"السيسي" في عيون الإسلاميين بعد مرور 100 يوم من حكمه


رباب الأهواني



قيادي بالسلامة والتنمية: السيسي جاب من الآخر

سياسي أمريكي: لا سبيل لحل مشكلة الإسلاميين

مفكر إسلامي: السيسي لم يتعلم الدرس وإقصاء الإسلاميين عن السياسة أثبت فشله

لا تهاون ولا مهادنة مع من يلجأ إلى العنف و أتطلع إلى عهد جديد يقوم على التصالح والتسامح، باستثناء من أجرموا في حقه واتخذوا من العنف منهجا .. كانت هذه هي الكلمات الأولى التي وعد وتوعد بها الرئيس عبد الفتاح السيسي في أول خطاب له بعد توليه منصب رئيس الجمهورية في الثامن من يونيو عام 2014.

ومع وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى أول 100 يوم من عمر حكمه، يمكننا طرح السؤال الذي بات يؤرق الكثيرين وهو ..كيف تعامل السيسي مع الأزمة التي تمخضت عن الـ30 من يونيو؟ وهل نجح في طرح سبل وحلول حقيقية وواضحة للمصالحة الوطنية مع إسلامي الداخل أم أنه سلك الطريق الخطأ؟ وما هو المصير إذا استمرت سياسته على نفس المنوال؟

الفجر ترصد آراء خبراء سياسيين وباحثين في الفكر الإسلامي حول منهج الرئيس في تعامله مع المنادين بالشرعية خلال الـ 100 يوم الأولى من حكمه...

صدام كلي

قال عمرو عبد المنعم محلل سياسي وباحث في الحركات الإسلامية ورئيس لجنة الإعلام بحزب السلامة والتنمية في تصريحات خاصة لـ الفجر ، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي قد تعامل منذ إرهاصات 30 يونيو بطريقة أشبه بطريقة الرئيس جمال عبد الناصر في بداية ثورة يوليو 1952م، وهذه المرحلة التي لم يصل إليها مبارك وحكمه خلال الثلاثين عاما إلا في مراحل متأخرة، وهي مرحلة الصدام الكلي المباشر، لافتًا إلى أنه مر الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك بمراحل عديدة في التعامل مع الحالة الإسلامية؛ حيث استعمل المرحلة الناصرية، والمرحلة الساداتية، واستعمل مرحلة أطلق عليها المراقبون المرحلة المباركية التي اتسمت بالإقصاء والسجن والتشريد، واعتمد مرحلة الموائمة والمصالحة وهي المرحلة الساداتية، واعتمد مرحلة خاصة به وهي مرحلة الإدماج الجزئي، فلم يحاول مبارك أن يقضي على معظم الجماعات الإسلامية، واعتمد على منهج الإقصاء للجماعات المسلحة فقط والتكفيرية على وجه الخصوص، وكان له جهاز أمني يتعامل في غاية الدقة مع هذه المسائل حتى قيل إنه لم ينجح في شيء إلا في إدارة جهاز أمني بشكل رفيع المستوى.

وتابع: كان مبارك يدرس أفكار وتصورات الحالة الإسلامية الكلية ويقال إن من ساعده على ذلك هو سعد الدين إبراهيم في دراسة أجراها عام 1979 على الحالة الإسلامية، نُقلت عن طريق المجلس القومي للبحوث الجنائية إلى مبارك الذي درسها بعمق، وكانت نبراساً وهدياً له في دراسته لتيارات العنف السياسي الإسلامي، هذه هي خبرة التاريخ المعاصر التي لم يستطع الرئيس عبد الفتاح السيسي الاستفادة منها، وقام بحرق جميع المراحل التي مر بها النظام الناصري والساداتي والمباركي، أي جاب من الآخر .

وأكد: السيسي جاب من الآخر مع الإسلاميين؛ فهو لم يستفد من تجربة أجهزة الأمن السابقة وتجربة التاريخ في المبادرات والمصالحات ولم الشمل، ولم يستفد أيضا من الفترة الأخيرة التي كانت بداية ثورة 25 يناير، والتي أدت إلى احتقان الحالة السياسية في مصر، واستغلها بعض الإسلاميين لركوب الموجة الثورية وأقصد هنا بالتحديد الإخوان المسلمين .

واستطرد: السيسي حرق جميع المراحل، والإسلاميون سيتشكلون بفعل هذه الضغوط من جديد، وبتقديري أن ظهور داعش قضت على الإسلام السياسي التقليدي حيث أصبح هناك بديلا قويا وأرض محضن يلجأ إليها جميع عناصر الإسلاميين، وهنا يكمن الخطر .

