57 مليارًا و200 مليون دولار أموال غير مشروعة تم تهريبها من مصر خلال ثمانى سنوات فقط
الصحافة السويسرية: ثروة مبارك 40 مليار دولار وجمال 17 وعلاء 9 وسوزان 4 مليارات
تكاليف الدعاية الانتخابية لمجلس الشعب فى مصر توازى 30 ضعف الدعاية الانتخابية فى أغنى بلد فى العالم
أشارت لى مريم بإصبعها على بنك «يو بى إس» فى وسط مدينة بازل قائلة : هنا ستجد الأموال المهربة من مصر، كل السويسريين يعلمون ذلك، مريم ولدت فى ألمانيا من أب لبنانى وأم ألمانية وتعيش بسويسرا حيث تعمل مدرسة فى جامعة بازل، قال بازيل وهو شاب يدرس فى نفس الجامعة: السويسريون مستاؤون من هذا البنك الذى لا يفيد الاقتصاد فى شيء وهو الأول فى العالم فى ادارة الثروات الخاصة، وكان مهددًا بالإفلاس بسبب الأزمة المالية العالمية، ودفعت له الحكومة السويسرية 80 مليار دولار دعمًا له رغم أنه مثل بقية البنوك السويسرية لا يسدد ضرائب سوى 5% فقط من الأرباح، فى حين يسدد المواطن السويسرى 17% ضريبة على الدخل .
فمنذ أيام قدَّم رئيس مجلس ادارة البنك استقالته بعد خسارة 2 مليار و300 مليون دولار فى معاملات غير مرخص بها، وعين بدلا منه رئيس قسم الشرق الأوسط وإفريقيا السابق بنفس البنك، وهو اختيار يثير الكثير من التساؤلات حول أهمية الشرق الأوسط وإفريقيا بالنسبة لاستثمارات هذا البنك، خاصة مع تورط العديد من المسئولين فى إدارة أموال وصفقات بشكل غير مشروع. . يجيب عن هذا التساؤل صحيفة العالم السويسرية الواسعة الانتشار والتى فتحت ملف هذا البنك، مؤكدة فى تقرير لها أن مصر وحدها خرج منها 57 مليارًا و200 مليون دولار أموال غير مشروعة إلى العالم فى الفترة من 2000 وحتى 2008 ، وتتواجد هذه الأموال مابين سويسرا وأمريكا ولندن وجزر ما وراء البحار، وأكد تقرير آخر صادر من منظمة الشفافية أن الأموال غير المشروعة التى تخرج من مصر سنويا تبلغ 6 مليارات و300 مليون دولار سنويا، أى 36 ألف مليون جنيه، وهو رقم يدعو للذهول، فهو وحده قادر على حل أزمة الدعم التى نعانى منها، والأموال التى تذلنا بها الحكومة وتعتبرها عبئا على الميزانية يمكن الحصول عليها بمكافحة الفساد بشكل حقيقي، الفساد فى مصر فى عهد المخلوع كان مقننًا ويستطيع كبار الفاسدين وضع أموالهم بشكل مشروع فى بنوك سويسرا، ومعنى أن يصف التقرير بأن هذه الأموال غير مشروعة أنها ناتجة عن فساد تجاوز البحار، وربما ليست فقط أموال عقارات أو أراضى استولوا عليها من دماء المصريين، بل ربما تتجاوز إلى أموال المخدرات وصفقات السلاح وغسيل الأموال.
أى أن إجمالى الأموال المهربة من مصر فى خمس سنوات يبلغ قيمة أصول البنك الأهلى التى تبلغ 26 مليار دولار، وتساوى إيرادات قناة السويس فى عامين، وإجمالى تحويلات المصريين العاملين فى الخارج لمدة عامين تقريبا والتى تبلغ 12 مليار دولار فى العام.. أكد هذا الكلام تصريحات المستشار عاصم الجوهرى حول ثروة علاء مبارك التى تبلغ مليارى جنيه وتحويلات رجل الأعمال الهارب حسين سالم بعد الثورة والتى وصلت إلى 24 مليار جنيه، إلا أن الصحف السويسرية لها تقديرات مختلفة حصلت عليها من مصادر غير رسمية حيث تبلغ ثروة علاء مبارك حوالى تسعة مليارات دولار وجمال مبارك 17 مليار دولار وسوزان مبارك أربعة مليارات دولار، فى حين تبلغ أرصدة مبارك فى البنوك السويسرية والأمريكية والالمانية والانجليزية 40 مليار دولار. . ففى مدينة بازل الصغيرة تجد مليارات العالم ترقد بداخل بنوكها، تخص القليل من رجال الأعمال فى سويسرا وبعض العائلات الكبيرة هنا، تشعرهم بالدفء وتجعلهم مثل سمك القرش، يأكلون كل شىء يتحرك أمامهم، تجتذبهم رائحة الدماء إلى مزيد من القتل ، لا يأبهون لآخرين فى الجهة الأخرى من البحر المتوسط لا يجدون قوت يومهم، وتذلهم حكوماتهم لأن الله لم يخلقهم حرامية وفاسدين، لا يلتفتون أيضا للمواطنين السويسريين الذين يعانون من فرق طبقى هائل، بين من يتناول فطوره يوميا فى مدينة جديدة بالعالم بطائرته الخاصة، وبين من يتناوله وهو فى طريقه إلى العمل مسرعا حتى لا يتأخر ويتأثر راتبه بهذا التأخير.
