أحد أبطال تدمير"ايلات": ازعجنّا إسرائيل لأن التفجير في "عقر دارهم وتحت حراستهم"

تقارير وحوارات


اللواء نبيل عبد الوهاب: كبدنا إسرائيل خسائر فاضحة ماديا و معنوياً

اللواء نبيل عبد الوهاب : فيلم الطريق إلى إيلات مختلف عن الواقع تماماَ

اللواء نبيل عبد الوهاب : زميلي استشهد نتيجة تسمم الأكسجين وليس برصاص العدو الإسرائيلي كما ظهر بالفيلم


تشهد مصر اليوم الثلاثاء 21 أكتوبر الإحتفال بذكرى القوات البحرية، التي استطاعت أن تسطر بأحرف من نور اساليب الدفاع البحري في التاريخ العسكري، حيث استطاعت البحرية المصرية في 21 أكتوبر عام 1967 من تدمير مدمرة ايلات الإسرائيلية، بلانشات صواريخ صغيرة، على سواحل بورسعيد، مما غير في معايير وأساليب المعارك البحرية.

وأصبحت خطة الهجوم التي نفذتها البحرية المصرية عام 1967، على مدمرة ايلات يتم تدريسها في أكاديمات الدفاع البحري على مستوى العالم حتى الأن.

وفي ذكرى احتفال القوات البحرية، كان لـ الفجر ، حوار مع اللواء نبيل عبد الوهاب أحد أبطال الضفادع البشرية التي استطاعت أن تربك العدو الإسرائيلي في ذلك الوقت، ويقوم بتنفيذ عمليات استشهادية في عقر دار إسرائيل، بتدمير مدمرات البحرية الإسرائيلية حتى وصل الأمر إلى تحطيم ميناء ايلات... وإلى نص الحوار :-

كيف تم الاستعداد لعمليات تدمير إيلات ؟

كان عمري 21 سنة، ضمن مجموعة كان أكبرهم سناً لديه 24 عام، وكان ذلك عمر الشباب في هذه المرحلة، كنا بنتدرب تدريب قاسي وعنيف، وشعار القوات المسلحة كثيرا من العرق يوفر كثيرا من الدماء .

العملية الأولى لإيلات وزميلي استشهد وقمت بسحبه 14 كيلوا من الميناء وحتى العقبة في الأراضي الأردنية، وذلك بعد عوم لإيلات وبعد زرع اللغم وبالرغم من المجهود كانت لدي الطاقة التى تؤهلنى لفعل ذلك بفضل الله ثم التدريب.


شعورك بعدما شاهدت النيران تلتهم السفن وتدمّـر ميناء إيلات ؟

كان شعوري مختلف ومزيج بين الفرح والحزن، فرحان لنجاح العملية التى كنّا نحلم بها، وحزين لشهادة زميلي، كان نفسي يشوف اللي ايديه عملته تم التفجير ونحن في طريقنا للعودة بمنتصف السكة تقريباً،,، حقيقي أنا كلمته وقلت له : شوف انت عملت ايه ، كان شعور مضاد فرحان وحزين في نفس ذاك الوقت.

حدثنا عن عمليات تدمير ميناء ايلات ؟

نحن قمنا بتنفيذ ثلاثة عمليات ، العملية الأولى في نوفمبر 1969، ودمرنا فيها سفينتين داليا، وهايدروما ، والثانية في فبراير 1970، ودمرنا سفينتين بيت شيفع، وبات يم وهؤلاء ظهروا في فيلم الطريق إلى إيلات، والعملية الثالثة كانت في مايو 1970، وتم تدمير الميناء الحربي في ايلات بالكامل، هؤلاء ثلاث عمليا مختلفة كان بين كل عملية والأخرى ثلاثة شهور، وليس كما ظهر في الفيلم بأنها عملية واحدة.

وما هي الخسائر التى لحقت بإسرائيل من تدمير ميناء ايلات ؟

لقد كبدنا إسرائيل خسائر فاضحة، ليس فقط ماديا ولكن معنوياً ايضاً، إسرائيل كانت منزعجة جدا في ذلك الوقت، لأن الضرب والتدمير كان في عقر دارهم وتحت حمايتهم وحراستهم المشددة للميناء.

