندما تعمل الحكومة التركية على بناء علاقات جيدة مع الدول الأخرى تنجح دائما فى بادئ الأمر، ولكن لاحقا لا تستطيع أن تبقى على جودة تلك العلاقات التى سرعان ما تتحول إلى علاقات سيئة، فعلى سبيل المثال كانت العلاقات مع الرئيس السورى بشار الأسد على ما يرام، ولكنها ساءت بسبب أن الحكومة لا تفكر إلا فى مصالحها ومنافعها هى فقط. وأضاف تورك أن رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان يرتكب أخطاء، فلديه مشكلة أيضا مع ليبيا، ولقد أصبحت الحكومة التركية تعانى عزلة كبيرة فى المنطقة، بل إن نفوذ هذه الحكومة يتآكل فى المنطقة يوما بعد يوم، فأردوغان لا يهتم بالوحدة الإسلامية أو الإخاء أو الديمقراطية، وهو لا يسعى إلا لمصالحه هو فقط، فخططه دائما مظلمة وهذه هى طريقة العثمانيين، ولكن على كل حال ماتت هذه السياسة. وأشار تورك إلى أن تنظيم ما يسمى بـ الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش) يمثل مشكلة غاية فى الخطورة، ليس فقط على الأكراد، بل على منطقة الشرق الأوسط بأكملها، حيث يسعى هذا التنظيم إلى السيطرة على المنطقة، وأضاف أن داعش يستهدف خلق نظام جديد والسيطرة على الشرق الأوسط من خلال هذا النظام، وعلى ذلك فإن الحرب ضد داعش ليست فقط حرب الشعب الكردى ولكنها حرب المنطقة، فالشعب الكردى وقوات البشمرجة التابعة لإقليم كردستان العراق يقاتلون ضد داعش ليس دفاعا عن أنفسهم فقط، بل دفاعا عن المنطقة كلها ومع ذلك نخوض هذه الحرب وحدنا تماما . وتابع إن الشعب الكردى متحد بأكمله فى الصراع ضد داعش، فليست البشمرجة فقط هى التى تقاتل داعش، والكثير من الأكراد لا يستطيعون أن يكونوا فى قوة البشمرجة ولكنهم يساعدونهم بكل شىء يمكن تقديمه إليهم، ونحن لا ندافع فقط عن مستقبل الأكراد بل ندافع أيضا عن مستقبل منطقة الشرق الأوسط . يشار إلى أن أحمد تورك، الذى يبلغ من العمر 72 عاما، ولد فى منطقة ديريك بمحافظة ماردين بجنوب شرقى تركيا، هو أحد كبار الساسة القوميين الأكراد، وقد كان الرئيس السابق للحزب الاشتراكى الديمقراطى وعضوا بالبرلمان التركى، وفى الحادى عشر من ديسمبر 2009، أصدرت المحكمة الدستورية التركية قرارا بحظر حزبه، متهمة إياه بالتواصل مع منظمة حزب العمال الكردستانى المحظورة، وبعدها تم طرده من البرلمان ومنعه مع 36 من رفاقه بالحزب من الانضمام إلى أى حزب سياسى لمدة خمس سنوات. وفيما بعد، رشح تورك نفسه كمرشح مستقل لرئاسة بلدية ماردين خلال الانتخابات المحلية الأخيرة فى مارس الماضى وتمكن من الفوز بنسبة 52% من مجموع الأصوات، ليفوز على منافسه عن حزب العدالة والتنمية الحاكم محمد وجدى كهرمان، الذى حصل على 37.36%، وبذلك أصبح تورك عمدة المدينة التاريخية ذات الأغلبية الكردية ليخلف بشير آينان أوغلو من حزب العدالة والتنمية. وأوضح تورك أن ما حدث فى منطقة الشرق الأوسط هو أن الحكام الديكتاتوريين قد استبدلوا بإرهابيين إسلاميين، فلا يوجد نظام ديمقراطى فى منطقة الشرق الأوسط حتى الآن، ولكن على المنطقة أن تسعى فى بناء