26 عاما على أشرس معركة دبلوماسية بعودة طابا "مصر رجعت تاني لينا"


محمد الصياد

تقع طابا على رأس خليج العقبة بين سلسلة جبال وهضاب طابا الشرقية من جهة، ومياه خليج العقبة من جهة أخرى، وتبعد عن مدينة شرم الشيخ حوالي 240 كلم جنوب طابا، وتجاورها مدينة إيلات، وتمثل المنطقة الواقعة بين طابا شمالا وشرم الشيخ جنوبا أهم مناطق الجذب والتنمية السياحية بجنوب شبه جزيرة سيناء.

وعانت مدينة طابا مشكلات عديدة منذ الحكم العثماني لمصر كونها نقطة الالتقاء بين قارتي أسيا وإفريقيا، وبدأت أول مشكلة لطابا في القرن التاسع عشر عندما أصدر الخليفة العثماني عبد الحميد الثاني فرمان يحرم مصر من أى وجود على خليج العقبة، ما أثار قضية عرفت باسم قضية الفرمان ، انتهت بتراجع الباب العالى وبالاتفاق على حدود واضحة لمصر من الشرق تقع من نقطة شرق العريش أو رفح إلى نقطة تقع على رأس خليج العقبة، وكان هذا القرار رغبة من الخليفة في حرمان الاحتلال الأنجليزي من أي تواجد علي خليج العقبة.

وعادت طابا للظهور مرة أخرى في عام 1906، حين قررت الدولة العثمانية وضع عدد من الجنود ومدفعين على رأس طابا، مدعية أن طابا ملكا لها إلا أنها اضطرت أيضا إلى التراجع وإخلاء الموقع، وقرر الاحتلال الأنجليزى وضع حدود مرسومة ومعترف بها دوليا لمصر التي كانت بالطبع تشمل طابا والمنطقة المطلة عليها من البحر.

ومع الاحتلال الإسرائيلي لشبه جزيرة سيناء، وقعت طابا تحت الاحتلال ضمن سيناء كلها، وبقيام حرب أكتوبر 1973 وبدء مفاوضات فض الاشتباك وإقرار انسحاب إسرائيلي من سيناء بقي الاحتلال في طابا، مدعياً أنها جزء من اسرائيل لتخوض مصر حربأ من نوع جديد، ولكن في المحافل الدولية ومنازعات التحكيم قامت الدبلوماسية المصرية بإعادة طابا إلى الوطن مرة أخرى.

ولجأت مصر إلى التحكيم الدولي بعد فشل كل السبل في عودة طابا بالمفاوضات المباشرة، وبالفعل قامت مصر بتكوين وفد لخوض هذه المعركة الدبلوماسية، وتكون الوفد من أساتذة في القانون الدولى والجغرافيا والتاريخ وهم: الدكتور نبيل محمد عبدالله العربي، الأمين العام الحالي لجامعة الدول العربية، والمستشار محمد فتحي نجيب، والسفير أحمد ماهر محمود السيد، والدكتور مفيد شهاب، والسفير مهاب مقبل، ومحمد أمين العباسي، والسفير أحمد أمين فتح الله، والسفير وجيه سعيد مصطفى، واللواء أركان حرب متقاعد أحمد خيري الشماع، واللواء محمد كامل الشناوي، والسفير محمود أحمد سمير.

وشارك أيضًا الدكتور أحمد صادق القشيري، والدكتور جورج ميشيل جورج، وصلاح الدين محمود فوزي، وكمال حسن على وزير الدفاع الأسبق في الفترة من 1978 حتى عام 1980، ومحمد طلعت الغنيمي، ويونان لبيب رزق، ومحمود محمد جمعة، والدكتور سميح أحمد صادق، وحامد سلطان أستاذ القانون الدولي، ووحيد رأفت رئيس حزب الوفد المعارض للحكومة آنذاك، واللواء عبد الفتاح محسن مدير هيئة المساحة العسكرية الأسبق، وعمل هذا الوفد منذ اللحظة الأولى على تحضير كل الأوراق والخرائط اللازم لإثبات حق مصر في طابا.

وقام الوفد بإحضار خرائط من تركيا تعود للعام 1906 وخرائط ترسيم الحدود المصرية في عهد الدولة العثمانية والتي تؤكد علي وجود طابا ضمن الحدود المصرية، وبدأت المحكمة الدولية بعضوية 5 محكمين أحدهم من مصر والأخر من اسرائيل والباقين من جنسيات مختلفة في بحث القضية المقدمة لمصر، وعملت المحكمة على دراسة الحدود المصرية وفق خرائط الدولة العثمانية والحدود الفلسطينية منذ أن كانت تحت الانتداب البريطاني، وهو ما مكن المحكمة في 29 سبتمبر 1988 من الحكم لمصر بأحقيتها في استعادة طابا وأنها جزء من الحدود المصرية .

وكعادة اليهود رفضت إسرائيل الحكم وامتنعت عن تنفيذه إلى أن توصلت مصر لاتفاق يقضي بدفع تكلفة الفندق الذي بنته إسرائيل في طابا والتي بلغت وقتها 37 مليون دولار وبالفعل وافقت مصر لتعود طابا مرة أخرى للسيادة المصرية .