خدعوك فقالوا إن الاقتصاد السويسرى يعتمد على البنوك وغسيل الأموال فقط، فقد قالت لى «أيتن موتلو» الأستاذة بجامعة بازل إن الاقتصاد السويسرى يعتمد على الصناعات والزراعات الصغيرة والمشاريع المتوسطة، ويعيش عليها 90% من المواطنين السويسريين، أما البقية فهى مجموعة محدودة من رجال الأعمال لا تدفع الكثير من الضرائب للدولة، يحتكرون البنوك وشركات صناعة الأدوية وشركات المواد الحافظة الكيميائية المسرطنة التى تصدر منتجاتها لدول العالم الثالث، لدرجة أن شركة أدوية كبيرة تبيع منتجاتها للسويسريين بسعر أغلى من ألمانيا، لأن الشركة تحتفظ بصداقة خاصة مع الحكومة.. ذهبت إلى بازل لإلقاء محاضرة لطلبة الجامعة عن الواقعية فى السينما المصرية وعلاقتها بالثورة، ضمن حدث يحمل اسم «حراك فى شمال إفريقيا» ، وجدت فى الفصل الدراسى المكون من حوالى 40 طالبا وطالبة، شغفا واهتماما بمصر بعد الثورة، قاموا بعمل أبحاث وقدموها فى المحاضرة عن مصر منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وحتى عهد المخلوع مبارك، وضعوا على «السبورة» صورًا لعبد الناصر والسادات، وصورة كاريكاتيرية لمبارك مكتوبًا عليها بالفرنسية«لافاش كيرى» أو « البقرة الضاحكة» ، شغفهم بالثورة المصرية فى شيئين الأول سلميتها وثانيا شعار العدالة الاجتماعية الذى يفتقده العالم الآن، فبعضهم يرى أن سويسرا معقل الرأسمالية فى العالم الآن تستعد لتغيير كبير، فقد مل السويسريون من سيطرة طبقة معينة على كل شىء، كانوا مستائين جدا من دهس الأقباط أمام مبنى ماسبيرو واعتبروه لعبة من النظام ورسالة غبية إلى الغرب.
قالت لى إحدى الطالبات هل تريدون أموالكم ؟
قلت لها بالتأكيد: نعم
فقالت: عليكم بالشعب السويسرى وثورتكم قبل كل شىء، فالحكومة هنا تقدم لكم جزءًا وليس الحقيقة كاملة، والاعلام لن يساعدكم فى شيء لأنه ملك لطبقة يكرهها الشعب السويسري، ومكاتب المحاماة لن تفيد بشيء طالما ليست هناك رغبة سياسية فى استعادة الأموال المفقودة، عليكم بعمل حملات توعية للسويسريين لتوضحوا لهم قضيتكم، فنحن لا نأبه بوجود هذه الأموال فى بنوكنا لأننا لا نستفيد منها شيئا، وحكومتنا تخاف منا إلى حد ما، خاصة أن لدينا انتخابات خلال الأسابيع القليلة المقبلة.. فى جامعة بازل التى يبلغ عمرها 549 عاما والتى كان فيها الفيلسوف والشاعر الألمانى الكبير «نيتشة» منذ مئات السنوات، وجدت طلبة فى منتهى الجدية ونظاماً تعليمياً مختلفًا تماما عن مصر، فلا يوجد شىء اسمه كتاب دراسى بل يعتمد الطلبة على الأبحاث والأفكار طوال الوقت، وتدفع الدولة للطالب الواحد 100 ألف فرنك مصاريف تعليمه، ويدفع الطالب منها فقط 1400 فرنك فى العام ضريبة على المبلغ الذى تصرفه عليه الدولة، وهو مبلغ قليل بالنسبة لمتوسط الدخل فى هذا البلد الغنى ، وهو مبلغ بسيط أيضا بالنسبة للعاطل عن العمل الذى يحصل من الدولة على ألفى فرنك فى الشهر بدل بطالة، بالإضافة إلى بطاقة شراء طعام من السوبر ماركت تتراوح ما بين 500 إلى ألف فرنك فى الشهر، أما التعليم فمنذ الحضانة وحتى الثانوية العامة مجانا بنسبة مائة فى المائة، وتتكفل الدولة بمبلغ 635 فرنكًا شهريا مصاريف التأمين الصحي، يدفع منها صاحب العمل حصة والضرائب العامة حصة أخرى والموازنة العامة للدولة حصة ثالثة، حتى يحصلوا جميعهم على تأمين صحى فى أكبر مستشفيات العالم مجانا.
حتى رأسمالية سويسرا التى يكرهها أبناؤها تمثل بالنسبة لنا حلمًا لم نصل إلى تحقيق نصفه حتى الآن