إن إسرائل لا تحارب على أرض 48، التي احتلتها ، تحار مصر في سيناء، تحارب سوريا في الجولان، تحارب الأردن في الضفة الغربية، تحارب لبنان في جنوب لبنان، إنما داخل إسرائيل 48، لم تحدث أي عمليات حربية باستثناء عمليات ايلات.

وتلك العمليات كانت بتمثل لإسرائيل إزعاج شديد، لأننا كنا نصل إلى عقر دارهم ، وتؤكد على براعة الجندي المصري الذي استطاع ان يُـكسّـر الشعارات الرنانة التي كانوا يطلقوها على أنفسهم مثل إسرائيل التى لها يد الطولة على أساس إنها استطاعت أن تضرب مدرسة بحر البقر، وأبو زعبل، ويضربوا داخل مصر، فنحن ايضاً ضربنا داخل إسرائيل وتحت حراستهم المشددة، إسرائيل الجيش الذي لا يهزم فنحن هزمناه، فكانت خسائر معنوية بالنسبة لهم وانتصار وفوز معنوي بالنسبة لنا، الشعب قبل الجيش.

وماذا عن معنويات الجيش المصري في ذلك الوقت بعد 1967؟

الجيش كانت معنوياته في ذلك الوقت منخفضة مش بسبب الهزيمة في 67، ولكن لأنه لم يأخذ فرصته في الحرب، لم نقدم شئ، وأول ما سمحت الفرصة وأخذنا فرصتنا في الحرب، انتصرنا على إسرائيل، وعملية رأس العش كانت بعد الحرب بـ 15 يوم، 21 أكتوبر 1973.


كيف بدأت القوات البحرية الدخول في المعارك الحربية ؟

بعد هزيمة يونيو 67، بـ 4 شهور في 21 أكتوبر، كانت عملية تدمير المدمرة ايلات الإسرائيلية على سواحل بورسعيد، بلانشات الصواريخ المصرية محدودة التسليح.

حيث وقفت البحرية المصرية في وش الغطرسة والاستفزاز الاسرائيلي وغيرت في الفكر العسكري العالمي، ورفعت الروح المعنوية للجيش والشعب المصري بعدما دمرت وأغرقت مدمرة كبيرة بوحدات بحرية صغيرة لأول مرة في تاريخ القوات البحرية في العالم، وأصبح ذلك التاريخ 21 أكتوبر عيداً للبحرية المصرية.

ما وجه الإختلاف بين فيلم الطريق إلى إيلات وبين الواقع الذي قمت به ؟

الشئ الأساسي أن الفيلم أظهرها عملية واحدة، بينما في الحقيقة هي ثلاث عمليات، منفصلين عن بعض بين كل عملية والأخرى قرابة الثلاث شهور، وحتى الأهداف ظهر في الفيلم أنهم مدمرتين، ونحن أغرقنا أربع مدمرات، اثنين في العملية الأولى، واثنين في العملية الثانية، وتدمير رصيف الميناء بالكامل في العملية الثالثة.

ومن ضمن اختلافات الفيلم والواقع، الفيلم أظهر أن الجنود الإسرائيلية قاموا بضرب النار فاستشهد، وهذا مخالف للواقع تماماً؛ لأنه لو تم إطلاق نيران علينا فبالتالي تم اكتشافنا وفشل العملية، ولكن الواقع أنها حادثة من حوادث الغطس، يُمّكن أن تحدث أثناء التدريب، وهي تسمم أكسجين وتحدث عندما يغطس الشخص بأكسجين صافي على عمق أكثر من 5 أو 7 متر.

لماذا قام بالغطس لعمق أكبر من المسموح به ؟

السبب في الغطس لعمق أكبر من المسموح به، كان على جوانب المركب بلادوسات إضاءة تكشف الماء بالإضافة إلى أن الماء صافي بشكل شديد، لدرجة أنني كنت أشاهد الجنود الإسرائيلية وهي تـمُّـر على سطح المركب، وإذا انتبه أحد منهم إليّ سيشاهدني كما أراه، فوجب علينا أن نغطس لعمق أكبر من المسموح به، وهذا يسبب تسمم الأكسجين .

