الجيش الليبي: هذا ما يجري على الأرض
أكد العقيد أحمد أبو زيد المسماري الناطق الرسمي باسم هيئة أركان الجيش الليبي لـ«الشرق الأوسط» أن الجيش يحقق ما وصفه بـ«انتصارات عسكرية» على الأرض في مدينة بنغازي بشرق البلاد في مواجهة الجماعات الإرهابية، خصوصا تنظيم أنصار الشريعة وما يسمى بمجلس شورى ثوار بنغازي الذي يضم خليطا من المقاتلين المتشددين والأجانب.
وأضاف المسماري في تصريحات عبر الهاتف لـ«الشرق الأوسط»: «نعم، هناك تقدم بطيء بسبب ازدحام المدينة بالسكان، والجيش لا يريد أي استهداف للمساكن وللممتلكات العامة أو الشعب في بنغازي». وتابع: «نريد تدمير القدرات العسكرية لهؤلاء المتطرفين من الخارج، الخطة بنيت على التقدم البطيء والهادئ».
ووصف الوضع العسكري أمس في بنغازي بأنه هدوء حذر مع وجود قصفات بصواريخ الجراد في قنفودة التي يوجد فيها تنظيم أنصار الشريعة والذين تم دحرهم إلى منطقة القوارشة.
وفي ما يتعلق بمحور ككلة وورشفانة الذي يبعد نحو 25 كيلومترا جنوب غربي العاصمة طرابلس، أوضح الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي أن العمليات العسكرية للجيش تتركز حول منطقة العزيزية التي تعتبر بمثابة عاصمة ورشفانة وحول منطقة الزهراء داخل ورشفانة وصولا إلى منطقة المعمورة. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المناطق بالكامل فيها اشتباكات تزداد حدة في الزهراء، لكن في ككلة الاشتباكات خفت قليلا بعدما تمت عمليات عسكرية للجيش واعتقال عادل دعاب أحد القيادات الكبيرة في الجماعات الإرهابية». وكشف النقاب عن أن رتلا مكونا من مائة سيارة انطلق أمس من مصراتة إلى مدينة سبها التي تشهد اشتباكات وصفها بالطائفية بين قبائل التبو والطوارق. وقتل أمس 8 أشخاص على الأقل في أعمال عنف متفرقة في مدينة بنغازي، بينما تستمر المواجهات العنيفة في المدينة، حيث أكدت مصادر طبية أن الاشتباكات التي اندلعت منذ الأربعاء الماضي أوقعت 83 قتيلا. وقال مصدر في مركز بنغازي الطبي لوكالة الصحافة الفرنسية إن المركز «استقبل منذ ساعات الصباح الأولى أمس 8 جثث لأشخاص قتلوا في أعمال عنف متفرقة واغتيالات شهدتها مدينة بنغازي». وتعتبر بنغازي الأكثر اضطرابا في بلد تعمه الفوضى وتسيطر عليه الميليشيات منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي الذي مرت أمس الذكرى السنوية الثالثة على مقتله بعد نزاع دام 8 أشهر في 2011 لإسقاطه.
من جهة أخرى، أجّلت أمس وللمرة الثانية على التوالي المحكمة الدستورية العليا في ليبيا حكمها لحسم الجدل القانوني حول مدى مشروعية انعقاد مجلس النواب بمقره المؤقت في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي بدلا من العاصمة الليبية طرابلس، إلى الخامس من الشهر المقبل.
إلى ذلك، شن بشير الكبتي المراقب العام للإخوان المسلمين في ليبيا هجوما حادا على عبد الله الثني رئيس الحكومة الانتقالية الذي بدأ في المقابل زيارة عمل رسمية إلى مالطا تستغرق ثلاثة أيام وفقا لما أبلغه مصدر مسؤول في مكتب الثني لـ«الشرق الأوسط».
وانتقد الكبتي بشدة تصريحات الثني التي قال فيها إن «قوات فجر ليبيا هي الذراع العسكرية لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا»، وقال في المقابل لوكالة الأنباء الألمانية: «ليس للإخوان المسلمين في ليبيا أي ذراع عسكرية.. ونحن بالأساس لا نعتد بكلام السيد (الثني) لأنه يعتبر خارج التغطية، فهو لا ينقل الأحداث بصدق وأمانة المسؤول عن حكومة الشعب الليبي».
ورأى الكبتي أن اللواء خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي في مدينة بنغازي أصبح مسيطرا ليس فقط على مجموعات عسكرية تخضع لإمرته وإنما أيضا، وهو الأهم، على المسار السياسي بالبلاد عبر فرضه ما يراه من شروط وإملاءات على مجلس النواب والحكومة الليبية الراهنة. وقال: «سيطر الفاشل الأول، وهو السيد (حفتر) على المسار السياسي من خلال إملاءات على مجلس النواب وما نتج عنه من حكومة ثبت فشلها أيضا بامتياز في المرحلة الماضية». واعتبر أن حفتر لا يمثل الشرعية، مضيفا: «الحكومة إذا كانت لها شرعية من مجلس النواب، فالأكيد أن السيد (حفتر) ليس له أي شرعية، وإنما هو من مراكز القوى التي نشأت وفرضت على الحكومة ومجلس النواب أن يكون رئيس غرفة عملياته هو ذاته رئيس أركان الجيش الليبي، وهذه من المسائل التي تدل على التخبط الذي تعانيه الحكومة في هذه المرحلة»، حسب وصفه.
وأضاف: «إذا سمعنا الإعلام المدفوع من الإمارات ومن غيرها ومن قوى الثورة المضادة سنجد أحاديث تتردد عن أن قوات (حفتر) على مشارف طرابلس وعلى مشارف بنغازي، ولكن الذي يعيش بالواقع يجد أن هذا الكلام لا أساس له من الصحة». وتعليقا على النفي الرسمي الصادر من الرئاسة المصرية لأي تدخل مصري في الشأن الليبي، قال الكبتي: «المسؤولون ينفون من جهة والاستخبارات تعمل من جهة أخرى.. المصريون موجودون على الساحة».
وحذر من تأثير ما وصفه بـ«مراهنة مصر على شلة أو مجموعة لها منافع خاصة على حساب الشعب الليبي كله» سلبا على مستقبل العلاقات المصرية الليبية، معربا عن عدم خشيته من كثرة الحديث حول إمكانية تحول ليبيا إلى ملاذ آمن للإرهابيين، وقال: «الإرهاب و(داعش) و(القاعدة) أسماء وتنظيمات يراد منها تمرير مشاريع تسعى لتقسيم المنطقة وضربها وإثارة النعرات الطائفية، كما رأينا بالعراق وسوريا ونراه اليوم ينبت باليمن.. ولكن ليبيا بإذن الله أبعد ما تكون عن ذلك، ونحن ليس لدينا إرهاب».