الديمقراطية. وتابع علاوة على ذلك، تنفى دول منطقة الشرق الأوسط حق وجود الشعب الكردى، فسوريا وتركيا والعراق وجميع الدول الأخرى ينكرون وجودنا، على الرغم من تاريخنا القديم، وعلى كل حال لن يستطيع أحد إنكارنا لأن عددنا بالملايين فى منطقة الشرق الأوسط، فجميع دول العالم وجميع الشعوب العربية تعرف جيدا أننا لم نكافح لأسباب غير عادلة، فنحن نحمى أراضينا ووجودنا وشرفنا . وواصل إن كوبانى لن تسقط لأننا نخوض حربا كبيرة ضد داعش، فمن المستحيل أن تسقط المدينة، فعلى مدار تاريخنا مررنا بهذا النضال كثيرا، وتم تدمير وحرق مدن دياربكر وماردين وليجة وبعض المدن الأخرى، ولكن لاحقا تم بناء هذه المدن مرة أخرى، وكوبانى ستكون مثل تلك المدن، ونحن فى الوقت الحالى نحارب داعش، ومهما حدث سيستمر الأكراد فى المقاومة . وأوضح أنه إذا لم يظهر أى طرف التعاطف والرحمة مع كوبانى، وإذا ما سقطت المدينة، فالضرر لن يلحق بالأكراد فقط، بل بجميع شعوب المنطقة، لأن هذا التنظيم (داعش) هو جماعة إرهابية، وفى حال سقطت كوبانى، سيزحف هذا التنظيم إلى هنا ويحارب الأتراك، ولهذا فإن تنظيم داعش يمثل مشكلة للجميع وليس فقط للأكراد. وأكد تورك أنه على الجميع – أتراك ومصريون ولبنانيون ومن كل الدول العربية الأخرى – أن يعلموا أنه سيلحق بهم الضرر أيضا جراء هذا التنظيم الذى يسعى لهدم الشرق الأوسط وبناءه مرة أخرى على معطيات جديدة، فالدول الاستعمارية هى التى أوجدت داعش، أولا للقضاء على الشعب الكردى، ولاحقا على منطقة الشرق الأوسط بأكملها. واستطرد كفاحنا ضد تنظيم داعش تشكل فى إطار من الوحدة والشرف، ويوما بعد يوم سيتم تنظيف كوبانى من جميع مسلحى داعش، واليوم نحن نعانى كأكراد من هذه المشكلة، ولكن غدا سيكون لديكم هذه المشكلة أيضا . وأوضح تورك أنه فى سوريا، يتقاتل بشار الأسد مع الجيش السورى الحر ولكن عندما يتعلق الأمر بالحرب بين الأكراد وداعش، فلا الأسد ولا الجيش السورى الحر يفعل أى شىء، فضلا عن أن الحكومة التركية تزعم فى الظاهر أنها تساعد الأكراد، ولكن وراء الكواليس تساعد داعش، وعلى هذا فالأكراد يخوضون وحدهم هذه الحرب. ولفت تورك إلى أن على الأكراد أن يحصلوا على ديمقراطيتهم بأنفسهم ولا يجب أن ينتظروا أحدا ليمنحها لهم، ففى كل مدينة كردية أكثر من 90% من إجمالى عدد السكان من الأكراد، وفى هذه المنطقة فإن عددنا يتجاوز 20 مليون نسمة وعلى الرغم من ذلك لا نستطيع التحدث بلغتنا بشكل مستقل. وشدد تورك على أن الأكراد لا يريدون الاستقلال عن تركيا، مضيفا كل ما نريده هو حكما ذاتيا ديمقراطيا فى إطار من الاحترام المتبادل والتعايش المشترك بين الأتراك والأكراد والعرب والأرمن ، وقال نحن نرغب فى أن نحصل على حكم ذاتى ندير فيه اقتصادنا ومنظومتنا التعليمية والعدالة الاجتماعية ونظامنا القضائى وبالطبع تحت إشراف الحكومة التركية المركزية، فالأكراد لا يهدفون على الإطلاق فى الانفصال عن تركيا، بل يسعون للوحدة مع الشعب التركى الذى يجب عليه قبول الأمة الكردية بلغتها وثقافتها .