وبالرغم من شعوره بـ تسمم الأكسجين واحساسة أنه سيفارق الحياة استمر في تنفيذ المهام المكلف بها، وكنا نقوم بتركيب اللغم في أجزاء السفينة، أنا قمت بتركيب اللغم الخاص بي في منتصف المركب ما تخيلت أنه مثلاً مخزن ذخيرة، وهو كان بيركب اللغم الخاص به في أخر المركب ما تخليت أنه غرفة الماكينات، بحيث نضمن غرق المركب.

وهو ذاهب من منتصف المركب إلى المؤخرة، شعر بالحادثة ولكنه أصر على استكمال المهمة الخاص به، ومتلعش على وش الماء لتجديد النفس، ولكن ظل يقوم بتركيب اللغم وضبط التايمر وشد الفتيلة، ثم شاور لي بأنه مش قادر وخلال ثواني طلعنا إلى سطح الماء كان استشهد رحمه الله.


وماذا بعد تنفيذ ونجاح تلك العمليات .. ورد فعل إسرائيل ؟

كانت ذلك بمثابة ازعاج لإسرائيل، فعقب تنفيذ العملية الثانية، تم استجواب الوزير الحربي الإسرائلي موشية دايان في الكنيست، وقالوا له بالمعنى : إن الضفاضع البشرية المصرية بيدخلوا ويخرجوا في مياه إسرائيل وانتم مش قادرين عليهم والا ايه؟ .

حدثنا عن الأخطار التي كانت تواجهكم أثناء تنفيذ العمليات ؟

لا توجد أخطار لأننا هدفنا تنفيذ ونجاح العملية على أكمل وجة، وأتذكر في العملية الأولي وأثناء عودتنا تم إلقاء علينا ألغام من جانب الجنود الإسرائيلية، وسمعت انفجار عبوتين منهم، ولكن لم تصيب أحد منّا بفضل الله.

ومن ضمن تشديد الأمن الإسرائيلي جعل شِبّـاك ضخمة لعمق كبير تحت الماء أسفل ميناء إيلات، حتى لا تستطتيع الضفادع البشرية المصرية التسلل لميناء ايلات مرة أخرى، ولكننا أستطعنا من تنفيذ عملتين بعد ذلك، وكان يتم تفجير لغم كل دقيقتين في الماء وعدنا سالمين.

كيف استطعتم العبور من تلك الشِبّـاك وتنفيذ العملية الثانية والثالثة ؟

الجندي المصري يفوت في الحديد ميهموش أي حاجة ، ونحن كنا نعمل في الليل، وبالرغم من وضع الشِبّـاك الضخمة أسفل ميناء ايلات، وكان يتم فتح الشباك لعبور السفن إلى الميناء في الصباح، ويتم غلق الشِبّـاك مرة أخرى عقب دخول السفينة إلى الميناء في المساء.

ومن ضمن الاستحكامات الأمنية الإسرائيلية صدر أمر بعدم انتظار السفن في الميناء ليلاً، بحيث تأتي في النهار وتقوم بالتحميل والتفريغ ثم تنطلق إلى قبلتها.

استطعنا العبور في النهار أثناء مرور السفن إلى ميناء ايلات، ونجحنا في زرع المتفجرات داخل الميناء، وتم زيادة وزن المواد المتفجرة من 50 كيلو إلى 125 كيلو لغم شديد الإنفجار اوكسجين، بدلاً من تي إن تي ، ونضع المواد المتفجرة في القاع وضبط التايمر على 12 ساعة للانفجار لما تيجي المراكب في اليوم التالي يضرب فيها اللغم ، مهما عمل بنستطيع أن نصل له.

كان ذلك حوار مع اللواء نبيل عبد الوهاب أحد أبطال الضفادع البشرية الذين شاركوا في تدمير ايلات، وصناعة الإنتصارات المجيدة التي سجلها التاريخ، من أجل أن يظل إسم مصر عالياً يحلق في السماء.