وتوقع عبد المنعم أنه إذا استمر السيسي في هذا الطريق سوف ينتج جماعات أشد تطرفا وأكثر مواجهة للدولة، فقد شهد التاريخ أنه عندما قضي على جماعة الإخوان في الستينات خرجت جماعة التكفير والهجرة ، وعندما ضربت الجماعة السلفية في السبعينات خرجت جماعة الجهاد ، وعندما ضربت جماعة الجهاد في الثمانينات خرجت جماعة الشوقيين والناجون من النار الأشد تكفيرا، ولما ضرب نظام الإخوان في الحكم خرجت جماعة داعش متسائلا: ما هي الجماعة الأكثر عنفا بعد ضرب جماعة داعش؟! .

سياسة انقلاب

ومن جانبه، قال شهيد بوليسين محلل سياسي أمريكي في تصريحات خاصة لـ الفجر : إن منهج السيسي تجاه الإسلاميين هو استمرار ومتابعة لنفس نمط الانقلابات العسكرية في التاريخ, وبالأخص تطهير المعارضة السياسية وإقصائهم من المشاركة ، على حد قوله.

وأوضح بوليسين، قائلاً: في وضع مصر, المعارضة تتألف بشكل رئيسي من الإسلاميين, وأكبر حزب منظم إسلامي هو الإخوان المسلمين, ولذلك ركز السيسي على القضاء عليهم بالحبس والإبعاد وكذلك القضاء عليهم من المشهد العام من خلال الدعاية المضللة والرقابة وشيطنتهم في الإعلام ومحاولة تشويه سمعتهم بكل طريقة ممكنة .

وتابع بوليسين: لقد طبق السيسي في سياسته خلال المائة يوم السابقة من حكمه نفس سياسيات الانقلابات في الماضي من قمع وخدمة مصالح التجارة الدولية ومصالح النخبة المحلية في مصر .

وتوقع بوليسين أن السيسي سيواصل نفس النمط الذي اتّبعه الآخرون، موضحا أن ذلك سيقود حتما إلى المزيد من القمع, المزيد من الإصلاحات الليبرالية الجديدة, والمزيد من إقصاء الشعب من العملية السياسية.

وأوضح: إذااتبع الإسلاميين نمط التشيليين والأندونيسيين والهاييتيين وغيرهم من الذين عانوا من الأنظمة القمعية المماثلة، سيعني ذلك بالأساس تنوع درجات الفتنة والعنف العشوائي لعقود قادمة، والفتنة ستكون في مصلحة النظام الذي سيفرض بدوره المزيد من التضييقات الأمنية والمزيد من الإجراءات المضادة للديمقراطية تحت ذريعة حالة لا طوارئ، أما إذا تعلم الإسلاميون الدرس من التجارب السابقة للشعوب المظلومة بدلا من مجرد إعادة تجاربهم, وتمكنوا من تطوير استراتيجيات معارضة جديدة في سعيهم للديمقراطية, فإن هذا النمط قد يتحطم. لكنها ستكون عملية طويلة الأمد .

أزمات مركبة

ومن جانبه، قال محمد فتحي النادي، خبير في الفكر الإسلامي في تصريحات خاصة لـ الفجر ، الإسلاميون على مستويين: شعبي ورسمي، يتمثل الشعبي في الإخوان والسلفيين والجماعة الإسلامية، أما الرسمي فيتمثل في الأزهر والإفتاء والأوقاف والصوفية إلا أن السيسي استقطب الفئة الثانية، واستطاع أن يبث الفرقة بين الفئة الأولى .

وتابع: حاول السيسي شيطنة الإخوان ورميهم بالإرهاب والتطرف والعنف، رغم أنه الذي يملك السلاح والقوة، وتوسع في القتل والتنكيل على غير مثال سابق؛ ما جعل كثيرا من أتباع السلفية التي يؤيد مشايخها السيسي تستشعر الحرج؛ فاهتزت ثقة الأتباع في القادة والمشايخ؛ حيث وجدوا الممالأة الصريحة، أو السكوت على الدماء التي تسيل صباح مساء .

وأوضح: صنع السيسي أزمات مركبة سياسية واقتصادية ومجتمعية، وتصدر غلاة العلمانيين واليساريين وتهجمهم على الإسلام وشعائره وثوابته، كما أوجد حالة من التبرم والضيق، إلا أن القبضة الأمنية الخانقة لا تترك لهم التنفيس عما في صدورهم؛ فاليساريون والعلمانيون لا يهاجمون الإسلام السياسي أو الإخوان، بل يهاجمون الإسلام بثوابته ومظاهره، وهذا يمثل استعداء لطوائف أخرى غير مؤدلجين، ولا ينتمون لأي فريق إسلامي .

وأكد النادي: اشتراك السيسي في محاربة ما يسمى بالإرهاب، وتحالفه مع الأمريكان هو مسمار في نعشه، وعليه أن يتعلم ممن سبقوه أمثال برويز مشرف أو المالكي؛ حيث لم يحمهم الأمريكان من غضب شعوبهم وإقصاء الإسلاميين عن السياسة أثبت فشله، فعلى السيسي أن يتعلم الدرس .